"الخوف" من عدوى "كورونا" يولد تنمرا بين الطلبة.. وانتكاسات نفسية للمتعافين!

تنمرا بين الطلبة
تنمرا بين الطلبة
ديما الرجبي* في ظل العودة الحذرة الى المدارس وتكثيف محاضرات التوعية الصحية للطلبة لتمكينهم من التعاطي مع ظاهرة تفشي كورونا والحد من التقاط أو انتشار الفيروس بينهم، تختلط التحذيرات بمفاهيمها لدى أبنائنا وذلك بسبب تولد الخوف لديهم من إصابتهم بالمرض، وهو ما يدفعهم للتنمر، خاصة على الحالات التي تعافت من كورونا أو يشتبه بإصابتها. يحرص الآباء على ترسيخ مفاهيم الوقاية لدى الأبناء وهو المطلوب في هذه المرحلة الحرجة حفاظاً على صحتهم، ولكن يجب أن يتم الفصل بين الحرص والهلع الذي يولد تصرفات عدائية مع البيئة المحيطة بسبب الرغبة في الحماية. لذلك وجب على كل أسرة تهيئة ابنها عبر إقناعه بتقبل فكرة أنه قد يكون أحد المصابين بـ"كورونا" وعليه التحلي بالثقة بالنفس وإبلاغ الإدارة في حال تعرضه للتنمر من قبل زملائه، وتوعية الأبناء غير المصابين بأهمية احترام مشاعر زملائهم المتعافين أو المرضى. لا يقتصر التنمر على إيذاء الطلبة الذين يعتقدون بأنهم مصابون بالفيروس بل يتعدى الى المضايقات التي تلاحق الطلبة المتعافين منه، خاصة عند عودتهم الى مقاعد الدراسة بشكل اعتيادي، وتتنوع أشكال التنمر بين الالكتروني واللفظي والجسدي أحيانا. لذلك، دعت الضرورة الى تخصيص جزء من حصص التوعية الصحية للحديث عن هذه القضية التي تسبب لمرضى كورونا المتعافين نوبات قلق وخوف ينتج عنها انسحاب مجتمعي ورفض للتوجه الى المدرسة، وأيضاً تسبب توترا وهلعا لمن تتشابه أعراض الانفلونزا لديه بفيروس "كورونا". يجب البدء بتوعية الطلبة بإمكانية إصابتهم دون استثناء -لا قدر الله- وهو ما يستدعي التعاطي مع هذا الواقع والتعايش معه من دون إقصاء اجتماعي للذين يصابون به، يجب تبصير الطلبة للطرق المثلى للتعامل مع زملائهم المتعافين وإدراج لائحة عقوبات تمنع مثل هذه التصرفات للحفاظ على البيئة المدرسية الاجتماعية صحية نفسياً وإنسانياً. تجريد مصاب كورونا من إنسانيته والبدء بالتعامل معه بطرق مؤذية يعني تمزق النسيج الاجتماعي، خاصة أن هذه الجائحة الغامضة ولدت أشكالا مؤلمة من التنمر، وهو ما دفع العديد من منظمات الأطفال للتحذير من التمييز العنصري لدى تلاميذ المدارس ولفتت إلى أهمية شرح الحقائق المحيطة بتفشي كورونا للتلاميذ وتوضيح أن اندلاع المرض لا يبرر التمييز العنصري. كورونا سينتهي قريباً، وهو واقع حال جميع الأوبئة، ولكن ما سيخلفه على حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية سيتفوق على خطورة هذا الفيروس، وهو ما أشار له الكاتب مارك لونغلي؛ حيث قال "لقد أصاب فيروس كورونا أكثر من مجرد الضحايا الذين أصيبوا به، فقد اتضح أن الأعراض المشابهة للانفلونزا والعزلة الذاتية ليست النتائج الوحيدة للفيروس لأنه يمكن أن يحولك الى متنمر وعنصري"، مضيفاً أنه قد لا يستغرق الأمر كثيرا حتى تختفي قشرة الأدب الرفيعة لدى العديد من الناس، مؤكداً أنه حين تكون هناك ملامح تهديد مؤكدة للبشرية يظهر الجانب المظلم من أنفسنا. وهو ما نخشى تولده لدى هذه الأجيال التي ستصطدم بطبيعة الحال بظروف مختلفة، لذلك يجب الحرص على زرع ما أمكن من الصفات الإنسانية وأن لا ندع الخوف هو المهيمن على سلوكياتنا وسلوكيات أبنائنا حتى لا تصبح عادة التنمر جزءا من دفاعهم عن أنفسهم، وهو ما سيكبدهم فاتورة أخلاقية باهظة مستقبلا، فلا حصانة لأحد من هذا الفيروس. على المدارس إدراج هذه القضية ضمن محاضرات التوعية ومراقبة سلوكيات الطلبة وطمأنة المتعافين العائدين للمدارس ومتابعة شكواهم وبث الثقة في نفوسهم حتى لا تبدأ الانتكاسات النفسية التي تؤثر على تحصيلهم الأكاديمي وثقتهم في محيطهم. *كاتبة متخصصة في مجال قصص الأطفال ومدربة صعوبات تعلماضافة اعلان