الدعوة الملكية للإصلاح.. هل تربك مجلس الأمة؟

مبنى مجلس الأمة بمنطقة العبدلي بعمان - (أرشيفية)
مبنى مجلس الأمة بمنطقة العبدلي بعمان - (أرشيفية)

جهاد المنسي

عمان- من جديد، يتحدث جلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقائه شخصيات سياسية، عن ضرورة السير بجدية وشفافية في الإصلاح، وينوه إلى أهمية أن يترافق ذلك مع برامج واضحة الأهداف، محددة زمنيا بمخرجات يلمس أثرها المواطن.اضافة اعلان
الكلام الملكي حول الإصلاح وما قيل في الموضوع خلال اللقاء، جاء في أكثر من مناسبة، وعبر لقاءات مختلفة، وهذا يعني لكل من يريد أن يرى بوضوح أن الأمور لن تبقى بهذا الشكل الرمادي، واللافت ان جلالة الملك في هذه المرة، أشار لأهمية وضع برامج زمنية لإنجاز القوانين والمشاريع وغيرها، وهي رسالة للحكومة بان عليها عدم البقاء في المنطقة التي اختارتها حاليا، والاشتباك الإيجابي مع الجميع، للخروج بتصور واضح وتقديم خطة ورؤية زمنية توضع بين يدي الملك.
التعريج الملكي حول وضع خطة زمنية تستنهض الحكومة، بعدم الاكتفاء بتقديم قانون البلديات لمجلس الأمة، وبل وحضها على إنجاز باقي قوانين الإصلاح (الأحزاب والانتخاب)، وبالتالي فان ذاك يعني أن على الحكومة المبادرة لوضع تصور وآلية لذلك، وتقديم رؤى وفتح حوارات معمقة مع الجميع، ومنح الأحزاب دورها الحقيقي واستبعاد أي فكر اقصائي، يحبذه هذا الطرف أو ذاك.
كلام رأس الدولة، بحضور شخصيات سياسية ووزراء ونواب سابقين وقادة رأي وفكر، تزامن مع قرب انتهاء الدورة غير العادية لمجلس الأمة الـ19، والتي تنتهي دستوريا في العاشر من شهر حزيران (يونيو) الحالي، وهذا يعني بان المجلس لم يتبق أمامه سوى جلسة أو اثنتين على أكثر تقدير، وبعدها يتعين انتظار عقد دورة استثنائية للمجلس النيابي، لذا جاء الحديث الملكي في حينه ووقته وساعته، بخاصة ما تعلق بأهمية وضع برامج زمنية، وهذا لا ينطبق فقط على قوانين الإصلاح والانتخاب الذي لا يحتاج لأكثر من شهرين على أبعد تقدير لإقراره، بل يأتي لحث الحكومة على تنفيذ رؤى، جرى الحديث عنها، بخاصة ما يتعلق بالمشاريع الاقتصادية الكبرى والتسريع في إنجازها عبر برنامج زمني معلوم.
الدورة غير العادية لمجلس الأمة، تعد أنفاسها الأخيرة، والمتوقع بان يذهب النواب لأكثر من دورة استثنائية، وان كانت الأمور غير واضحة حتى الآن، بيد أن الواضح بان المجلس عليه الشروع بحوار موسع حول قانون البلديات الذي بات بعهدته، فالمؤمل ان يستثمر النواب انتهاء الدورة حتى يذهبوا باتجاه فتح حوار موسع حول القانون، وبعد ذلك يمكن عقد دورة استثنائية تتضمن قانون البلديات وبعض القوانين الأخرى الأكثر الحاحا والتي يتطلب اقرارها.
اذن عمليا، يتوقع بان يطلق النواب صافرة حواراتهم بعد العاشر من الشهر الحالي، وهذا يتزامن مع انتهاء الحوارات التي فتحها رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز.
الفايز التقى على مدار أسابيع متتالية، فاعليات سياسية وحزبية ونقابية ووزراء ونواب واعيان سابقين ورؤساء بلديات وشخصيات عشائرية ولجان مخيمات، وينهي تلك اللقاءات في الثلث الأول من الشهر الحالي.
اللقاءات والحوارات التي فتحها الفايز، استمع فيها لوجهات نظر مختلفة ورؤى لجهات متعددة، مؤكدا فيها أهمية وضع استراتيجية شاملة للتحديات، وان الأردن يحتاج لقانون انتخاب يتوافق مع الثقافة الأردنية، وينهي الجهوية والفئوية، والتركيز على الأحزاب لتكون نواة لتطوير الحياة السياسية، وتقوية الجبهة الداخلية في وجه المخاطر التي تستهدف أمن ووحدة الأردنيين.
الحوارات التي اجراها الفايز، من المؤكد انها ستفرغ وتستخرج الأفكار منها وتقدم كرؤية لجلالة الملك، لذلك فانها بحسب التوقعات، ستكون مادة أساسية لأي رؤية مستقبلية، يتزامن ذلك مع إمكانية صدور توجيه ملكي للحكومة، للمباشرة بتعديل قوانين الإصلاح (الأحزاب والانتخاب)، وذلك عبر رسالة ملكية، تتضمن ذلك مع رفد الحكومة بمخرجات الحوارات التي جرت.
المؤكد، ان الصيف الحالي لن يكون عاديا، وربما نخرج بمعادلات ورؤى تؤسس للمرحلة المقبلة، مع عدم استبعاد إمكانية إجراء تعديلات دستورية على مواد محددة بعينها، ربما أبرزها سن المرشح، بحيث يجري تصغير العمر المقبول للترشح.
لذلك، يؤمل بان نخرج بصيغ توافقية تعزز مسيرة الإصلاح، باعتبارها عملية مستمرة، واعتماد الأوراق النقاشية للملك كخريطة طريق للدولة، ومناقشة الجميع لها، ووضع برامج واقعية للأحزاب، عبر بناء قاعدة جماهيرية، وتفعيل الدور التنموي للبلديات بشكل أكبر، بخاصة بعد فشل تجربة اللامركزية، وإيجاد حلول لمشكلتي الفقر والبطالة التي باتت أرقامها مرعبة، وتحقيق النمو الاقتصادي، ومعالجة معيقات الاستثمار، وإنشاء مشاريع كبرى كالناقل الوطني، وسكة الحديد، ومصفاة النفط في الجنوب، وتنمية المحافظات، ودعم الصناعات الوطنية وإصلاح الإدارة العامة وتحسين الخدمات، ونبذ خطاب الكراهية، والتأسيس لدولة المؤسسات والقانون.