الدكتاتوريون يحبون ترامب.. وهو يحبهم أيضاً

الرئيس الفلبيني، رودريغو دويتيرت، وعقيلته في استقبال الرئيس ترامب في مانيلا مؤخراً – (أرشيفية)
الرئيس الفلبيني، رودريغو دويتيرت، وعقيلته في استقبال الرئيس ترامب في مانيلا مؤخراً – (أرشيفية)

نيكولاس كريستوف - (نيويورك تايمز) 14/3/2018

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

إذا كنتَ دكتاتورياً مجرماً، فإن هذا وقت جيد يمكنكَ أن تستمتع بالعيش فيه. لن يثير أحد الكثير من الصخب إذا أرسلت زعيم المعارضة لديك إلى السجن، أو إذا أصبح صحفي مشاكس مفقوداً، أو -كما حصل في الكونغو- إذا تم غزو منزل قاضٍ أغضب الرئيس الدكتاتوري، واغتصبت مجموعة من البلطجية زوجته وابنته.
بينما يستبدل الرئيس ترامب وزير خارجيته، ريكس تلرسون بالرجل الأكثر صقرية، مايك بومبيو، دعونا نلاحظ شيئاً يذهب أبعد من مجرد الأشخاص إلى جوهر الدور الأميركي في العالم: لقد تخلت الولايات المتحدة عن إجماع قائم بين الحزبين على احترام حقوق الإنسان، والذي يعود وراء لعقود.
عدت تواً من ميانمار، حيث يجد القادة هناك أيضاً أن هذا هو الوقت الأنسب لارتكاب جريمة إبادة جماعية. وقد شن الجيش حملة أرض محروقة ضد الأقلية العرقية من طائفة الروهينجا، حيث ألقى الجنود الأطفال في النيران بينما يغتصبون النساء.
فما الذي قاله الرئيس ترامب لإدانة ميانمار على هذه الأعمال الوحشية؟ لم يقل أي شيء في الحقيقة.
في الماضي كانت حقوق الإنسان تشكل على الأقل واحداً من خيوط سياستنا الخارجية. وكان هذا النهج يُتبع بشكل غير ثابت، على مضض أو نفاقاً، وكان يتصارع باستمرار مع اعتبارات الواقعية السياسية، لكنه كان في الماضي واحداً من العوامل الموجودة والعاملة.
كنت بين فترة وأخرى أهاجم الرئيسين، باراك أوباما وجورج دبليو بوش، لأنهما يفعلا المزيد بشأن الأعمال الفظيعة التي ترتكب في سورية أو في دارفور أو في جنوب السودان. لكن كلا من أوباما وبوش كانا بوضوح متألمين وحانقين لأنهما لم يمتلكا أدوات أفضل لوقف المذبحة.
وعلى النقيض من ذلك، يبدو الرئيس ترامب غير مكترث ببساطة.
لقد دافع الرئيس ترامب عن قيام فلاديمير بوتين بقتل المنتقدين ("ماذا؟ هل تعتقدون أن بلدنا بريء جداً"؟) كما امتدح الرئيس المصري القاسي، عبد الفتاح السيسي، على قيامه بـ"عمل رائع". وأثني الرئيس ترامب على رئيس الفلبين، رودريغو دوتيرت، الذي حصدت حربه القذرة على المخدرات أرواح 12.000 إنسان، ووصف عمله بأنه "عمل رائع لا يصدق بشأن مشكلة المخدرات".
تلاحظ سارة مارغون من منظمة "هيومان رايتس ووتش" في مقال لها في مجلة "فورين افيرز" أنه عندما زار ترامب مانيلا، فإنه ضحك عندما وصف دوتيرت الصحفيين بأنهم "جواسيس" -في بلد حيث أرسلت الصحافة الجريئة الناس إلى المشرحة".
وكتبت مارغون: "في بلد بعد الآخر تتخلى إدارة الرئيس ترامب على الدعم الأميركي لحقوق الإنسان".
وهكذا يجد الدكتاتوريون فضاء رحباً: الآن، هناك رقم قياسي من الصحفيين القابعين في السجون في أنحاء شتى من العالم، وفق تعداد لجنة حماية الصحفيين. وتقول جويل سايمون، المديرة التنفيذية للمنظمة، أن ترامب اجتمع مع قادة ثلاث دول رائدة في سجن الصحفيين –الصين وروسيا وتركيا. ولم يثر معهم مسألة حرية الصحافة مطلقاً، حسب علمنا.
وتضيف سايمون: "الأمر الذي اختفى تماماً هو إجماع الحزبين الذي كان قد شكل حجر زاوية في سياستنا الخارجية، من حيث أنك إذا سجنت صحفياً وفرضت قيوداً على حرية الإعلام، فستكون هناك تداعيات".
في كمبوديا مثلا، استشهد رئيس الوزراء، هُن سِن، محقاً بهجمات ترامب على الأخبار الزائفة كسابقة لإغلاق محطات الإذاعة والصحيفة الأكثر شعبية "كمبوديا ديلي". وبعد تلك الحملة على حرية الصحافة، وقف ترامب في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لالتقاط صورة تذكارية مع هُن، وهما يرفعان الإبهام إلى أعلى -وامتدح هن سن الرئيس ترامب على عدم اهتمامه بحقوق الإنسان.
وأعلن هن سن بامتنان: "إن سياستك تتغير"، ثم امتدح ترامب على كونه " الأكثر احتراماً".
تعود نقطة ضعف ترامب أمام الأنظمة الآستبدادية وراء في الزمن. وكان قد تحدث بتعاطف عن المذابح التي ارتكبتها الحكومة الصينية ضد المحتجين المؤيدين للديمقراطية في العام 1989، وكذلك عن طريقة صدام حسين في مكافحة الإرهاب.
بل إن المناصب المهمة المتعلقة بحقوق الإنسان في الإدارة لم تُعبأ بعد، على الرغم من أن بعض المحافظين يحشدون الدعم لتعيين مايكل هوروفيتز من معهد هدسن، والذي سوف يشكل تعيينه خطوة إيجابية.
من فترة لأخرى، نرى ترامب وهو يثير فعلاً قضايا حقوق الإنسان، وإنما فقط لضرب الأعداء مثل كوريا الجنوبية وفنزويلا. وهذا سلوك أخرق ومنافق جداً، والذي يعمل فقط على المزيد من تقويض الموقف الأميركي.
في بعض الأوجه، تمكن ترامب من توحيد العالم. ضدنا. ففي استطلاع للرأي العام العالمي شمل 134 بلداً في العالم، انخفض تأييد الولايات المتحدة إلى معدل قياسي بلغ 30 في المائة. وفي الحقيقة، أصبح المزيد من الناس يؤيدون الصين الآن أكثر من الولايات المتحدة. وتأتي روسيا مباشرة خلفنا.
يقول غاري باس من جامعة برينستون: "كان ترامب كارثة على القوة الناعمة للولايات المتحدة. إنه مكروه جداً حول العالم. ولذلك، فإنه عندما يفعل شيئاً ما في لحظات نادرة بخصوص حقوق الإنسان، فإن ذلك يشوه القضية فقط".
وهذه مأساة بالنسبة للولايات المتحدة. لكن الخسارة الكبرى يشعر بها الناس الذين يقفون بلا حول ولا قوة بينهم أحبابهم يُغتصبون أو يعذبون أو يقتلون. وفي ميانمار، ناشدني شاب من الروهينجا: "أرجوكم، لا تتركونا نُعامَل كالحيوانات. أرجوكم. أرجوكم. لا تخيبوا ثقتنا".
فما الذي نقوله له؟

*نشر هذا المقال تحت عنوان: Dictators Love Trump, and He Loves Them

اضافة اعلان

[email protected]