الدين والسياسة (6): "الإخوان المسلمين" وأبناؤها الفكريون

يمكن أن توجد الأصولية الدينية في الأنظمة السياسية الديمقراطية كما يمكن أن توجد في المجتمعات غير الديمقراطية، لكنها تتمتع بفرصة أكبر بكثير للهيمنة على خصومها في البلدان التي لا تتمتع فيها التعددية وحقوق الإنسان بحماية قانونية.

اضافة اعلان

وعلى سبيل المثال، يرى الأصوليون الدينيون اليهود أن الإله "يهوه" منحهم "الأرض المقدسة" في فلسطين حيث عاش اليهود حتى العام 70 بعد الميلاد.

ويساور الأيديولوجية اليهودية الأصولية قلق بالغ بشأن الحقيقة التاريخية المتمثلة في أن سلطات "الإمبراطورية الرومانية" طردت اليهود من "أرض الميعاد"، وبالتالي، عاش اليهود منذ العام 70 بعد الميلاد وحتى أواخر القرن التاسع عشر في الشتات، موزعين في جميع أنحاء العالم.

ومع ذلك، فإن وجهة النظر الأصولية تقول إن المنفى اليهودي يُفسَّر دينياً على أنه عقاب إلهي لعدم عيش اليهود وفقًا لوصايا موسى الدينية العشر.

للمزيد إقرأ:

الدين والسياسة (1)

الدين وفكرة صامويل هنتنغتون عن "صراع الحضارات": مقاربة نقدية

الدين والسياسة (3): العلمانية والعلمنة

الدين والسياسة (4): الأصولية اليهودية والأصولية المسيحية

الدين والسياسة (5): الأصولية المسيحية (2) والأصولية الإسلامية

الدين والسياسة (6): “الإخوان المسلمين” وأبناؤها الفكريون

الأصولية المعادية للتعددية والتعددية الأصولية

على المستوى التاريخي، تشكل الأصولية الدينية المعاصرة واحدة من قوى سياسية عدة تتنافس على السيادة في الساحة العالمية للسياسة الدولية بعد حقبة الحرب الباردة.

وتجدر ملاحظة أن الأصولية الدينية تمثل، في جميع الحالات، مناهج لا تقبل التسوية والمساومة، ومناهضة للتعددية. وكمثال جيد، يمكن تأمل الحالة من إسرائيل حيث عارض كل من المستوطنين اليهود الأصوليين المتطرفين والنشطاء السنة في "حماس" عملية السلام التي انخرطت فيها حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.

وفي لبنان المجاور، يمارس حزب الله الشيعي تأثيرًا يدفع إلى تطرف السياسة اللبنانية، وهو ما أدى في النهاية إلى اندلاع حرب مع إسرائيل في العام 2006.


عبر جميع أنحاء العالم الإسلامي، تعمل مجموعات وشبكات الأصوليين المتطرفين على زعزعة استقرار الأقليات الدينية ومراكمة العوامل السياسية المكرسة للإطاحة -بكل الوسائل الممكنة- بالحكومات المدعومة من الغرب في مناطق معينة، وإنما بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ومع ذلك، في الولايات المتحدة الأميركية وبعض دول أوروبا الغربية، حيث ثمة تقاليد قوية للتعددية، يترتب على الأصولية المسيحية أن تشارك في اللعبة بحيث تحترم التشريعات والقواعد الرسمية، وهي تميل بشكل عام إلى عدم استخدام الأساليب العنيفة.

وفي حالة الولايات المتحدة، يأمل الأصوليون الدينيون المتطرفون في تحويل المجتمع الأميركي إلى جمهورية تؤمن بالكتاب المقدس ("جمهورية مسيحية" على غرار العصور الوسطى)، كما يعتقدون أنها كانت ذات يوم.


يمكن أن توجد الأصولية الدينية في الأنظمة السياسية الديمقراطية كما يمكن أن توجد في المجتمعات غير الديمقراطية، لكنها تتمتع بفرصة أكبر بكثير للهيمنة على خصومها في البلدان التي لا تتمتع فيها التعددية وحقوق الإنسان بحماية قانونية.

وعلى سبيل المثال، يرى الأصوليون الدينيون اليهود أن الإله "يهوه" منحهم "الأرض المقدسة" في فلسطين حيث عاش اليهود حتى العام 70 بعد الميلاد.

ويساور الأيديولوجية اليهودية الأصولية قلق بالغ بشأن الحقيقة التاريخية المتمثلة في أن سلطات "الإمبراطورية الرومانية" طردت اليهود من "أرض الميعاد"، وبالتالي، عاش اليهود منذ العام 70 بعد الميلاد وحتى أواخر القرن التاسع عشر في الشتات، موزعين في جميع أنحاء العالم.

ومع ذلك، فإن وجهة النظر الأصولية تقول إن المنفى اليهودي يُفسَّر دينياً على أنه عقاب إلهي لعدم عيش اليهود وفقًا لوصايا موسى الدينية العشر.


وفقًا للتفسير الديني الأصولي، تم تصور عودة اليهود إلى وطنهم في فلسطين على أساس فكرة أنه عندما يعيش جميع اليهود وفقًا للتقاليد، فإن المسيح سيعود بعد ذلك ويعيد إحياء المملكة اليهودية في فلسطين (التي أصبحت إسرائيل منذ العام 1948).

ويشكل المنفى اليهودي (الشتات) والفداء، أو الخلاص، الذي يُفهم في العودة إلى الأرض المقدسة في فلسطين، المفهومان المحوريان في اليهودية كما هما في المسيحانية.

غير أن حركات الأصوليين اليهودية تختلف في تفسيرها للدولة الحالية وفق هذه المفاهيم.

الإسلام، الغرب، وانتشار الإحيائية الإسلامية

في العصور الوسطى، كان ثمة صراع دائم بين أوروبا المسيحية والدول الإسلامية، سواء في أوروبا أو في الشرق الأوسط. وكانت الدول الإسلامية تسيطر على أجزاء كبيرة من إسبانيا والبرتغال والبلقان ورومانيا اليوم.

وقد استعاد المسيحيون الأوروبيون معظم الأراضي التي احتلها المسلمون، ثم قاموا باستعمار العديد من أراضيهم في شمال إفريقيا نتيجة لصعود قوى أوروبا الغربية العظمى في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

وفي واقع الأمر، كانت هذه التحولات وعكس وجهات الأمور سلبية بالنسبة للعالم الإسلامي والدين والحضارة الإسلاميين، التي اعتبرها المؤمنون الإسلاميون الأعلى والأكثر تقدمًا، متجاوزة كل الآخرين.

وثمة حقيقة ساطعة في القرن التاسع عشر هي أن العالم الإسلامي لم يكن قادرًا على مقاومة انتشار الثقافة الغربية -وهي حقيقة أنتجت حركات إصلاح إسلامية كانت تسعى إلى إعادة الإسلام إلى نقائه العقائدي الأصلي وقوته في المجتمع.

ومع ذلك، كانت الفكرة المركزية هي أن الإسلام يجب أن يستجيب للتحدي الغربي من خلال سياسة تأكيد هوية معتقداته وممارساته الخاصة.في القرن العشرين التالي، تطورت فكرة الإحياء الإسلامي بطرق مختلفة عدة، وأوجدت في نهاية المطاف الأساس لقيام الثورة الإسلامية الإيرانية 1978-1979 التي كانت في جوهرها مناهضة للغرب (أميركا).

وقد تغذت الثورة الإيرانية في الأصل بالمعارضة الداخلية لشاه إيران الاستبدادي المدعوم من الولايات المتحدة، الذي قبل، وحاول الترويج لبعض أشكال التحديث على أساس التجربة الغربية (الإصلاح الزراعي، حق المرأة في التصويت، التعليم العلماني، إلخ..).

ومع ذلك، فإن الحركة الإسلامية الإيرانية، التي نجحت أخيرًا في الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي (1919-1980)، جمعت بين الناس من ذوي المصالح المتنوعة، لكنها كانت مرتبطة، على أي حال، بالأصولية الإسلامية في السلطة إلى جانب شخض آية الله الخميني، الذي قدم إعادة تأويل جذرية للأفكار الشيعية.


أنشأ آية الله الخميني بعد الثورة الإسلامية سلطة حاكمة منظمة وفقًا لتعاليم الشريعة الإسلامية التقليدية والتقاليد والعادات الإسلامية.

وأصبح الدين في إيران بعد العام 1979 الأساس المباشر لجميع أركان الحياة السياسية والاقتصادية كما وردت في القرآن.

وتم إحياء الشريعة الإسلامية بحيث تم، على سبيل المثال، الفصل بين الذكور والإناث بشكل صارم، والتزام النساء بتغطية أجسادهن ورؤوسهن في الأماكن العامة، وحظر ممارسة المثلية الجنسية، ورجم الزناة حتى الموت.

وجاءت هذه القواعد الأخلاقية الإسلامية الصارمة مصحوبة بنظرة قومية متطرفة متجهة في المقام الأول ضد التأثيرات الثقافية الغربية السلبية، وسياسياً ضد إسرائيل القمعية الصهيونية.


ثمة الحقيقة المطلقة المتمثلة في أن الهدف الأساسي لسلطات الجمهورية الإسلامية في إيران هو أسلمة الدولة والمجتمع (مثل نوايا حكومة البوسنة والهرسك في التسعينيات).

وبعبارات أخرى، يجب أن تصبح الفلسفة والتعليم والعادات والقانون والتقاليد الإسلامية هي المهيمنة في جميع مجالات الحياة. ويريد المتطرفون الإسلاميون في إيران تعميق الثورة الإسلامية وتصديرها إلى الخارج، إلى دول إسلامية أخرى أيضًا.

ومن حيث الجوهر، تم تصميم الأفكار التي شكلتها وأصدرتها الثورة الإسلامية الإيرانية 1978-1979 لتوحيد العالم الإسلامي بأسره، أي جميع المسلمين في جميع أنحاء العالم -وإنما في المقام الأول لتحقيق غرض سياسي هو معارضة التأثيرات والسياسات الغربية داخل المجتمعات الإسلامية.

ومع ذلك، من الناحية العملية، لم تتوافق تلك الحكومات الإسلامية في الدول التي يشكل فيها الشيعة أقلية (حيث السُّنة في السلطة، مثل المملكة العربية السعودية على سبيل المثال) بشكل وثيق مع الوضع الديني والسياسي في إيران، وخاصة مع السياسة الخارجية الإيرانية.

ومع ذلك، وصلت الأصولية الإسلامية الإيرانية إلى تحقيق مستوى كبير من الشعبية في معظم هذه الدول الأخرى (غير الشيعية)، وبالتالي، حفزت الثورة الإيرانية أنواعاً مختلفة من الإحيائية الإسلامية في أماكن أخرى.


من ناحية، نجحت الحركات الأصولية الإسلامية في تحقيق نوع من النفوذ في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا خلال العقود الماضية، لكنها من ناحية أخرى، نجحت في الاستيلاء على السلطة السياسية في دولتين أخريين فقط إلى جانب إيران: السودان وأفغانستان.

وقد حكمت السودان منذ العام 1989 "جبهة الإنقاذ الوطني" التي تزعمها حسن الترابي، وتوطدت السلطات الأصولية لطالبان في أفغانستان في العام 1996، قبل أن يطاح بها من سُدة السلطة في العام 2001 على يد قوى المعارضة الأفغانية والتدخل العسكري الأميركي المباشر (العدوان والاحتلال).

وفي بعض الدول الإسلامية الأخرى، اكتسب الإسلاميون نفوذاً كبيراً، لكنهم مُنعوا من الصعود إلى السلطة، جزئياً بسبب المساعدة المقدمة من إسرائيل والولايات المتحدة. وعلى سبيل المثال، في الجزائر أو تركيا أو مصر، تعرض الإسلاميون للقمع من الدولة أو الجيش (بمساعدة كبيرة من المخابرات الإسرائيلية والأميركية).


ثمة العديد من الأكاديميين، أو المفكرين، أو السياسيين الذين يعتقدون أن العالم الإسلامي يتجه، بسبب التأثيرات الأصولية، إلى مواجهة مع بقية العالم التي لا تتقاسم المعتقدات والسياسات الإسلامية الأصولية، ومن هؤلاء، على سبيل المثال، العالم السياسي صموئيل هنتنغتون الذي جادل في أعماله في العام 1993 والعام 1996 بأن الصراع بين وجهات النظر والقيم الغربية والإسلامية قد يصبح سببًا لما يسمى "صراع الحضارات" على مستوى العالم مع انتهاء الحرب الباردة وبدء العولمة الفائقة.

وبعبارات أخرى، وفقًا لهؤلاء المفكرين والمشتغلين بالمجال العام، لم تعد الدولة القومية بعد العام 1989 هي الفاعل الأساسي المؤثر في العلاقات الدولية، وبذلك، فإن الخصومات والمنافسات والصراعات ستحدث بين الحضارات والثقافات والأديان الأكبر.


يمكن رؤية أمثلة على مثل هذه الصراعات في حالة التدمير الدموي ليوغوسلافيا السابقة في التسعينيات، عندما لعب الإسلاميون في البوسنة والهرسك وكوسوفو أدوارًا مهمة أثناء الحروب -وبشكل خاص بعدها. وقد زار أعضاء من تنظيم القاعدة البوسنة والهرسك وأقاموا علاقات ودية مع الحكومة الإسلامية في سراييفو التي كانت تتلقى التمويل من كل من المملكة العربية السعودية وإيران خلال الحرب.

وزار أحد قادة تنظيم القاعدة ألبانيا في التسعينيات أيضًا. ومن ناحية أخرى، أصبحت الحروب التي قادتها الولايات المتحدة في العراق في 1990-1991 و2003 نقاط تحشيد للمسلمين والإسلامويين المتطرفين.

وجاء احتلال أفغانستان بقيادة الولايات المتحدة في العام 2001 كتفسير لأسباب الهجمات الإرهابية التي شنها متشددون إسلاميون على نيويورك وواشنطن في 11 أيلول (سبتمبر).

وجذبت الحروب في الشيشان في التسعينيات العديد من المقاتلين الإسلاميين الذين أيدوا فكرة إنشاء دولة إسلامية في شمال القوقاز.
في الوقت الحالي، تقوم المعارضة الأصولية الإسلامية ببناء نفوذها في العديد من الدول أو المناطق الإسلامية، مثل إندونيسيا، ونيجيريا، وماليزيا.

وقد طبقت بعض المقاطعات الفيدرالية النيجيرية مسبقاً القانون الإسلامي (الشريعة). وتُعد الرموز وأشكال الملابس الإسلامية علامات مهمة على هوية المجتمعات المسلمة المتنامية التي تعيش خارج العالم الإسلامي، كما هو الحال في أوروبا الغربية.

وقد أثارت الأحداث السياسية المهمة، مثل حربي الخليج أو أحداث 11 أيلول (سبتمبر) أو احتلال أفغانستان ردود فعل شديدة من السكان المسلمين في جميع أنحاء العالم، سواء ضد الغرب أو في الرد عليه.

الإرهاب الديني

بعد الحرب الباردة، نشأ التطرف الديني والإرهاب كأحد العوامل الأيديولوجية المحورية للعلاقات الدولية. على سبيل المثال، بلغ تنظيم القاعدة، وهو شبكة إرهابية سيئة السمعة يرأسها أسامة بن لادن، وبدافع من الإسلام الراديكالي العنيف، مستويات جديدة من الشهرة في العام 2001 من خلال رعاية هجوم الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) الإرهابي في نيويورك وواشنطن، على الرغم من أن الشبكة قد لفتت الانتباه في السابق بهجمات دموية أخرى على أهداف أميركية في جميع أنحاء العالم مثل تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في العام 1998.

ومع ذلك، فإن جميع أعمال تنظيم القاعدة الإرهابية الموجهة ضد أهداف أميركية كانت مستوحاة من سياسة العصابات التي شكلتها سياسة واشنطن الخارجية القائمة على الإمبريالية الجديدة في فترة ما بعد الحرب الباردة.


وهناك منظمات إسلامية أخرى مثل "حماس" في الضفة الغربية وغزة، أو "حزب الله" في لبنان، التي تجسد مزيجًا فتاكاً من القومية العرقية والتعصب الديني الموجه، في الواقع، ضد إسرائيل الصهيونية وسياستها القذرة المتمثلة في التطهير العرقي والإبادة الجماعية للفلسطينيين العرب.

ومع ذلك، نفذت هذه المجموعات موجات من التفجيرات الانتحارية منذ العام 1994، وأصبحت ذات فاعلية سياسياً من خلال جلب الحكومة الصهيونية في إسرائيل إلى طاولة المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية.

وفي الجزائر هناك الجماعة الإسلامية المتشددة المسلحة التي كانت تسعى للإطاحة بالسلطة العلمانية وإقامة النظام الإسلامي والشريعة الإسلامية.

وكانت الجماعة ترهب وتقتل، على سبيل المثال، المدرسين العلمانيين أو الصحفيين أو النساء اللواتي يرتدين ملابس غربية. وفي بعض الدول العربية مثل مصر، على سبيل المثال، يهاجم الراديكاليون، والأصوليون، والمتطرفون المسلمون السياح الأجانب (في الأقصر في تشرين الثاني (نوفمبر) 1997 على سبيل المثال)، والمواطنين المصريين أيضاً لغرض سياسي هو تشويه سمعة، وبالتالي إضعاف الحكومة الوطنية.


ومع ذلك، لا يقتصر وجود الإرهاب الديني في واقع الأمر على العالم الإسلامي فحسب. إنه يوجد في بعض الثقافات الأخرى أيضًا. كانت طائفة دينية يابانية راديكالية، "أومشينريكيو"، قد استخدمت غاز أعصاب محلي الصنع في هجوم إرهابي نفذته في مترو طوكيو في العام 1995.

ويشمل بعض الإرهابيين الآخرين ذوي الدوافع الطائفية الانفصاليين السيخ في الهند، أو المتطرفين الصهاينة اليهود في إسرائيل.


وفي الولايات المتحدة، يوجد مزيج مشابه من التعصب الديني والانفصالية السياسية التي تحفز المسيحيين البيض التفوقيين وبعض الجماعات المتشددة الأخرى التي يتم تنظيمها لتحدي الحكومة الفيدرالية العلمانية في واشنطن العاصمة، مثل منظمات "المسيحيون الوطنيون" أو "الأمم الآرية".

وكانت حادثة تفجير المبنى الفيدرالي بمدينة أوكلاهوما في العام 1995، في الواقع عملًا إرهابيًا محليًا قام به الأميركيون البيض لإحياء ذكرى هجوم مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي على مجمع فرع طائفة داود الرؤيوية في العام 1993.


تجدر ملاحظة أن الإرهاب الديني يمكن أن تكون له سمات مخيفة للغاية، حيث يعد الإرهابيون الدينيون العنف مبرَّرًا أخلاقيًا، علاوة على أنه يتم تقديسه روحيًا باعتبار أنه يخدم أهدافاً مستوحاة من معتقداتهم الدينية.

وعلى سبيل المثال، لا يعد المتطرفون الإسلاميون قتل غير المؤمنين جريمة قتل، ويعتقدون أيضاً أن المقاتلين الذين يُقتَلون أثناء ارتكابهم بعض الأعمال الإرهابية يحصلون على مكان في الجنة كـ"محاربين مقدسين".

وغالباً ما تكون محاربة الإرهاب الديني والجماعات الإرهابية الدينية في العديد من الحالات العملية صعبة للغاية لسببين على الأقل: 1) أنهم يحصلون على دعم من الجماعات الدينية و/ أو العرقية الساخطة؛ و، 2) نوعية الالتزام المتعصب الذي يتسم به المؤمنون.


ومع ذلك، ينبغي تذكُّر أن الأشخاص والدول الذين يتشاركون المعتقد الديني والتقاليد والعادات والقيم نفسها التي يحملها أعضاء المنظمات الإرهابية، لا يشاركون الإرهابيين بطريقة أوتوماتيكية أهدافهم أو يوافقون على أساليبهم القتالية الإرهابية.

ومن ناحية أخرى، يبرر الإرهابيون (الإسلاميون) أفعالهم باعتبار أنها شكل من أشكال الجهاد، "الحرب المقدسة"، أو الكفاح الروحي من أجل الدين الصحيح، لكن معظم القادة المسلمين الذين يتبعهم غالبية المؤمنين المسلمين يدينون استخدام الإرهاب باسم الله، تماماً كما يرفض معظم المسيحيين العنف الإرهابي الذي يرتكبه بعض المسيحيين المتعصبين.

*Vladislav B. SOTIROVIC: أستاذ في جامعة العلوم الإنسانية الأوروبية، ليتوانيا. مجالاته الأكاديمية الرئيسية في التدريس والبحث هي السياسة العالمية، والعلاقات الدولية، والدراسات الأوروبية البلقانية، واللغة الصربية وفقه اللغة، والعولمة، وإدارة الجودة، والتواصل بين الثقافات، والتسويق، والدراسات الأوروبية، والديمقراطية، والنظم السياسية، والأسواق الناشئة.

*نشر هذا المقال تحت عنوان: Religion And Politics (VI): The Muslim Brotherhood and its brainchildren (II)

فلاديسلاف ب. سوتيروفيتش* – (أورينتال ريفيو) 24/7/2021

ترجمة: علاء الدين أبو زينة