الذين يقتلون لبنان

رفيق الحريري, سمير قصير, جورج حاوي, جبران تويني وأمس بيار الجميل.

ومن يدري من سينضم غداً إلى قائمة ضحايا قوى القمع والغدر التي تريد أن تدفع لبنان إلى غياهب الفوضى والفتنة والاقتتال الأهلي.

اضافة اعلان

 ليس صدفة أن يتزامن التصعيد السياسي والأمني في لبنان مع اقتراب إقرار مجلس الأمن مشروع المحكمة الدولية التي ستقاضي المتهمين باغتيال الحريري. فالقتلة لا يريدون المحكمة. ولا حدّ لما سيفعلونه للحؤول دون تبلور جهد دولي جدي يكشف حقيقة من قتل الحريري ومن يريد أن يلغي لبنان عنواناً للحرية والاستنارة. من قتل بيار الجميل أمس هو عدو للبنان بكل قواه السياسية وبكل طوائفه. ذلك أن الجريمة تريد أن تدفع البلد إلى شفير الاقتتال الأهلي وأن تنقل التوتر السياسي السائد إلى أعماق أكثر خطورة تنتهي فوضى لا مكان فيها لمحكمة ولا مجال لمحاسبة قاتل.

 عانى لبنان لسنوات وصايةً سوريةً استباحت كرامته وسيادته وحقوق مواطنيه. ووقف لبنان بعد خروج القوات السورية على عتبة ربيع قال سمير قصير إنه لن يدوم إلا إذا زهر في سورية أيضاً.

لكن هذا الربيع سرق قبل أن يثمر السلم والاستقلال والاستقرار التي حمل وعدها. ودخل لبنان بعد ذلك سلسلة من الصراعات والتحديات وصلت حد الانفجار مع اقتراب تحوّل المحكمة الدولية حقيقة فاعلة ومؤثرة.

يواجه لبنان الآن أزمة لا حلّ سهلا لها. فالخروج منها يستدعي أن يجتمع كل اللبنانيين على أن مصلحة لبنان أولوية تتقدم على كل الحسابات الحزبية والولاءات والارتباطات الخارجية.

 لكن ذلك شرط غير متوفر. فسورية لا تزال موجودة في لبنان تتحكم في مصيره من خلال أتباع وحلفاء. واسرائيل موجودة في لبنان تقصف وتهدد. وإيران موجودة في لبنان الذي تعتبره ساحة تخوض فيها حروبها الدولية والإقليمية.

 وجود لبنان واستقراره لا يعنيان القوى التي لم تقبل, ولن تقبل, إلا أن يظل ساحة نفوذ وتبعية لها. لكن ليس للبنانيين إلا وطنهم. وتلك هي الحقيقة التي يجب أن تحكم ردة فعل اللبنانيين على جريمة اغتيال بيار الجميل وما سبقها من جرائم.

التحدي الأكبر الآن هو الحؤول دون سقوط لبنان في أتون الفتنة والصراعات الأهلية التي لن يكسب فيها إلا أعداء لبنان وأعداء حقه في السيادة والحرية.

 وعاجلاً أم آجلاً, ستشكل المحكمة الدولية, وسيحاسب القتلة وسيعرف العالم من الذي قتل ساسة لبنان وقمع ربيعه وأراده مرتعاً مستعبداً يصول فيه ويجول قمعاً وقتلاً واستغلالاً.