الرئيس الملقي ولغز القوائم الانتخابية وزليخة

كثيرة هي المحطات والأحداث التي وقعت في الأسبوع الماضي في الأردن وتستدعي التوقف والتعليق.
الانتخابات البرلمانية القادمة في الأردن ربما تكون من الأحداث التي تثير الشجون، ورغم "الطلاق" مع قانون "الصوت الواحد"، الا إن ورطة القانون الجديد لا تقل بأساً على المرشحين، حتى الان لم أسمع أيا من المرشحين يجاهر بأسماء القائمة التي ينتمي لها، كلهم يتحدثون عن مشاورات مع المرشحين، ويحدث كثيراً أن تسمع أن هذا المرشح سيكون في هذه القائمة، وبعد دقائق أو ساعات يصلك خبر آخر بأنه في قائمة ثانية، وربما ثالثة ورابعة.اضافة اعلان
حدثني مرشح معروف كان نائباً سابقاً ووزيراً سابقاً عن ظاهرة سرقة المرشحين في القوائم، ولذلك أصر ورفض أن يبلغني بأسماء أعضاء كتلته.
هذه أول انتكاسة أشعر بها في الانتخابات، فقد كنا نراهن أن تتبلور قوائم سياسية وحزبية تخوض معارك في الحوار على برنامجها، فاذا بنا أمام "سوق" للمرشحين والقوائم، ومعارك علنية وسرية على استقطاب المرشحين، وتأتي في ذيل القائمة البرامج والمواقف.
أكثر ما يلفت الانتباه في بناء التحالفات والقوائم، أن كل مرشح يفكر كيف يضم الى صفوف قائمته من لا ينافسه على المركز الأول، وتهون قضية بناء قائمة اذا كانت الدائرة أو المحافظة تضم مقعداً مسيحياً وشركسياً وبالطبع ضرورة وجود امرأة، لأن ذلك يضمن أن لا يتنافسوا ويكون لكل منهم حصته في القائمة.
الخلاصة يريدون مرشحاً يحشد أصواتاً للقائمة ومن جهة أخرى لا ينافسهم ولا يزاحمهم على تصدر الأصوات.
سمعت قصصا كثيرة وعجيبة عن بناء القوائم وسرقة المرشحين وشراء بعض الأسماء اللامعة أو حشد أسماء غير مؤثرة في القوائم، ولكن تظل قصة القوائم في الانتخابات الأردنية ستحكى وتتندر بها الأجيال القادمة.
***
سعدت بمبادرة المنسق الحكومي لحقوق الانسان باسل الطراونة بدعوة مؤسسات المجتمع المدني للقاء رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي الأسبوع الماضي.
قلت هذه رسالة جيدة، فالحكومة تريد أن تستمع لملاحظات مؤسسات المجتمع المدني منذ بدء عهدها، وهذا مؤشر مهم وواعد، وفي نفس الوقت فإن الرئيس الملقي بالتأكيد لديه رسائل ومواقف يريد أن تصل الى قادة المجتمع المدني.
تحمّّسنا للقاء وتبادلنا مع زميلات وزملاء في المجتمع المدني حديث الأولويات التي يجب أن توضع أمام الرئيس، ولكن للأسف لم يحضر الدكتور الملقي بسبب وجوده مع جلالة الملك في تدشين وإطلاق بطاقة الهوية المدنية الذكية، وحضر مندوباً عنه وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني.
بالتأكيد الدكتور المومني شخصية مقدرة ويحترمها نشطاء المجتمع المدني، وهو "حافظ درسه" وكان على رأس الوفد الحكومي خلال الاستعراض الدوري الشامل لملف الأردن لحقوق الإنسان في جنيف عام 2013، لكن الأصل أن يحضر الرئيس أو أن يؤجل اللقاء أو أن يعتذروا عنه، فزيارة الملك لدائرة الأحوال المدنية والجوازات في الغالب نشاط مخطط له وليس زيارة مفاجئة، ولذلك ومع التقدير كان الأفضل لو أرجئ اللقاء حتى يحقق أهدافه.
***
لم تكن الزميلة الكاتبة زليخة أبو ريشة إشكالية في الأسابيع الماضية، فهي منذ سنوات طويلة تثير الزوابع، وتقدم رأيا ًنقدياً مخالفاً للسائد، وهي منذ سنوات تحذر من التطرف والظلاميين ومن يستخدمون الدين "مطية".
قرأت مقالها "غسيل الأدمغة" الذي تتحدث فيه عن خطاب الكراهية للآخر لأنه مختلف في الدين أو العرق أو الجنس أو الإقليم أو البلد أو اللون أو الطائفة، ورغم أن المقال لا يتحدث فقط عن الإسلام "والداعشية"، فإن سيلا من الشتيمة والتهجم عليها كان منقطع النظير، وقلة قليلة لجأت لنقاش وحوار نقدي مع ما تطرحه من آراء.
لا أحد معصوما من الخطأ فيما يكتبه، ويبقى ما يكتب وجهة نظر صاحبه، غير أن منطق التخوين والتكفير واستباحة الآخر لأنه مخالف يؤكد "داعشية" فكر الكثيرين ممن يعيشون بيننا.
تحتاج الحكومة أن تنظر بعين فاحصة في ردود الفعل لما حدث مع زليخة حتى تستطيع أن تبني استراتيجيتها في مكافحة التطرف والإرهاب، وليس كما قال الكاتب المبدع باسل الرفايعة في نقده لهذه الاستراتيجية والخطة "الدولة التي خرجت في سبيل الله".