الرسالة الأميركية للشرق الأوسط: نحن ما نزال هنا

إسرائيل هيوم البروفيسور ابراهام بن تسفي 28/10/2019 الرسالة المركزية التي تصدر عن تصفية ابو بكر البغدادي، زعيم داعش (الذي فجر نفسه بحزام ناسف حين أغلقت عليه القوات المهاجمة) على ايدي قوة دلتا الاميركية، هي ان القوة العظمى الاميركية ما تزال بعيدة عن فك الارتباط التام عن الساحة الشرق أوسطية. وذلك رغم أنها سلمت بالتحول الذي طرأ في ميزان القوى في شمال سورية، والذي جرى فورا مع قرارها الانسحاب من الجيب الكردي، ومع التعزز الاضافي في مكانة روسيا في هذه المنطقة. فالعملية الاميركية في منطقة ادلب في شمال غرب سورية تشكل اشارة واضحة الى أن الرئيس ترامب لا يعتزم الخروج بالكامل عن المخطط الاسرائيلي الاولي الذي وضعه لنفسه مع دخوله الى البيت الابيض، والقائم على اساس مبدأ الكبح الموضعي والتدخل العسكري بالحد الادنى، ولكنه يركز جيدا على اهداف جوهرية مركزية. في قلب هذه الاهداف يوجد صراع لا هوادة فيه ضد الارهاب العالمي من مصنع التطرف، الذي يمثله اليوم اساسا ايران وداعش. وامام هذه التحديات تواصل الادارة العمل بحزم وبلا هوادة. وبالفعل، مع الحملة الجريئة لقوة دلتا، الرامية الى اطلاق رسالة تصميم واستعداد لاستخدام القوة في قلب المعقل الاساس لداعش حتى على خلفية الانسحاب الاميركي من المنطقة، رابطت قوة اميركية في شرق سورية للدفاع عن حقول النفط ضد هجمات الارهاب. كما تعزز الولايات المتحدة في هذه ايام تماما، وبشكل كبير، تواجدها العسكري على اراضي السعودية (بما في ذلك ارسال طائرات قصف متطورة من طراز B1B، وبطاريات صواريخ باتريوت). وذلك للاشارة لطهران بأن الهيمنة الاميركية في مواجهتها لا تعتزم على الاطلاق ترك الشرق الاوسط ومنطقة الخليج بخاصة تحت رحمة هجماتها. قبل سنة من الحسم في صناديق الاقتراع، وفي ذروة صراع داخلي عنيد ضد خصومه الديمقراطيين في مجلس النواب، يسعى البيت الابيض للايضاح بان ليس في نيته الانسحاب بدون شروط وبدون تحفظ من الحاضر الدولي والانغلاق تماما وراء حدود القارة الاميركية. ولكن استخدام السوط العسكري ستكون له قيوده ولن يكون جزءا من عقيدة كبح شامل وعام، قد يجر الأمة الاميركية الى ورطة أليمة وهدامة في مطارح أهميتها للامن القومي تعد هامشية. تشهد تصريحات الرئيس الاميركي امس والتي بشر فيها بنجاح العملية بوضوح على تعريفه الضيق لميدان المواجهة الحالية، إذ أنه يقف امام واقع عالمي معقد الخصومة فيه – باستثناء الدول والحركات التي تشكل دفيئة للارهاب – هي نسبية وموضعية ولا تستبعد التعاون، وربما حتى الصفقات المتبادلة مع لاعبين مثل روسيا وتركيا، مثلما فهم من اقوال الشكر التي اطلقها امس الرئيس نحو الكرملين ونحو أنقرة. والايام ستقول لنا اذا كانت تعمقت بذلك اساسات التسوية العالمية الجديدة، التي أخذت في التبلور في السنوات الثلاث الاخيرة.اضافة اعلان