الرضا يجلب السعادة الحقيقية

الرضا يجلب السعادة الحقيقية
الرضا يجلب السعادة الحقيقية

عمان- يملك كل إنسان داخل نفسه القوة والقدرة التي تمكنه من الإحساس بالسعادة، رغم الصعوبات والتحديات التي قد تواجهه خلال حياته اليومية. ورغم أن هذه القوة موجودة داخل نفس كل فرد، إلا أنه ينبغي البحث عنها جيدا، حتى يتمكن من الوصول للسعادة التي يطمح إليها.

اضافة اعلان

وينبغي معرفة أنه حتى في أصعب الظروف التي قد تمر بأي شخص، فإن هناك جزءا داخل النفس يبقى هادئا ومطمئنا. وللعثور عليه يجب أولا تحديد طبيعة الأشياء الجميلة حولنا، والتي يمكنها أن تشعرنا بالسعادة. وبمجرد عثورنا على تلك الأشياء فإن تأثرنا الإيجابي بها سيزداد وتصبح مصدرا مهما لسعادتنا.

ويجب على المرء أن يأخذ دقيقة من وقته وينظر حوله لملاحظة الأشياء التي تثير في نفسه السعادة والراحة والاطمئنان مثل؛ ابتسامة طفل بريء أو مكافأة حصل عليها ضمن عمله أو حتى سماع زقزقة العصافير في الخارج.

والهدف من التعرف على تلك الأشياء، هو أن الفرد قد يندهش عندما يدرك بأن تركيزه وبشكل يومي على محاولة التعرف على الأشياء التي تشعره بالسعادة، ستقلل من تركيزه على الأمور التي تحبطه وتسبب له الضيق. الأمر الذي سيؤدي لشعوره بالسعادة في النهاية.

وينظر الكثير من الناس للسعادة على أنها عبارة عن هدايا سحرية، مثل أشياء مادية أو مشاعر عاطفية من الآخرين تجاهنا، أو لقب مهم يسبق الاسم كبروفيسور أو عالم، والذي يشعر المرء بالتفوق على الآخرين.

لكن الواقع يقول بأن كل تلك الأمور وما شابهها لا تجلب السعادة والبهجة، لأنها ببساطة نابعة من الأنا الداخلية والتي نعلم جميعا بأنها لا تكون سعيدة دائما.

وتقوم الأنا لدى الإنسان عادة بالبحث عن الأشياء التي تجعلها تشعر بالقبول لدى الآخرين وفي الوقت نفسه التفوق عليهم، وتبحث أيضا عن الأشياء التي تشعرها بعلو قيمتها وبتميزها. لكن تلك الأمور لا تجلب لنفس الإنسان سوى سعادة مؤقتة، لتعود الأنا بعد ذلك للشعور بالحزن والبحث عن مصادر أخرى للسعادة.

وهذا الأمر قد يدفع الشخص، للبحث عن إرضاء سريع لنفسه. وعلى سبيل المثال يتم هذا الأمر من خلال القيام بشراء حاجيات قد لا يتم استخدامها، أو القيام بالنميمة عن شخص آخر أو إهانته فقط، من أجل أن يشعر الأنا لديه بالتفوق والتميز كطريقة سريعة للشعور بالسعادة. وبشكل عام، فإن الأنا غالبا ما تكون حساسة للمتغيرات سواء أكانت متغيرات اجتماعية أو اقتصادية، الأمر الذي يجعلها عرضة للتقلبات المزاجية.

وغالبا ما يقوم البعض بالسماح للأنا بأن تقودهم عبر مراحل حياتهم اليومية، اعتقادا منهم بأن الأنا هي حقيقتنا، إلا أنها في الواقع ليست سوى مجرد أفكار أو قصة ذكرت وصدقناها. لكن الواقع أن حقيقتنا وهويتنا هي أعمق بكثير من مجرد الأنا التي نتركها تتحكم بنا.

وتقع الهوية الحقيقية في أعمق نقطة من النفس الداخلية، تلك النقطة يلمسها الفرد عندما يكون في حالة من السكون الكامل. ولعل العديد ممن يمارسون رياضة التأمل يمارسونها من أجل التواصل مع أعماق أنفسهم الداخلية.

والمشكلة أن معظم الناس يقومون بالبحث عن السعادة في المكان الخطأ، ومرة أخرى، فإن السعادة ليست مجرد أشياء مادية أو ألقاب شخصية أو وسائل تميز وتفوق، واستمرار البحث عن السعادة ضمن تلك الأمور وما شابهها، يجعل الفرد يشعر باليأس والتعب عندما لا يجدها.

وعلى الجميع أن يدركوا بأن السعادة الداخلية تنبع من الداخل، وليس من مكان آخر. لكن الغريب في الأمر أنه وعلى الرغم من أن المعظم يعلمون من أين تنبع السعادة، إلا أن البعض يبذل جهودا مضنية للبحث عن السعادة في المكان الخطأ، وبعد أن يتعبهم البحث يعودون لتذكير أنفسهم بالمكان الحقيقي للسعادة.

وعندما نبدأ البحث من جديد، نجد بأن هناك الكثير من الأمور التي تمنح الشعور بالامتنان لله جل وعلا على منحنا إياها؛ فنحن أحياء، ولدينا الطعام والشراب، ولدينا المنزل الذي يسترنا ويحمينا ويشعرنا بجو الأسرة، ولدينا الوظيفة التي توفر لنا القدرة المادية التي تساعدنا على مواجهة متطلبات الحياة.

علينا أن ندرك بأن السعادة لا تعتمد على ما نملك وإنما على الرضا بما نملك. وفي قول آخر يمكننا تعريف السعادة بأنها ما يمكننا تقديمه للآخرين وليس ما يمكنهم تقديمه لنا. وعندما يصل المرء لهذه الحقيقة فسيجد بأنه وصل لسعادة حقيقية بعيدة عن الماديات ومصادر السعادة المؤقتة.

علاء علي عبد

[email protected]

عن موقع Helium