الرضيع جاد يفقد حياته جراء اختلال آلية تحويل المرضى

رسم تعبيري لرضيع بريشة الزميل احسان حلمي
رسم تعبيري لرضيع بريشة الزميل احسان حلمي

نادين النمري

عمان- فارق الرضيع جاد العموري (شهرين) الحياة الخميس الماضي، بعد 18 يوما قضاها في مستشفى البشير بانتظار الحصول على إعفاء طبي للمدينة الطبية لإجراء عملية قلب مفتوح، فيما تعكس حالة جاد واقع الكثير من الأطفال المتضررين من الآلية الجديدة المعتمدة في الاعفاءات والتحويلات للمستشفيات العسكرية والجامعية.اضافة اعلان
ورغم شمول الطفل المرحوم جاد بتأمين صحي، لمن هم دون 6 سنوات، فان المشكلة كانت في آلية التحويل الى مستشفيات متخصصة تتوفر فيها الامكانيات العلاجية المناسبة لحالته المرضية.
يقول والد الطفل؛ محمود العموري لـ"الغد"، ان ابنه جاد دخل مستشفى البشير في 31 كانون الاول (ديسمبر) على التامين الصحي الحكومي للاطفال دون سن السادسة، "اذ لا املك أي تأمين صحي حكومي او خاص".
ويضيف "فور دخول المستشفى تم تحويل جاد لقسم العناية الحثيثة للرضع، وهناك طلب الاطباء منا اجراء صورة "ايكو" خارج المستشفى كونها غير متاحة في البشير".
اظهرت الصورة وجود تشوهات خلقية في القلب تتطلب - بحسب الوالد- اجراء تدخل جراحي فوري، "وأبلغني الاطباء أن العلاج غير متوفر في البشير ويجب نقل الطفل للمدينة الطبية، وبناء على ذلك تم اعطائي تقريرا طبيا لتحويل حالة طارئة لعملية قلب مفتوح".
بعد ان تقدم الوالد بطلب التحويل الى وزارة الصحة، طلبت الاخيرة منه مراجعة رئاسة الوزراء. يقول "18 يوما قضيتها في التنقل بين 4 دوائر حكومية دون الحصول على أي رد بالموافقة أو الرفض، في وقت كانت صحة ابني تزداد سوءا، النتيجة الوحيدة التي توصلت لها ان دائرة التأمينات الصحية رفعت مرتين كتابا لرئاسة الوزراء للحصول على موافقة التحويل لكن كان يتم حفظ الطلب دون التوقيع عليه بالموافقة او الرفض، الكتاب الاول كان في الثالث من الشهر الحالي اما الثاني بالرابع عشر من ذات الشهر".
ويقول "بعد أن اصابني الاحباط تواصلت مع اذاعة "امن اف ام" وعرضت الحالة، في ذات اليوم (الخميس) وصلت الموافقة لكنها وصلت لمستشفى البشير متأخرة، توفي جاد في نفس الساعة التي وصل بها كتاب الموافقة".
ويضيف "ابني توفى وحقه اليوم عند رب العالمين، لكن لماذا يتم حصر التأمين الصحي في مستشفيات لا تتوفر بها الامكانات الطبية لعلاج الامراض المستعصية، ابني توفي لكن هناك الكثير من الاطفال المحتاجين لتأمين صحي يلبي الحد الأدنى من الخدمات العلاجية".
وتعيد قضية الرضيع جاد تسليط الضوء على واقع خدمات التأمين الصحي والتحويلات الى المستشفيات المتخصصة، والتي كانت قد اثيرت سابقا عندما توفيت الطفلة سدين الفسفوس (9 اعوام) في مستشفى الاميرة رحمة الحكومي، حيث كانت الطفلة تعاني من توسع بحجرات الدماغ، في وقت لم يتوفر العلاج سوى في مستشفى الملك عبدالله الثاني الجامعي، لكن تأخر الحصول على الاعفاء ادى الى وفاة سدين.
وتقول المديرة التنفيذية لمؤسسة أرض العون القانوني سمر محارب إن "وفاة الطفل جاد ومن قبله الطفلة سدين يعكس فشل الالية الجديدة التي اعتمدتها الحكومة في التعامل مع التأمينات الصحية والتحويل الى المستشفيات المتخصصة".
وتتساءل "ما الهدف من استثناء المستشفيات المتخصصة كالمستشفيات الجامعية ومركز الحسين من تقديم الخدمات العلاجية"، مبينة "معروف ان المستشفيات الحكومية كالبشير لا تتوفر بها الاجراءات العلاجية المعقدة كعمليات القلب المفتوح للاطفال وغيرها، الاصل اما ان تكون كافة الاجراءات العلاجية المتقدمة متوفرة في المستشفيات الحكومية أو السماح بالتحويل للمستشفيات المتخصصة".
تلفت محارب الى جانب آخر مهم في حالة الطفل جاد، وتقول "قانونا الطفل جاد مشمول بالتامين الصحي لفئة الاطفال دون سن 6 سنوات، بالتالي كان الواجب تحويله مباشرة الى مستشفى متخصص دون الحاجة لانتظار موافقة سواء من رئاسة الوزارء أو غيرها".
وتقول "هناك حاجة ماسة لاعادة النظر في اسس التحويل والاعفاءات الطبية، الالية الحالية ثبت فشلها بدليل حالات الوفاة التي تم تسجيلها لاطفال ماتوا بانتظار الاعفاء".
وكانت الحكومة أصدرت قبل اكثر من عام قرارا تم بموجبه اقتصار الاعفاءات على المستشفيات الحكومية، حيث بررت الحكومة حينها القرار بالحد من الهدر والحالات التي يتنفع بها اشخاص غير مستحقين للاعفاءات، لكن عند التطبيق تبين ان القرار أثّر سلبا على الفئات الاكثر ضعفا كما في حالة سدين.