الروسان تنجذب لفن "الماندالا" وتخط رسومات إبداعية

جانب من رسومات الروسان- (من المصدر)
جانب من رسومات الروسان- (من المصدر)
رشا كناكرية عمان- قبل 5 سنوات بينما كانت لين الروسان (22 عاما) تتصفح الفيسبوك، استوقفها منشور لإحدى اللوحات المختصة بفن “الماندالا”، والتي لفتت انتباهها وذهبت في خيالها معها بعيدا، حيث أثارت فضولها في جمعها للغرابة والجمال في خطوطها وتكوينها. تلك الرسمة كانت السبب في البحث عن هذا الفن للتعرف على تفاصيله، فلطالما جذبها الرسم، والخطوط المستقيمة والأشكال العبثية والمتقاربة أيضا. رافقتها موهبة الرسم منذ الطفولة ونمت معها، ولم تفارق الألوان يديها طوال هذه السنوات، معبرة أنها انجذبت لهذا الفن منذ رؤيته في المرة الأولى، اذ ترى فيه يمتاز بالدقة والجمال بذات الوقت، لذلك قرأت عنه ودرسته، وتعمقت فيه أكثر، لترى نفسها وسط هذا الفن “الغني بتفاصيل الجمال”، بحسب وصفها. ساره عاشقة “الماندالا” تشحن “همتها” بنشر البهجة والأمل فن “الماندالا” وهو دائرة يجتمع في داخلها أشكال هندسية لا تملك إلا أن تطيل النظر إليها، عبر مجموعة من الرموز استعملت في السابق للتعبير عن صورة الكون، وقد بدأ هذا الفن في الهند، ثم انتشر بعد ذلك في الكثير من دول العالم، وكلمة “ماندالا” في اللغة “السنسكريتية” تعني الدائرة أو القرص. والشائع الآن أن “ماندالا” أصبحت مصطلحاً عاما لأي تخطيط أو نمط هندسي، والذي يقدم الكون عن طريق الرموز، والبعض يطلق عليه فن البهجة، لأنه يدخل السرور والفرح للنفس، لذلك فهو يعد أحد الفنون التي ثبت علمياً دورها الإيجابي في معالجة التوتر الناتج عن ضغوطات الحياة وهذا الفن متاح للجميع فهو لا يتطلب دراسة أو موهبة فنية. وبعدما قرأت الروسان عنه الكثير، قررت بأن تتعلم أساسياته، وبدأت تجرب رسمه بنفسها فهو لم يكن بهذه الصعوبة بالنسبة لها، وبحسب قولها “هو فن دقيق وأساسياته بسيطة”، وبذلك توجهت لخوض تجارب تطبيق فن الماندالا على الورق، بعد الانتهاء من مرحلة الثانوية عام 2018، وهنا كانت البداية. وجدت الروسان في هذا الفن السكينة والهدوء، فقد أصبح المكان الذي تفرغ به طاقتها السلبية، وتملأ وقت فراغها به لتشعر بالراحة وتتخلص من التوتر جراء أي موقف يواجهها في الحياة اليومية، مبينة أنه ينقلها إلى عالم آخر تشعر به بالأمان، فهو فن علاجي إلى جانب الرسم. وقع اختيار الروسان في أول رسمة قامت بها على “خريطة الأردن”، وقدمتها كهدية لمديرة مدرستها في ذلك الوقت، وحينها شعرت بأنها نالت إعجاب المحيطين بها، فقد جذبهم هذا الفن، لافتة الى أن فن الماندالا، معروف في الهند منذ آلف السنين. وبدأت تتعمق الروسان في تفاصيله أكثر، وترى رسومات لأشخاص يتفننون بهذا الفن، واستعانت بمواقع التواصل الاجتماعية المختلفة، لتكون ملمة بجميع جوانبه الدقيقة، ومن خلال بحثها وتعلمها من اليوتيوب استطاعت أن تنجز 5 رسومات. ولترى رسوماتها النور، شاركت في معرض الإبداع الأول في العام 2019 الذي أقيم في جامعة العلوم والتكنولوجيا على مستوى كلية الصيدلية التي تدرس بها، وقد لاقت رسوماتها استحسان الكثير من الأشخاص، وفي ذات العام شاركت بلوحة “خريطة الأردن” في معرض”الطالب الفنان الاول” على مستوى لواء بني كنانه، الذي كان يضم مواهب فنية من اللواء. وتبين الروسان أن تشجيع الاشخاص من حولها وتقديرهم لرسوماتها زاد من إيمانها وتعلقها بفن “الماندالا”، فهو غير تقليدي ومختلف ولم يعتد عليه الناس بعد، وهذا زاد من إصرارها على الاستمرار في هذا المجال، رغم بعده عن دراستها في التخصص الطبي. وتشير الروسان إلى أن بعض مدارس اللواء تواصلت معها لإعطاء دورة لتعليم فن الماندالا لطلبة الصف الرابع وبعدها بأسبوعين تم إعطاؤه لطلبة الصف السادس في مدرسة أخرى، وقد قدمت أول دورتين بشكل وجاهي، وعندما قامت بهما تفاعل معها الطلبة وأحبوا هذا الفن، وكانت الخطوات سهلة بالنسبة لهم. وتتابع بأنها أقامت دورتين اونلاين عقدتهما خلال جائحة كورونا، وضمت هاتان الدورتان 25 فتاة، كما سيكون هنالك دورة ستعقد قريبا في مركز الحسين للسرطان. وتوضح الروسان أن من ينظر للوحات، للوهلة الأولى يعتقد انه رسم صعب، ويحتاج مهارة عالية وهو ليس ذلك تماماً، فإن الأساسيات بسيطة وأدواته كذلك، فكل ما تحتاجه قلم رصاص وفرجار ومنقلة، بالاضافة الى الورق الأبيض المقوى، وقلم حبر أسود، وألوان ومسطرة، وبالتأكيد هذا الفن يتطلب الصبر والاجواء المناسبة لأدائه، فهو لا يتطلب موهبة كبيرة، مبينة أن لكل شخص رؤية وذوق ونظرة خاصة للحياة تنعكس على اللوحة الفنية. وأنشأت الروسان الصفحة الخاصة بها على الانستغرام في عام 2020 لنشر رسوماتها التي قامت بإنجازها، وفي جائحة كورونا قررت أن تركز على الرسم، وبدأت تقضي ساعات فيه، وعند انتهائها من رسمة ما تقوم بمشاركتها على صفحتها، لتتلقى الكثير من التعليقات الى جانب طلبات بعض المشاركين بتنفيذ لوحات خاصة بهم. وتبين الروسان أنها قامت بإهداء بعض اللوحات لمحبي هذا الفن، فلم يكن ببالها فكرة البيع بحكم انشغالها بالدراسة، ولكن الفراغ خلال الجائحة جعلها تعيد التفكير بالأمر وتتساءل: لماذا لا أستغل هذا الوقت واستفيد منه بمردود مادي، وبهذا أعلنت عن بدء استقبال الطلبيات، مبينة سعادتها بأول طلب تلقته لإنجاز لوحة وكان في شهر حزيران العام الماضي. تؤكد الروسان بأنها تعلقت بهذا الفن، وتسعى لنشر “الماندالا” أكثر في الأردن، مبينة أن دعم الأهل والأصدقاء زاد من ثقتها بفنها، وتطمح في المستقبل لأن توازن بين دراستها الطبية وحبها للفن، إلى جانب التركيز على توسيع مشروعها الفني وتدريب عدد أكبر من الأشخاص، بالإضافة إلى طموحها للمشاركة في معارض دولية يوما ما.اضافة اعلان