الزواج المبكر ينذر بمشاكل أسرية ويسرع حالات الطلاق

الزواج المبكر ينذر بمشاكل أسرية ويسرع حالات الطلاق
الزواج المبكر ينذر بمشاكل أسرية ويسرع حالات الطلاق

منظمات نسائية تطالب بإلغاء استثناء يبيح للقاضي عقد قران من 
  هن دون 18 عاما

كوكب حناحنة

اضافة اعلان

   عمّان- يستقبل مركز الإرشاد والتوعية الأسري في مدينة الزرقاء يوميا العديد من الفتيات اللواتي باء زواجهن بالفشل نتيجة الزواج المبكر بحسب مديرة المركز نادية بشناق.

وتشير بشناق إلى أن هذه الفئة من السيدات تعاني من مشاكل نفسية وصحية نتيجة الزواج المبكر، ويقدم المركز دورات لإعادة تأهليها لمواصلة مشوار الحياة الأسرية من جديد.

وتذهب إلى أن "الكثير من المشاكل الأسرية سببها صغر سن الزوجة وعدم تفهمها لحقوقها وواجباتها". وتعلل ذلك بأنه "عندما تكبر يزداد وعيها ونضوجها فتصبح غير راضية بالواقع الذي تعيشه فتتولد المشاكل الأسرية التي قد تنتهي بالطلاق وتشرد الاطفال".

وتزيد بشناق "لا نستطيع تعميم هذه النظرة على كل حالات الزواج المبكر فهنالك منها ما هو ناجح".

   ومن اجل مواجهة المشاكل الأسرية الناجمة عن الزواج تنادي العديد من المؤسسات النسائية في الأردن بضرورة إلغاء الاستثناء الذي حمله القانون المؤقت لعام 2001 الذي يبيح للقاضي زواج من هي اقل من عمر 18 عاما في حالات مختلفة. وتمنت المؤسسات النسائية على البرلمان أن يعمل على إلغاء هذا الاستثناء حتى لا يصبح قاعدة.

وتنص المادة(2) من القانون المعدل والمؤقت للعام 2001 الذي يحمل الرقم(82) على أنه "يشترط في أهلية الزواج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين وان يكون كل منهما قد أتم الثامنة عشرة عاما شمسية، ويجوز للقاضي أن يأذن بزواج من لم يتم منهما هذا السن إذا كان قد أكمل الخامسة عشرة من عمره وكان في مثل هذا الزواج مصلحة تحدد أسسها بمقتضى تعليمات يصدرها قاضي القضاة لهذه الغاية".

ونصت التعليمات الصادرة عن قاضي القضاه على أنه "يجوز للقاضي أن يأذن بزواج الخاطب أو المخطوبة أو كليهما إذا كانا عاقلين وقد أكمل كل واحد منهما الخامسة عشرة من العمر ولم يتم أحدهما أو كلاهكا الثامنة عشرة عاما شمسية من العمر وفقا لأسس معينة".

وهذه الأسس هي "أن يكون الخاطب كفؤا للمخطوبة من حيث القدرة على النفقة ودفع المهر، اذا كان زواجهما درء مفسدة قائمة أو عدم تفويت لمصلحة محققة، أن يتحقق القاضي من رضاء المخطوبة واختيارها وأن مصلحتها متوفرة في ذلك أو يثبت بتقرير طبي إذا كان احد الخاطبين به جنون أو عته في زواجه مصلحة، أن يجري العقد بموافقة الولي مع مراعاة ما جاء في المادتين 12، 6 قانون الاحوال الشخصية، أن ينظم محضر يتضمن تحقق القاضي من الأسس المشار إليها والتي اعتمدها لأجل الإذن بالزواج ويتم بناء عليه تنظيم حجة إذن بالزواج حسب الأصول".

   وفي هذا السياق تتمنى الأمين العام للجنة الوطنية لشؤون المرأة ريم النجداوي على القضاة، بأن يحددوا بوضوح الحالات التي يرونها مستوجبة للزواج في سن اقل من 18 عاما.

وتؤكد"يجب تحديد الاستثناء الممنوح للقاضي بوضوح، حتى لا يستغل هذا البند من القانون في حالات غير مستوجبة للزواج المبكر". وتأمل النجداوي أن تفضي الدورة البرلمانية المقبلة عن الموافقة على ذلك والتعديل على القانون المؤقت لعام 2001.

   من جانبه، يرى الباحث الاجتماعي ومدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان أن الزواج المبكر في الأردن لا يشكل ظاهرة تستدعي الوقوف عندها. وأوضح بأن الأرقام والإحصائيات تشير إلى نسبة الزواج المبكر قليلة مقارنة مع عدد المتزوجين والمتزوجات في الأردن.

وبحسب احصائيات لجمعية العفاف الخيرية في العام 2004 بلغت حالات الزواج في الأردن  56570 حالة، وبلغ عدد حالات الزواج لمن هم في سن دون الثامنة عشرة 7895 حالة، أي ما نسبته 13% من عدد حالات الزواج في المملكة.

   ويلفت سرحان إلى أن "هذه الأرقام لتاريخ عقد القران وليست لتاريخ وقوع الزواج، وهنالك عدد كبير يتأخر الزواج لديهم لعام أو أكثر".

ويذهب إلى أن "الزواج المبكر بدأ بالانحسار لأسباب عدة، منها انتشار التعليم وعمل المرأة".

ويؤكد على أن التشدد بالقوانين والأنظمة في سن الزواج يؤدي إلى نتائج اجتماعية سلبية على كل من الشاب والفتاة والمجتمع. كما أنه "يغذي ظاهرة الزواج العرفي".

   وتقف مديرة مركز الإرشاد والتوعية الأسرية نادية بشناق موقفا مخالفا لفكرة الزواج المبكر، وتنادي بضرورة إلغاء الاستثناء الذي وضعه القانون المؤقت للقاضي الشرعي.

وتشرح "لأن الاستثناء يلغي القانون الملزم بعدم زواج الفتاة التي هي في عمر اقل من 18 عاما، وهذا يعود بآثار سلبية على الفتاة والأسرة والمجتمع لان في الفتاة في هذه المرحلة تكون غير متفهمة لحقوقها وواجباتها".

   ويجد سرحان أن ربط الوعي بسن الزواج أمر غير دقيق ولا يستند إلى علم ، "فما الفرق بين وعي من هي في سن 17 أو 18 عاما"؟

بيد أن بشناق تلفت إلى أن "الزواج في سن ما قبل الثامنة يؤثر صحيا ونفسيا على المرأة، كما يؤثر في سلوكيات الأبناء وتربيتهم".

وفي هذا السياق يؤكد اختصاصي الأمراض النسائية د. عبدالسلام الزميلي بأن سن البلوغ في الأردن هو من عمر( 12- 13)، "وهذا يتحدد بحسب طبيعة الجو في كل منطقة".

ويضيف بأنه "بحسب الاعتبارات الطبية الفسيولوجية اعتمد المشرعون في عديد من دول الغرب أن تكون المخطوبة قد أتمت الخامسة عشرة من عمرها عند عقد القران".

ويزيد د. الزميلي ان "هذا القانون سائد في معظم الدول العربية والإسلامية، فهذا العمر تكون فيه الفتاة مستعدة للإنجاب وقادرة على الاعتناء بطفلها وبزوجها".

   ويؤكد على أن الزواج المبكر من الناحية الطبية هو الذي يكون قبل البلوغ (بالنسبة للفتاة هو زواجها قبل الحيض)، ويشرح" أما أن يعتبر الزواج قبل الثامنة عشرة هو زواج مبكر فهذا لا يستند إلى قاعدة طبية". ويذهب إلى أن "الدراسات العلمية أثبتت أن الزواج في سن(16-19) عاما لا يؤثر على صحة المرأة أو الطفل، بل إن له فوائد صحية عليهما". وبيّن أن ما يشاع حول أضرار ما يسمى بالزواج المبكر هو غير صحيح من الناحية الطبية وليس له دليل.

   ويجد د.الزميلي أن "رفع سن الزواج يؤدي إلى تفشي أمراض جنسية ونفسية وضعف النسل ويسبب العزوف عن الزواج". كما يؤكد أن للزواج المبكر فوائد مختلفة تتمثل في "تحصين الشباب والفتيات من الانحراف،وتحقق نسبة حمل أعلى، كما تقلل نسبة التشوهات للمواليد والاختلالات في الدورة الشهرية".

   ومن جانبه يرى سرحان أن للزواج المبكر فوائد ان تم على أسس سليمة. ويوضح أن "فيه وقاية للشباب من الانحراف، لأنه يحصنهم ويعودهم على تحمل المسؤولية، ويسهم في تحقيق الاستقرار النفسي للشباب، ويساعد في زيادة النسل ويكون هنالك نوع من التناسب بين عمر الأبناء وعمر الآباء لأن الفارق السني اذا كان قليلا يحد من الفجوة بينهم".

ويشير سرحان إلى أن مسؤولية المجتمع تجاه هؤلاء تنحصر في عقد دورات التوعية والإعداد والإرشاد الأسري، وتوفير خدمات الرعاية الاجتماعية للمتزوجين ومساعدتهم على إنجاح هذا الزواج.