السلالة الهندية: فصل أكثر رعبا في الصراع مع كورونا

خالد دلال

فصل جديد في صراع البشرية مع وباء كورونا بسلالته الهندية المتحورة، ولكن هذه المرة بضحايا يوميا بمئات الآلاف، لتسجل الهند أرقاما قياسية في عدد الإصابات والوفيات على مستوى العالم، وسط مخاوف من خروج المتحور عن السيطرة، وقد بدأ فعلا بضربه لدولة تلو الأخرى تدريجيا، حتى اقتحم أبواب نحو 20 بلدا حتى الآن، ما يضع الإنسانية في مهب ريح الوباء العنيد مجددا.اضافة اعلان
وما يقلق أكثر أن المتحور الجديد يملك من المراوغة وتعقيد التركيب، ما يمكنه من الفتك بقوة تعجز أمامها قلة ومشاكل توزيع اللقاحات المتوفرة، هذا إن كانت تركيبتها قادرة في الأساس على هزيمته. والعجيب في أمر هذه السلالة أنها مزدوجة التحور، بطفرتين معقدتين، وبعض الخبراء يعتقد ثلاث طفرات، في آن واحد، ما يعني، وببساطة علمية، أنها أشد مقاومة، وقد تكون أشد ضراوة مع البشر في أعراضها وخواتيمها.
ورغم كل ما تقدم، فما نتعلمه من التجربة الهندية المريرة، وحسب تقارير إعلامية، أن مشكلة كورونا هذه المرة، وفي الهند تحديدا، جاءت بسبب وجود بؤر خفية ظهرت فجأة خلال المسيرات الانتخابية، إضافة إلى التجمعات الدينية، مع تراخ في اتباع إجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي بعد الهبوط الملموس لأعداد الإصابات في الهند، ما يحتم على الدول، ومنها الأردن، التفكير مرارا ونحن نراجع إجراءات الحماية والسلامة لدينا مع انتهاء الموجة الثانية لكورونا قريبا، وتوقع العديد من الناس عودة الحياة إلى سابقتها.
صحيح أن الوضع قد تحسن لدينا، لكن علينا توخي الحيطة والحذر والاستمرار بإجراءات الوقاية والتباعد والحظر إن استوجب، مع الإقرار أن العديد من الناس قد وصلوا إلى مرحلة نفسية صعبة في التعايش مع هذا الوباء المرهق.
لا نملك إلا أن نستمر في حملات التطعيم على مستوى العالم أجمع، وأن نسابق الزمن في تطوير اللقاحات لمواجهة تحورات كورونا، والتي أضحى لكل واحدة منها جنسية معينة من بريطانية إلى جنوب أفريقية إلى برازيلية إلى هندية وغيرها.
التفاؤل سيستمر حتى وأد الوباء يوما ما، خصوصا مع إعلان الرئيس التنفيذي لـ"فايزر"، ألبرت بورلا مؤخرا، أن العقار التجريبي الذي تعمل عليه الشركة لعلاج كورونا عن طريق الفم، قد اجتاز مراحل متقدمة، وقد يكون متاحا للبشرية مع نهاية العام الحالي، هذا إضافة إلى تأكيد الشركة ذاتها أن تركيبة لقاحها قادرة على هزيمة المتحور الهندي، لكن الحذر يجب أن يستمر حتى لا نقع في المحظور، والذي قد يكمن، لا قدر الله، فيما تواجهه الهند اليوم من انهيار لنظامها الصحي بفعل ضربات كورونا القاسية، والأخطر المباغتة والسريعة.
علينا جميعا، لتعود الحياة إلى طبيعتها بالكامل، أن نتحلى بأعلى درجات المسؤولية، حتى وإن خففت الحكومات من شدة الإجراءات المتبعة في التعامل مع تداعيات الفيروس، وألا نسترخي ونمارس لعبة عدم الاكتراث، حتى وإن تحسنت الأوضاع، فقد علمنا كورونا أنه قادر على العودة بتحورات أكثر فتكا ببني البشر.