السودان.. 3 قتلى في "مليونية الغضب" رفضا لقرارات البرهان

شبان سودانيون خلال مواجهات مع قوات الأمن في ام درمان أمس - (ا ف ب)
شبان سودانيون خلال مواجهات مع قوات الأمن في ام درمان أمس - (ا ف ب)

الخرطوم - قُتل 3 متظاهرين في تظاهرة احتجاج ضد الانقلاب العسكري في السودان فيما أطلقت قوات الأمن قنابل غاز مسيل للدموع على المحتجين امس في الخرطوم في يوم مصيري للشارع الذي يريد إثبات نفسه، وللسلطة التي سيتعين عليها التحلي بضبط النفس لطمأنة المجتمع الدولي.اضافة اعلان
اكدت مصادر طبية متطابقة مقتل 3 محتجين وإصابة أكثر من 70 خلال المسيرات التي انطلقت، في مختلف مدن السودان، رفضا لقرارات القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان.
وفي وقت سابق امس، أكدت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان أن "متظاهرا قتل في أم درمان برصاص المجلس العسكري"، مضيفة أن "آخرين جرحوا بالرصاص الحي الذي أطلقته قوات الأمن"، حسبما نقلت "فرانس برس".
وقال شاهد عيان لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن عددا كبيرا من الإصابات بالرصاص الحي، وقعت داخل مستشفى أم درمان، يقدّر عددها بأكثر من 20.
وانطلقت، ظهر امس، في مختلف مدن السودان وبعض العواصم والمدن العالمية، مسيرات احتجاجية عرفت بـ"مليونية الغضب"، وسط انتشار أمني كثيف وإغلاقات شملت 5 من الجسور الثمانية الرابطة بين مدن العاصمة الخرطوم.
ووفقا لشهود عيان تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية"، فقد نفذت القوات الأمنية حملات اعتقالات ومطاردات واسعة في أوساط الشباب في مناطق "الدي
منذ الصباح الباكر، انتشر بكثافة في شوارع الخرطوم وأمّ درمان جنود وعناصر من قوات الدعم السريع وسدوا الجسور التي تربط العاصمة بضواحيها وتتقاطع مع المحاور الرئيسية.
ودعا ناشطون عبر رسائل نصية ورسوم غرافيتي على الجدران، السودانيين إلى التظاهر بكثافة للمطالبة بإعادة السلطة إلى المدنيين وتجنيب البلاد الغارقة في ركود سياسي "دكتاتورية عسكرية" جديدة. ونزل إلى شوارع أمّ درمان، شمال غرب الخرطوم، آلاف المتظاهرين بحسب شهود عيان.
وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على عدة مواكب متظاهرين في الخرطوم و"لاحقت المتظاهرين في ما بعد"، بحسب أحد الشهود.
ونزل متظاهرون آخرون إلى الشوارع في مدينة ودمدني في الجنوب وبورتسودان وكسلا في الشرق، بحسب شهود.
وتواترت شعارات "لا للحكم العسكري" و"الردّة مستحيلة" و"يسقط المجلس العسكري الانقلابي" وشعارات أخرى للاحتجاج الذي أسفر قمعه عن 16 قتيلاً وأكثر من 300 جريح منذ انقلاب 25 تشرين الأول(أكتوبر) بحسب الأطباء.
كان الفريق اول عبد الفتاح البرهان أعلن في 25 تشرين الأول(أكتوبر) حال الطوارئ في البلاد وحل مجلس السيادة الذي كان يترأسه، والحكومة برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الذي أوقف لفترة وجيزة، قبل الافراج عنه لينتقل إلى منزله حيث وُضع قيد الإقامة الجبرية. كما أوقف معظم وزراء الحكومة من المدنيين وبعض النشطاء والسياسيين.
ومنذ إعلان هذه القرارات، تشهد البلاد، وخصوصًا العاصمة، موجة من التظاهرات.
وشكّل البرهان الخميس مجلس سيادة انتقاليا جديدا استبعد منه اربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير، التحالف المدني المنبثق من الانتفاضة التي أسقطت عمر البشير عام 2019.
واحتفظ البرهان بمنصبه رئيسا للمجلس كما احتفظ الفريق أول محمّد حمدان دقلو، قائد قوة الدعم السريع المتهم بارتكاب تجاوزات إبان الحرب في دارفور وأثناء الانتفاضة ضد البشير، بموقعه نائبا لرئيس المجلس. وتعهّدا بأن يُجريا "انتخابات حرةّ وشفافة" في صيف العام 2023.
ولم تُرضِ الوعود المعارضة التي قوّضتها مئات الاعتقالات التي استمرت امس، بحسب ما أكّدت النقابات ومنظمات مؤيدة للديمقراطية.
وخلال الانقلاب الذي دانه المجتمع الدولي، علّق البرهان مواد عدة من الإعلان الدستوري من المفترض أن تؤطر الانتقال إلى انتخابات حرة. وأعاد إدخالها الخميس لكن بعد إزالة كل الإشارات إلى قوى الحرية والتغيير.
ويرى الباحث في مجموعة الأزمات الدولية جوناس هورنر "الآن بعد وقوع الانقلاب، يريد الجيش تعزيز الهيمنة على السلطة". ويضيف أن، في مواجهة العسكر، "المعارضة المدنية للانقلاب ممزقة ومنقسمة"، في ظلّ انقطاع شبكة الانترنت وخطوط الاتصالات حتى بعد ثلاثة أسابيع على الانقلاب.
ويبدو أن المنظمات المؤيدة للديموقراطية التي نجحت في حثّ السودان على اسقاط البشير لم تتمكن من إطلاق شبكة عصيان واسعة في واحدة من أفقر دول العالم.
واعتبر موفد الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرثيس أن "التسمية الأحادية الجانب لمجلس السيادة من قبل الفريق أول البرهان يجعل العودة إلى الالتزامات الدستورية" لعام 2019 أكثر صعوبة.
وكتب في تغريدة أن الأولوية هي "أن تتحلّى قوات الأمن بأكبر قدر ممكن من ضبط النفس وتحترم حرية التجمع والتعبير".
ولا يزال رئيس الوزراء المخلوع عبدالله حمدوك قيد الإقامة الجبرية. ولم يطلق الجيش سوى سراح أربعة وزراء رغم دعوات شبه يومية من المجتمع الدولي للعودة إلى حكومة ما قبل 25 تشرين الأول(أكتوبر) الانتقالية.
وأعلن البرهان منذ أيام عن تشكيل "وشيك" لحكومة جديدة بدلا من حكومة حمدوك، إلّا أن لا شيئ ملموسًا حتى الآن، علمًا أن أعضاء مجلس السيادة الجديد لا يمثلون جبهة موحدة.-(وكالات)