السياحة والاتكاء على المؤثرين

في عالم "السوشال ميديا" الذي يخترق كل تفاصيل حياتنا، لم يعد باستطاعتنا أن نكون بمعزل عن الدور الذي يسجله بالتأثير الواضح على سلوكيات الكثيرين، تحديدا من قبل بعض "المؤثرين"، و"السلطة" التي يملكونها على المتابعين من خلال كل ما يبثونه لحظة بلحظة!

اضافة اعلان

وفي الوقت الذي يملك هؤلاء المؤثرون ملايين المتابعين، سريعي التأثر بهم وبكل ما ينشرونه على صفحاتهم بمواقع التواصل، فإنهم يملكون قدرة "خارقة" على إقناع الآخرين، بالاقتداء بهم وتقليدهم، ما يجبرنا على الرضوخ لمعايير هذا العالم الجديد.

باستطاعة كل "مؤثر" لديه جمهوره الخاص ومتابعوه، التسويق سياحيا لأي بلد يزورها، والقيام بدور، ربما، عجزت عنه مؤسسات محلية كبيرة، سواء اتفقنا مع ذلك أو اختلفنا.

موجة الانتقادات السلبية التي صاحبت زيارة الفنانة الإماراتية أحلام للأردن قبل أسبوع تقريبا، وردود الأفعال السلبية بعدما أقلتها مروحية عامودية لمدينة البتراء - رغم أنها قامت باستئجارها على حسابها الخاص- تضعنا أمام تساؤل مهم: كم ساهمت هذه الفنانة بالتسويق سياحيا للأردن من خلال نشرها طوال الوقت صورا عن سحر وجمال المدينة الوردية؟

لقد شكلت إدراجات أحلام عن البتراء نقطة جذب لآلاف المتابعين، وهي بهذا العمل تكون قد أسهمت في تسويق واحد من الأماكن السياحية الأردنية التي نعتز بها.

على مدار الساعة كانت تبث فيديوهات ترويجية معبرة عن إعجابها بهذا المكان الذي لم ترَ أجمل منه رغم أنها جابت العالم، وزارت أجمل بقاع الأرض، كما قالت.

ملايين المتابعين على صفحاتها على مواقع التواصل شاهدوا الأماكن الأكثر تميزا في الأردن، ولم تكتف بذلك، بل وجهت دعوة إلى الجميع أن لا يفوّتوا الفرصة لزيارة هذا البلد الذي تتمتع مواقعه بجمالية خاصة، وتجربة فريدة على كل شخص أن يختبرها، بحسب تعبيرها.

ربما لم أكن يوما ما من المعجبين بهذه الفنانة التي تثير دائما الجدل حولها، لكنني وبعد كل ما نقلته بحب عن الأردن، وآرائها الإيجابية رغم الانتقادات التي طالتها، ونقلها صورة حقيقية وواقعية عن هذا البلد لمتابعيها في شتى بقاع الأرض، كان لا بد من كلمة حق أن تقال. إذ لم يَطلب أحدٌ من أحلام أن تقوم بكل ذلك، إنما جاء ذلك بمبادرة شخصية منها، تعبيرا عن محبتها وانبهارها بكل الأماكن التي زارتها. هي لَم تكتفِ بذلك فقط، وإنما قامت بالتأكيد على أنها ستعود للبتراء، وتصوير عملها القادم في المدينة الوردية، مؤكدة أنها ستبقى ابنة لهذا البلد الجميل. 

أحلام واحدة من آلاف المؤثرين الذين نحتاجهم فعليا للتسويق للأردن والأماكن السياحية فيه. وربما كثيرون منا لم ينسوا أحد السياح والناشطين السعوديين على مواقع التواصل، حينما نشر عدة فيديوهات قصيرة العام الماضي، أظهرت الجمال الأخاذ للربيع في شمال الأردن، إذ تم تداولها على نطاق واسع، وكانت سببا بجذب سياح عديدين إلى المواقع التي قام بتصويرها. هذا الشاب استطاع أن ينقل روعة كل موقع زاره، مشجعا الآخرين أن يختبروا تجربته تلك.

يحتضن الأردن أهم المواقع التاريخية والأثرية والسياحية، وعبر السنوات الماضية، كان يأتي أهم صنّاع الأفلام العالميين ونجوم هوليوود لتصوير المشاهد السينمائية، لما تضمه هذه الأماكن من خصائص جمالية ومنفردة. والبتراء ووادي رم وغيرها من الأماكن؛ جذبت اليها أهم المنتجين والفنانين والمشاهير والمؤثرين بالإعلام الاجتماعي، ما ساهم بالترويج المباشر لها، وبالتالي جلب أكبر عدد ممكن من السياح لزيارة المواقع.

نحتاج للعديد من البرامج التي يتم فيها استقطاب المؤثرين بمجالات مختلفة ومن مختلف أنحاء العالم للتعريف بالمناطق السياحية في الأردن على صفحاتهم بمنصات وسائل التواصل الاجتماعي.

قد يكون هذا الأمر هو ما ندعوه "التفكير خارج الصندوق"!