ضيوف الغد

السياحة وخريطة الطريق

من الواضح أن خريطة طريق عودة السياحة العالمية إلى مسارها لا زالت ضبابية وتعتمد في حلولها على الابتذال دون رؤية واضحة، وكان آخر ما تم طرحه ضمن أفكار الخروج من المأزق العالمي هو ما تبنته جمعية مدريد لملاك الفنادق عبر مقترح شهادة خلو السائح من فيروس كوفيد-19 كشرط مسبق لقبول استقبال الزائر في إسبانيا، هذا المقترح الهزيل نظرياً هو أفضل ما خرجت به ثاني أكثر دول العالم باستقبال السياح والتي ضخ هذا القطاع فيها ما يقارب ثمانين مليار دولار من قبل خمسة وثمانين مليون سائح.
يمتد أمد الأزمة وترتفع وتيرة الضغط الاقتصادي مع عجز في تقديم حلول خارج الصندوق ولا تجد أهداف التنمية المستدامة الـ 8 و12 و14، التي ترتبط بالتنمية الاقتصادية المستدامة والشاملة لعام 2030 مكانا لها على طاولة نقاشات كياني السياحة والصحة المنخرطين تحت مظلة الأمم المتحدة، فقد أفضت لقاءات منظمة السياحة العالمية مع منظمة الصحة العالمية الى إصدار ذات البيانات المكررة خلال أكثر من لقاء في الفترة الماضية: «مواصلة تعزيز التنسيق بين الوكالتين لمواجهة تفشي فيروس كورونا» إنه ببساطة تعريف دبلوماسي للعجز عن إيجاد حلول.
يمنح القطاع السياحي العالم اقتصادا يقارب واحدا ونصف ترليون دولار بمعدل عشرة بالمائة من فرص العمل حول العالم، وتستحوذ أوروبا لوحدها على ثلث هذا الرقم الذي يوفر لها ما يقارب من ثلاثين مليون فرصة عمل تشكل شريان حياة للقارة العجوز وتعجز الدراسات حاليا – أو ما اطلعت عليه حتى تاريخه – عن تقديم رؤية واضحة عن عمق الضرر أوروبياً، فيما يتوقع تقييم أولي لمنظمة السياحة العالمية أن يكون إقليم آسيا والمحيط الهادئ الأكثر تضرراً، بانخفاض مرتقب لعدد الوافدين يقدر بعشرة بالمائة مع تقديرات بخسارة عالمية تقارب الخمسمائة مليار دولار في هذا القطاع وحده.
وعلى خط مواز تتفاعل باقي المجالات مع هذه القضية المركبة حيث يتداعى قطاع النقل الجوي وتقدر دراسات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) انكفاء شركات الطيران العالمية بتراجع يقارب المائة مليار دولار في العام الجاري، جبهة واسعة من المتضررين في سوق سيحتاج لأضعاف الوقت للتعافي.
أردنياً لسنا بعيدين عن أطراف المعادلات السالفة ولكن علينا الاعتراف أننا أمام فرصة تاريخية للمواجهة مع قطاع سياحي تاريخياً ولد بشكل مشوه، فبالعودة لأرقام إنفاق الأردنيين على السفر للخارج في العام 2019 نجد أنها فاقت المليار دولار، مؤشر يشمل السياحة الأردنية الهاربة للخارج، وهنا علينا العودة لجوهر الخروج من مأزق القطاع السياحي الأردني عبر استقطاب هذه الفئة ضمن خطة مكاشفة وطنية تشمل كل شيء بدءا من توفير الحمامات العامة واستدامة معايير وجودها وتوفير بنى تحتية في كل نقطة سياحية تشمل المظلات والمقاعد مع شبكة كاميرات أمنية ضمن استثمار وطني طويل المدى، وتشمل الخطة التعاون مع باقي الوزارات من خلال رسائل ضبط السلوك العام وأدبيات الترحال وتوجيه ميزانية رسائل الإعلان من الخارج للصحف والإذاعات والمحطات والمواقع الإعلامية المحلية فالهدف إحياء السياحة الداخلية.
في الثلث الأخير من العام 1666 احترقت لندن ببيوتها الخشبية نتيجة تنظيمها المتكدس فكانت الكارثة فرصة لإعادة بنائها بالطوب والحجر، وبعد أن صب النازيون جام غضبهم على العاصمة الانجليزية وجد المعماريون والمخططون فيما حصل فرصة لتحويل الكارثة إلى منحة عبر بناء حزام أخضر ممتد من الهكتارات المفتوحة حول العاصمة المنبعثة من الرماد. نحن اليوم على كل ما نراه من ضغوط أمام فرصة!

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock