السياسيون تغيروا

يديعوت أحرونوت

ناحوم برنياع

اضافة اعلان

ذات مرة، قبل عهود طويلة، كان تساحي هنغبي وزير اللعدل. وكان رئيس المحكمة العليا أهرون باراك. وحسب القانون، فان وزير العدل مسؤول عن ادارة المحاكم. عندما كان الرجلان يلتقيان، كان القاضي باراك يضع على الطاولة كومة من الوثائق على التوقيع. وكان هنغبي يتبع معه عرفا وهو أن يوقع على الوثائق دون أن يقرأها. لهذه الدرجة كانت كبيرة ثقته برئيس المحكمة العليا، لهذه الدرجة كان عظيما الاحترام الذي كان يكنه للرجل والمنصب الذي يشغله.
أمس صوت هنغبي الى جانب الاقتراح لتشكيل لجنة تحقيق لقضاة المحكمة العليا. فهل المحكمة اليوم كدية اكثر للحكومة من محكمة باراك؟ العكس هو الصحيح: هي محافظة اكثر ومريحة اكثر للحكومة. هل المحكمة اليوم متورطة بادعاءات بتضارب المصالح اكثر من محكمة باراك؟ العكس هو الصحيح: قضاتها اكثر حذرا واكثر عرضة للنقد.
ليس القضاة تغيروا؛ السياسيون تغيروا. فالانقلاب السلطوي كله لهم. اذا كان نموذج الاقتداء لمناحم بيغن كان النظام البريطاني، فان نموذج الاقتداء لخلفائه هو النظام المناهض للديمقراطية في بولندا وفي هنغاريا. امس فشلوا. كان يمكنهم أن يواسوا أنفسهم بحقيقة أن ابناء ابناء جنسهم في بولندا وفي هنغاريا تعرضوا هم ايضا للاخفاقات في السنوات الاولى. في النهاية نجحوا.
المواجهة في الكنيست أمس محرجة بالاساس. فمعظم الاسرائيليين، من اليسار ومن اليمين، يصعب عليهم أن يفهموا سلم اولويات رئيس الوزراء. فالبيانات التي تصدر عن مكتبه تتحدث عن انه يواصل الليل بالنهار كي يتغلب على أزمة الكورونا. اما عمليا فهو يكثر من الانشغال بمواضيع اخرى. بداية الامتيازات المالية لجيبه من الدولة، بعد ذلك الاذن لتلقي الملايين من ملياردير. بعد ذلك الضم الذي لم يكن؛ والآن لجنة برلمانية لإهانة المحكمة العليا. لعل وقته في الكورونا، ولكن رأسه، قلبه، في اماكن اخرى.
توجد في الكنيست كتلتا معارضة هدفهما طرح اقتراحات تحرج الحزبين الكبيرين اللذين تتشكل منهما الحكومة، فتضعهما في وجه ما تعهدا به لناخبيهما. هذا متوقع بل واحيانا مسل. لبيد وكتلته سيفعلان كل ما يستطيعان كي يلذعا أزرق أبيض؛ بينيت وكتلته سيفعلان كل ما بوسعهما كي يلذعا الليكود. فدور احزاب الائتلاف هو انزال الرأس، تلقي الضربة والسير الى الامام. اما أزرق أبيض ففعل اللازم وصوت ضد التحقيق في قضية الغواصات.
لقد اختار نتنياهو بان يتصرف بشكل مختلف: تذبذب، اراد أن يدين المحكمة العليا، ولكنه لم يرغب في تفكيك الائتلاف. أمر اعضاء الكتلة بالتصويت مع، ولكنه تغيب عن التصويت، هو وبعض مؤيديه، بينهم ميري ريغف. لقد تحدثت هي في صالح التحقيق مع القضاة، ولكنها اختارت التغيب. وفي النهاية تلقى الضربة: منح فرصة لازرق ابيض لاستعراض الوحدة، التصميم والوقوف عند المبدأ، وهزم ايضا في موضوع عزيز جدا على قلبه، واغضب الجمهور في نفس الوقت ايضا.
المحكمة العليا ليست كاملة الاوصاف. فعلاقات الصداقة بين القضاة والمحامين تطرح بين الحين والاخر الاسئلة عن تضارب المصالح وعن التقرب الزائد. ولكن حذار ان نخطيء: فالامر الاخير الذي يقلق النائب سموتريتش هو الاخلاقيات المهنية للقضاة. فهو، بل واكثر منه يريف لفين الذي لشدة العار يتولى رئاسة الكنيست، يسعيان لان يهدما استقلالية المحكمة وقوتها في الدفاع عن حقوق الفرد وحقوق الانسان.
وبالنسبة لتضارب المصالح – لا يوجد تضارب للمصالح اكثر فظاظة من متهم بملفات جنائية ثقيلة يأمر اعضاء كتلته على أن يأمروا بالتحقيق مع القضاة. ليس هو فقط من انكشف امس في ضعفه. النائب جدعون ساعر هو الآخر الذي يعرض نفسه كدرع للعليا. فقد صوت مع التحقيق. وكذا آييلت شكيد، التي اصدرت شريطا هزأت فيه بصورتها كفاشية، وأمس فعلت هذا بالضبط – صوتت مع. وكذا بينيت، الذي يزعم أن موضوع الكورونا على رأس اهتمامه.
13 عضوا من الليكود تغيبوا عن التصويت صوتوا باقدامهم. هذا ليس فعلا شجاعا على نحو خاص. لم يكن واحد تجرأ على التصويت ضد – الى هذه الدرجة يخافون هناك من البيت في بلفور.