الشتيمة ليست أخطر ما قاله أبو مازن

هآرتس

عاموس هارئيل  21/3/2018

العناوين في الصحف والمواقع الاخبارية تركز ربما بصورة طبيعية على الشتائم التي وجهها يوم الإثنين الماضي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ضد كبار مسؤولي الإدارة الأميركية. حسب ما قاله أبو مازن فإن سفير الولايات المتحدة في إسرائيل هو ابن كلب، بعد أن تمنى في الماضي للرئيس دونالد ترامب أن يخرب بيته. ولكن ما يتضح من خطاب محمود عباس ومن التطورات الأخيرة في المناطق أكثر خطورة وأكثر اقلاقا.اضافة اعلان
رئيس السلطة موجود بين فكي الكماشة من جانبين. من الجانب الأول مبادرة السلام الأميركية التي لديه اسباب جيدة للافتراض بأنه لن يخرج منها شيء جيد للفلسطينيين، ومن الجانب الثاني عملية المصالحة الفاشلة بين السلطة وحماس. إن طريق الزعيم العجوز للهرب من الضائقة هي توجيه الشتائم للأميركيين وفرض عقوبات اخرى على قطاع غزة. تصريحاته واقواله يمكنها أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية بين إسرائيل وحماس في القطاع، ومواصلة ضعضعة العلاقة المتوترة مع إسرائيل في الضفة الغربية. إن فخ أبو مازن ملموس، فهو لا يصدق أن ادارة ترامب يمكن أن تشكل وسيطا نزيها.
ويشك في ممثلي الرئيس الأميركي، اليهود الثلاثة في ما يخص المبادرات في المنطقة (صهره كوشنير ومبعوثه للسلام غرينبلات والسفير فريدمان)، ويرفض حتى الالتقاء مع مبعوثي الإدارة عند قدومهم. المقاطعة الفلسطينية للإدارة كاملة، في الضفة تندروا بأن الفلسطيني الوحيد الذي قابله غرينبلات هنا في زيارته الأخيرة، هو منسق أعمال الحكومة في المناطق يوآف مردخاي.
في خطابه أمس اتهم عباس حماس بالمسؤولية عن محاولة الاغتيال، وقال إن حماس افشلت مبادرة المصالحة التي ترعاها مصر وهدد بفرض عقوبات اقتصادية اخرى ضد قطاع غزة. هذا من شأنه أن يشكل تطورا حاسما. أيضا بعد أن قلصت السلطة تدريجيا تدفق الأموال إلى القطاع، فهي ما زالت تحول إلى غزة مبلغ 120 مليون شيكل شهريا.
تقليص المساعدة من رام الله إلى جانب العجز الكبير في أموال الاونروا (حوالي 450 مليون دولار، مؤخرا جند حوالي 100 مليون دولار لتغطية العجز) والتهديد الأميركي بأن تقطع تماما انبوب الاوكسجين عن وكالة غوث اللاجئين، بامكانها أن تحول حياة القطاع في الصيف القادم إلى غير محتملة.
حكومة إسرائيل تتبع سياسة مشبعة بالتناقضات بخصوص مساعدة غزة. هي تصفق لتهديدات ترامب للأونروا في الوقت الذي يتراكض فيه مبعوثون من قبلها في انحاء العالم في محاولة تجنيد الأموال لمشاريع تخفف وضع البنى التحتية في غزة. ولكن من المهم أيضا ما تقوم به حماس، رئيس المنظمة في غزة يحيى السنوار قاد عناصره إلى عملية المصالحة لاعتقاده أنه بهذا يمكن أن يلقي على السلطة عبء الإدارة المدنية للقطاع في حين تواصل حماس الاحتفاظ بالقوة العسكرية هناك. عباس يشير الآن بوضوح إلى أن المبادرة المصرية قد حكم عليها بالفشل بالنسبة له.
في الماضي وفي ظروف مشابهة جدا اختار عباس تغيير اجندة الضائقة الاقتصادية وصعوبات السيطرة بواسطة زيادة التوتر مع إسرائيل. الاحداث الأخيرة، محاولة اغتيال الحمد الله وفرج، العبوات الاربعة التي فجرت ضد قوات الجيش الإسرائيلي على طول الجدار، من شأنها أن تدل على أنه هكذا ينوي العمل أبو مازن في هذه المرة.
في الخلفية تستمر الاستعدادات لأسابيع الاحتجاج الفلسطيني، بدء من يوم الارض في 30 آذار، التي يتوقع أن تشمل مسيرات جماهيرية واقامة خيام قرب الجدار في القطاع. هذه مشكلة تكتيكية محددة ما زال لدى الجيش الإسرائيلي ما يكفي من الوقت للاستعداد لها وعلاجها مع الامتناع عن سفك الدماء الكبير. المشكلة تتعلق بصورة اقل بالمسيرات وبصورة أكثر بالواقع الاستراتيجي الشامل في المناطق. في جهاز الأمن الإسرائيلي قلقون من تحقق احتمالين مقلقين يتمثلان بعمليتين متزامنتين: تصعيد عسكري مع حماس في القطاع إلى جانب انهيار التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.