الشخصية المتفائلة.. تسعد نفسها والآخرين

 منى أبو صبح

عمان - “طاقة متجددة”.. بكلمتين استهل الثلاثيني مؤيد وصفه لزميله أبو عامر في ذات العمل، حيث تحظى هذه الشخصية باعجاب الجميع ومحبتهم نظرا لتفاؤلها الدائم في الحياة.اضافة اعلان
يقول مؤيد في زميله، “لا تفارق البسمة وجه زميلنا، حتى أننا أطلقنا عليه لقب (البشوش) ونناديه به، فلا يخلو شخص من المشاكل في حياته، ونحن بشر نتأثر بما يواجهنا بالحياة، ولكن ردات فعلنا تجاه ما يصيبنا تختلف تماما عن هذا الرجل، فرغم ظروفه السيئة والمشاكل التي تواجهه كغيره من الموظفين لا يتذمر، ولا يشتكي بل يتعداها بأريحية وسلاسة”.
يتابع حديثه، “سلوكيات أبو عامر هذه دفعتني يوما لسؤاله، من أين تأتي بهذا التفاؤل؟ هل تشعر باستقرار داخل نفسك؟ وحاصرته بالعديد من هذه الأسئلة؟ فلم يكن منه سوى الرد بكلمات قليلة مفادها بأن الإنسان يختار طريق الفرح أو الحزن بنفسه رغم كل ما يواجهه من معيقات وظروف”.
تستوقفنا شخصية أبو عامر وأمثاله كثيرا، بل يشدنا هؤلاء الناس للاقتراب منهم ومتابعة ردات فعلهم تجاه المواقف الصعبة في الحياة، ويتساءل الكثيرون بأن صفتهم هذه ولدت فطرية، أم نشأ الفرد في بيئة ومحيط أسري جيد وسليم عزز لديه هذه الصفة النبيلة.
وتعتقد أم غسان أن طفلتها خولة من الفتيات المتفائلات في الحياة وتقول “أحب شخصية ابنتي كثيرا، وبصراحة، لا أعلم من أين تحصل على هذه الطاقة الإيجابية تجاه تعاملها مع أي مواقف تواجهها، ولا أرى أنني ووالدها شخصيتان متفائلتان”.
وتضيف، “خولة تدرس الحقوق في الجامعة، ولديها العديد من الصديقات اللواتي يواظبن على زيارتها والتواصل معها، حتى ان إحداهن أخبرتني يوما بأنها لا تسعد بيومها إلا برؤية ابنتي والحديث معها”.
لا تسمح للمعيقات أن تقف بطريقها أبدا وفق أم غسان، إذ تؤكد بأنها تسارع بتجاوزها والتفكير مباشرة بوضع الحلول البديلة والسريعة.
وتنعت الموظفة ليلى نفسها بالشخصية المتفائلة قائلة “تفاءلوا تفاءلوا بالخير تجدوه! فمن جهتي شخصيا أؤمن بالتفاؤل بشكل كبير. وهذه المقولة إن لم تطبق بإخلاص وصدق فلن نفلح في حياتنا أبدا. كما يجب علينا أن نتأمل الخير دائما، رغم كل الصعاب. فالصبر والتفاؤل من أساسيات النجاح في الحياة”.
وتذكر التربوية الدكتورة أمل بورشك صفات الشخصية المتفائلة بالحياة هي، معطاءة، غير متذمرة، مبادرة، ﻻ يوجد لديها ما يسمى عقبات، تتعامل مع الموقف بفاعلية، تحب اسعاد اﻻخرين، تعتبر اليوم هو المستقبل، فتقبل على انجاز ماهو مطلوب بهمة عالية، ودودة، مبتسمة حتى ما يواجهها من مواقف سيئة تعتبرها محطات تحد لتصقل نفسها، تسعد نفسها لتسعد الآخرين وهي شخصية مؤمنة بالله نورانية تعكس السعادة على الآخرين.
تؤكد بورشك أن التربية لها دور مائة بالمائة في تعزيز التفاؤل لدى الشخصية منذ الصغر، وتقول “نرى الشخصية المتفائلة محبوبة من الآخرين، ويمكن أن نقتدي بها بأن نطلع على تصرفاتها ونأخذ ما يناسبنا منها ونبتعد عن ما نراه غير مناسب”.
وتضيف “يمكن الاقتداء بهذه الشخصية من خلال التحاور معها، نوثق بالصور اللقاء معها لنتذكر أن هذه الشخصية تبعث التفاؤل، نحضر لقاءات جماعية لنلتقي بها ونوثق هذا اللقاء بالحوار البناء واﻻستفادة من التجارب المتنوعة لديها،  طرح اسئلة نبحث في ثناياها عن الأمل والتفاؤل، متابعة نشاطات الشخصية ان أمكن للاقتراب من محيط تجاوبها، والتعلم من قدراتهم”.
اختصاصي الطب النفسي د. محمد الحباشنة يبين أن التفاؤل حالة إيجابية فعالة جدا، وإذا اعتقد الإنسان بأنه يستطيع أن يحقق ما يصبو إليه فذاك شيء طيب ومفضل، حتى وإن لم يحقق سوى جزء من طموحه، لإيمانه بتغير الأوضاع الحياتية. فهذه القناعة وهذا التفاؤل بهذه المواصفات يجعلان الإنسان يعيش في سكينة وراحة بال، وبالتالي يظل يسعى خلف الطموح إلى أن يحققه، ولو بعد حين. لأن التفاؤل وقود يمنح صاحبه الطاقة على تجاوز المعيقات والحواجز وتجعله على يقين بأن لا شيء مستحيلا في هذه الحياة، ما دام الطموح عقلانيا وموضوعيا، ومن أساسيات الحياة البديهية.
ويرى بأن التفاؤل حالة عقلية ووجدانية تقود العقل، وهو بالضرورة يعبر عن نظرة إيجابية نحو المشكلات حاضرا ومستقبلا. “فمن يعتقد أنه حالة خيالية فهو مخطئ، بل هو مفيد جدا من الناحية النفسية، لأنه الحافز القوي على إحداث التغيير”.
ويضيف “المتفائل يسيطر على نفسه، ويشارك في صناعة مستقبله بشكل فعال، فهو يؤمن بالأسباب وبالحلول، كما يؤمن بالمشكلات والعوائق”.