الشرطة العراقية مهنة المخاطر القاتلة

الشرطة العراقية مهنة المخاطر القاتلة
الشرطة العراقية مهنة المخاطر القاتلة

 

بعد اشهر من مقتل اخيه في هجوم للمقاومين على مركز شرطة حيث كان يعمل, عارض محمد علوان رغبات والدته وانضم في السر الى الحرس الوطني العراقي.

اضافة اعلان


كان اخوه احمد الذي يكبره في العمر قد تحمل مسؤولية والدته وست شقيقات بعد موت والدهم في عام 1999 والان يشعر محمد بنفس هذا الضغط, وقال اريد ان اهرب من حياة مليئة بالعذاب. عندما اخبر والدته بمخططاته لاول مرة عارضته بشدة قائلة انها سبق وفقدت احد ابنائها وانها لا تريد ان تفقد الاخر, فرد عليها علوان البالغ من العمر 19 عاما: "اعيل انا العائلة منذ ان توفي اخي", وليس هناك اي عمل اخر الان.


في صورة ما, كانت قصة عائلة علوان نموذجية فيها امال واحلام محطمة وموت, وهي ايضا تغلف تاريخ قوات الامن العراقية الموجز والمثقل بالمشاكل.


دوافعهم الفقر او الوطنية ولكنهم مستهدفون من قبل المقاومة العراقية التي تنظر اليهم باعتبارهم متعاونين مع العدو, وتواجه قوات الامن العراقية اختبار قوة في الوقت الذي يتم فيه في صورة كبيرة مراجعة التزامهم وقدرتهم على حماية انتخابات 30 تشرين الثاني.


اخيرا اعترفت ادارة بوش, التي كانت تدرب العراقيين آملة في ان يتولوا في نهاية المطاف مسؤولية امن البلاد, بأن محاولاتها قد اخفقت في الوقت الذي ستحفظ القوات العراقية امن الانتخابات, متلقية دعم القوات الاميركية, وتم تدريب 127 الف عراقي وهو ما يقل بكثير عن 270 الفا الذي قال مسؤولون عراقيون انهم يحتاجونهم.


وكثيرا ما يعترف مسؤولون في الجيش بأن القوات العراقية تتفتت تحت ضغط هجوم مقاومين واعترف منذ عدة ايام الجنرال توماس متز قائد القوات الامريكية البرية في العراق بأن مناطق رئيسية في اربع مقاطعات من اصل 18 لا زالت غير آمنة بشكل كاف للسماح للمواطنين بالتصويت في الانتخابات.


ومهما كانت فرص نجاح الانتخابات فإنها ستعتمد في شكل كبير على اداء اولئك العراقيين الذين اختاروا الانضمام الى الشرطة والحرس الوطني وقوات الامن الاخرى.


بالنسبة لكثير من الرجال العراقيين, كان لهذا القرار مضاعفات مميتة, فالمقاومة تنعتهم بالمرتدين او الخونة وتستهدفهم في حملة من التربصات والقذائف, وفي اسبوع واحد فقط قتل او اختطف اكثر من 80 فردا من قوات الامن العراقية, او ماتوا في انفجارات سيارات مفخخة او بأشكال اخرى ادت اليها هجمات يتوقع المسؤولون ازدياد وتيرتها.


انضم احمد شقيق محمد علوان للشرطة متلهفا عندما مددت الحكومة العراقية المدعومة من قبل الولايات المتحدة المهلة في العام الماضي, ولم يمض وقت طويل حتى بدأت المشاكل, بحسب ما قال محمد في مقابلة اجريت في معسكر تدريب في الطرق تديره امريكا.


بدأ احمد يتلقى تهديدات, قال محمد: وضع مهاجمون مجهولون رسالة عند باب منزلنا تصفه بالجاسوس, وبدأ أخوه في اتخاذ اجراءات احترازية, فقد اصبح مثلا يحمل مسدسا وهو خارج الخدمة, واختصر حياته الاجتماعية.


وفي احد الايام لم يعد احمد الى منزله, وذهب اخوه بعد مرور يومين الى مكان عمله في بعقوبة الى حيث كان يذهب احمد يوميا في تاكسي من بيت العائلة في المقدادية (شمالي شرق بغداد) قاطعا مسافة تناهز20ميلا, ولدى وصوله وجد حطاما بدلا من مركز شرطة, قال علوان الذي تحققت مخاوفه سريعا: شعرت على الفور ان اخي تعرض لخطر حقيقي وراجعنا المستشفى ووجدنا معظم الميتين هناك تحت اغطية وقد اعطونا هوية احمد وما تبقى من اشلائه في زي مهترئ.


كان هجوم تموز الذي اودى بحياة احمد علوان من اول الهجمات واكثرها فتكا في الحملة التي شنتها المقاومة على قوات الامن العراقية, فقد قتل 71 عراقيا وجرح كثيرون.


وبالرغم من وفاة اخيه العنيفة لم يتردد محمد علوان حين سنحت له الفرصة بالانضمام الى الحرس الوطني, فرحل عن المنزل متوجها الى معسكر التدريب الذي تديره الولايات المتحدة, وسيتخرج قريبا بعد ان يتعلم التحكم بحركة السير, والتعامل مع قذيفة غير متفجرة, ومهارة الرمي وطرق القتال المدني.


في مقابلات اجريت معهم قال بعض من الجنود العراقيين ان المرتب الذي يبلغ حوالي 200 دولار امريكي في الشهر هو ما جذبهم الى الوظيفة, بينما قال اخرون ان دوافعهم الوطنية او انهم ينظرون للوظيفة كوسيلة للحصول على مكانة اجتماعية بعد سنين من القمع الديني والعراقي.


قال احد الرجال ويدعى عيدان حامد وهو سني من كركوك: "لن أستسلم من اجل تهديدات ولكن لو كان لدينا اسلحة وذخائر حربية افضل فربما لن نحتاج الى الاميركيين بعد الآن. ماذا لو تلاقيت مع ارهابي مسلح اكثر مني?".


في الايام المقبلة, ستكون القوات العراقية اكثر عرضة للخطر لانهم سيحتلون مواقع مرئية لحراسة مراكز الانتخابات قبل وبعد الانتخابات.


والسؤال الذي ينتظر الاجابة هو كيف ستتنقل قوات الامن العراقية في المدن السنية الجامحة مثل الرمادي او الفلوجة والموصل حيث استسلم بعض ضباط من الشرطة حين غزا المقاومون مراكزهم في تشرين الثاني. وكان هناك حالات اخلاء من جانب الشرطة.


وقال هيثم مهدي وهو موظف جديد شيعي في الخامسة والثلاثين, انه تلقى ايضاً رسالة غير موقعة عند باب منزل العائلة تحذره لكي يترك عمله "منعنا صدام حسين لسنين من الصلاة على طريقتنا ومن اداء مناسك الحج" واردف قائلاً وهو يشير الى انه لا يستطيع ان يعيل عائلته لكونه مجرد حلاق "الذين يتطوعون اولاً للانضمام الى الحرس الوطني هن اناس مثلنا".


وفي المعسكر, بدأ حوالي 5 من 12 عراقياً برفع ايديهم ولكنهم انزلوها بسرعة عندما سئلوا عن عدد الذين تم تهديدهم شخصياً منذ ان انضموا الى القوات قال احد الرجال ويدعى عيدان حامد وهو سني من كركوك: "لن استسلم من اجل تهديدات" ولكن لو كان لدينا اسلحة وذخائر حربية افضل فربما لن نحتاج الى الامركيين بعد الان. ماذا لو تلاقين مع ارهابي مسلح اكثر مني?


في الايام المقبلة, ستكون القوات العراقية اكثر عرضة للخطر لانهم سيحتلون مواقع مرئية لحراسة مراكز الانتخابات قبل وبعد الانتخابات.


والسؤال الذي ينتظر الاجابة هو كيف ستتنقل قوات الامن العراقية في المدن السنية الجامحة مثل الرمادي والفلوجة والموصل حيث استسلم بعض ضباط الشرطة حين غزا المقاومون مراكزهم في تشرين الثاني وكان هناك حالات اخلاء من جانب الشرطة وحالات تسلل من جانب المقاومين .


تتطور الاجراءات الوقائية والأمنية بوتيرة بطيئة, تشتمل على خطط حظر التجول, وتحديدات على الحركة بين المدن واجراءات لابقاء طوابير المنتخبين قصيرة.


وقد اشار الرائد جون باتسيت, وهو جنرال من قيادة اول فريق خيالة في العراق, الى ان العراقيين كانوا يتدربون ليوم الانتخابات من خلال القيام بتمثيل هجوم لرجال المقاومة على واحتلال مركز انتخابي وقال : "يتدربون من خلال تطويق مركز انتخابي ومن ثم فك الطوق وذكر محللون عسكريون امريكيون ان جنود  الحرس الوطني مجهزون بعتاد افضل في العمليات الاصغر حجماً, التي تهاجم فيها مجموعات مكونة من 60 الى 100 رجل البيوت وتؤمن مواقع ثابتة وتحمي القوافل والبنية التحتية


ولكنهم سيكونون اقل كفاءة في التعامل مع اللوجستيات في اطار وصفه احد المحللين, آلاف من المواقع الانتخابية وعد ومحدد عند اندلاع العنف على نطاق واسع في يوم الانتخابات وذكر علوا ان بانه كان مدفوعاً بالرغبة في الانتقام المسؤولين عن الهجمات التي تسبب احدها في قتل اخيه. عندما عاد الى منزله الشهر الماضي فور انضمامه للقوات الامن العراقية, كان يحمل لباسه الرسمي في حقيبة بدلاً من لبسه, خوفاً من تهديدات بقتله . قال علون : "اخبرت امين باني ساعود الى  وحدتي قريباً ". "كانت تخشى ان ألقي نفس مصير اخي".


وقد ايدها في بعض ما قالت . "كان هو في اخر مرة . وفي المرة القادمة سيكون شخصاً اخر«.


نيويورك تايمز