"الشمس كتلة ظلمة والقمح حقل من إبر"

 امسيات شعرية لسميح القاسم في المغرب بمناسبة يوم الأرض

عمان-الغد- تحتفي جمعية التضامن المغربي الفلسطيني بالتعاون مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وبيت الشعر واتحاد كتاب المغرب اليوم باستضافة الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم في ثلاث أمسيات شعرية يشارك فيها إلى جانبه كوكبة من الشعراء المغاربة حسبما جاء على موقع "محيط "الثقافي.

اضافة اعلان

سميح القاسم واحد من أبرز شعراء فلسطين، وقد ولد لعائلة درزية فلسطينية في مدينة الزرقاء الأردنية  في العام 1939، وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة وعلّم في إحدى المدارس الإسرائيلية، ثم انصرف بعدها إلى نشاطه السياسي في الحزب الشيوعي الإسرائيلي قبل أن يترك الحزب ويتفرّغ لعمله الأدبي. سجن القاسم أكثر من مرة كما وضع رهن الإقامة الجبرية بسبب أشعاره ومواقفه السياسية ـ شاعر مكثر يتناول في شعره كفاح ومعاناة الفلسطينيين، وما أن بلغ الثلاثين حتى كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي ـ كتب سميح القاسم أيضا عددا من الروايات، ومن بين اهتماماته الحالية إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه رسالة سياسية قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي.

من قصيدته "النار فاكهة الشتاءْ" نقرأ:

و يروح يفرك بارتياحٍ راحتين غليظتينْ

و يحرّك النار الكسولةَ جوفَ موْقدها القديم

و يعيد فوق المرّتين

ذكر السماء

و الله.. و الرسل الكرامِ.. و أولياءٍ صالحين

و يهزُّ من حين لحين

في النار.. جذع السنديان و جذعَ زيتون عتيـق

و يضيف بنّاً للأباريق النحاس

و يُهيلُ حَبَّ (الهَيْلِ) في حذر كريم

الله.. ما أشهى النعاس

حول المواقد في الشتاء !

لكن.. و يُقلق صمت عينيه الدخان

فيروح يشتم.. ثم يقهره السّعال

و تقهقه النار الخبيثة.. طفلةً جذلى لعوبه

و تَئزّ ضاحكةً شراراتٌ طروبه

و يطقطق المزراب.. ثمّ تصيخ زوجته الحبيبة

- قم يا أبا محمود.. قد عاد الدوابّ

و يقوم نحو الحوش.. لكن !!

- قولي أعوذُ.. تكلمي! ما لون.. ما لون المطر ؟

و يروح يفرك مقلتيه

- يكفي هُراءً.. إنّ في عينيك آثار الكبَر ؟

و تلولبت خطواته.. و مع المطر

ألقى عباءته المبللة العتيقة في ضجر

ثم ارتمى..

- يا موقداً رافقتَني منذ الصغر

أتُراك تذكر ليلة الأحزان . إذ هزّ الظلام

ناطور قريتنا ينادي الناس: هبوا يا نيام

دَهمَ اليهود بيوتكم..

دهم اليهود بيوتكم..

أتُراك تذكرُ ؟.. آه .. يا ويلي على مدن الخيام !

من يومها .. يا موقداً رافقته منذ الصغر

من يوم ذاك الهاتف المشؤوم زاغ بِيَ البصر

فالشمس كتلة ظلمة .. و القمح حقل من إبر

يا عسكر الإنقاذ، مهزوماً !

و يا فتحاً تكلل بالظفر !

لم تخسروا !.. لم تربحوا !.. إلا على أنقاض أيتام البشر

من عِزوتي .. يا صانعي الأحزان ، لم يسلم أحدْ

أبناء عمّي جُندلوا في ساحة وسط البلد

و شقيقتي.. و بنات خالي.. آه يا موتى من الأحياء في مدن الخيام !

ليثرثر المذياع (( في خير )) و يختلق (( السلام )) !!

من قريتي.. يا صانعي الأحزان ، لم يَسلم أحدْ

جيراننا.. عمال تنظيف الشوارع و الملاهي

في الشام ، في بيروت ، في عمّان ، يعتاشون

 

لطفك يا إلهي !

و تصيح عند الباب زوجته الحبيبه

-قم يا أبا محمود .. قد عاد الجُباة من الضريبه

و يصيح بعض الطارئين: افتح لنا هذي الزريبه

أعطوا لقيصر ما لقيصر !!

***

و يجالدُ الشيخ المهيب عذاب قامته المهيبه

و تدفقت كلماته الحمراء.. بركانا مفجّر

-لم يبق ما نعطي سوى الأحقاد و الحزن المسمّم

فخذوا .. خذوا منّا نصيب الله و الأيتام و الجرح المضرّم

هذا صباحٌ.. سادن الأصنام فيه يُهدم

و البعلُ.. و العزّى تُحطّم

***

و تُدمدم الأمطارُ..أمطار الدم المهدوم.. في لغةٍ غريبهْ

و يهزّ زوجته أبو محمود.. في لغة رهيبه

- قولي أعوذُ.. تكلّمي !

ما لون.. ما- لون المطر ؟

-. . . . .

ويلاه.. من لون المطر !!