الصناعة وفكفكة قطاع الطاقة

تستطيع الحكومة تحويل أزمة فائض إنتاج الكهرباء إلى فرصة لزيادة الانتاج والتصدير وخفض البطالة. إذ يشكل فائض الاستطاعة التوليدية بأكثر من الف ميغاواط من الكهرباء مشكلة داخلية لها ارتباطاتها الإقليمية، وتداعياتها الداخلية سياساً واقتصادياً واجتماعيا نتيجة ارتفاع كلفة فاتورة الطاقة للمنازل والخدمات والصناعة. وتشير الدلائل المتاحة في المجال العام إلى أن ملف الطاقة وسياساتها العامة والخاصة والاستثمارية سيكون موضوعا للنقاش العام، وربما للتحقق و / أو التحقيق، للاجابة على الأسئلة المطروحة اليوم، والتي تبدو منطقية ومشروعة، التي تصاحب مزيدا من الاستطاعة التوليدية لانتاج الكهرباء ومزيدا من ارتفاع أسعارها، ونقصا في الطلب على استخدامها (ضعف النمو الاقتصادي)، في ظل عدم تحسن الأوضاع الاقتصادية وثبات معدل البطالة نحو 18.7 %. السؤال الأهم هو لماذا وصلنا لهذا الحد من القدرة على إنتاج فائض كهرباء لا نستهلكها ولا نصدرها ويتحمل كلفة هذه الاستطاعة المواطن المرهق مالياً والمنهك حياتياً ويزيد أعباء الموازنة العامة والمديونية؟ من المسؤول عن هذا التخطيط غير الحصيف؟ ومن سيُحاسَب على هذا المآل من مصممي ومخططي ومنفذي استراتيجيات الطاقة وسياساتها؟ هل يكفي أن نقول أننا نسعى للوصول الى 20 % من الانتاج (وليس الاستهلاك) من الطاقة المتجددة (رياح وشمس) وندفع هذا الثمن الباهظ لهذه الدعاية؟ لماذا نتعاقد على شراء طاقة بعقود طويلة الأجل ومرتفعة الثمن دون القدرة على مراجعتها في ظل انخفاض كلف انتاج الطاقة الشمسية إلى 1.7 قرش / كيلو واط؟ الشركات المتعاقدة بأسعار تفوق كلفة الانتاج بأضعاف مدعوة، سياسيا وأخلاقيا اكثر من قانونيا، للبدء بمراجعة تعاقداتها لمصلحة الوطن والمواطن. إذ لا يُعقل أن يئن البلد ويرزح الناس تحت وطأة كلفة طاقة باهظة دون إعادة نظر بقطاع حيوي سيادي مثل قطاع الطاقة يُرهق الجميع ويهدد إبقاؤه على حاله الاستقرار. ينبغي على الحكومة أن تحول هذه الأزمة السياسية والمالية إلى فرصة اقتصادية لتحقيق النمو من خلال تقديم الطاقة الاضافية المنتجة كحوافز لخلق فرص عمل بالشكل التالي: تزويد المصانع العاملة والتي تشغل عمالة أردنية بطاقة رخيصة او مجانية خلال النهار (فترة انتاج الطاقة من الشمس) وربط مزيد من التزويد بالطاقة المجانية او المخفضة بخلق مزيد من فرص العمل للأردنيين. من شأن هذه المبادرة أن تخفض كلف الإنتاج على المصانع مما يساهم في تحسين تنافسية منتجاتها وزيادة التصدير والتشغيل ووقف الهدر الناتج عن الزامية الحكومة بشراء "القدرة الانتاجية" مسبقاً Off-take-agreements . ومن شأن هذه المبادرة تقديم حوافز للاستثمارات التي تنوي مغادرة الأردن، لبلدان توفر طاقة أرخص، للبقاء هنا. ولوقف الهدر ينبغي على الحكومة الاستثمار بمشاريع التخزين، على أن لا تكون وفقاً للنماذج المالية والتعاقدية الحالية لمشاريع العروض المباشرة، بحيث تمنع الاحتكار وتنعكس إيجابياً على المواطن والدولة. * رئيس مجلس إدارة نماء للاستشارات الاستراتيجيةاضافة اعلان