الضغط وحده لا يحسم "النووي الإيراني"

يسرائيل زيف - معاريف
خطوة فرض العقوبات الأميركية – الأوروبية هي خطوة في غاية الاهمية، ولكن ليس في وسعها أن تؤدي الى حسم أساسه تخل إيراني عن البرنامج النووي. منذ الثورة، ونظام آيات الله وضع أمام ناظريه الهدف الاعلى والمقدس لتصدير الثورة الاسلامية الى عموم الدول الاسلامية. اضافة اعلان
مساعيه هذه باءت بالفشل، والنجاح الوحيد الذي يمكنه ان يعزوه لنفسه هو اقامة حزب الله في لبنان وأخذ الرعاية على المنظمات الاسلامية في الدول المختلفة، التي تتغذى ايديولوجيا واقتصاديا من طهران. الاحساس بعدم النجاح والفهم بأنه بقوتها الحالية لا يمكن لإيران ان تجسد اهدافها الدينية والايديولوجية هما اللذان اديا بها الى الاستنتاج بان العضوية في النادي النووي ستكون الورقة التي تؤدي الى تحقق ثورة الخميني. ولهذا فانها تعمل بتصميم على تحقيقها.
اليوم، بعد أكثر من ست سنوات من ادارة خطوات ثابتة واستكمال الخطة التي توجد في متناول اليد، من الصعب جدا بل والمتعذر الافتراض بأن طهران ستتخلى عن تطلعها الأعلى، حتى ولا بثمن الخنق الاقتصادي. فقد تبقى للإيرانيين بالحد الأقصى خطوتان حتى موت ملك الشطرنج.
اذا نظرنا الى الالية التي جرت فيها المعركة حيال الغرب، يبدو أن النمط المتكرر في استراتيجية التسويف الإيرانية يجري على النحو التالي: الغرب يهدد، النظام يظهر بانه راض، يعلن عن الاستعداد للعودة الى المحادثات، يدعو بعثات مراقبي لجنة الطاقة الذرية، هؤلاء يصلون، يتجولون في المنشآت غير ذات الصلة وينشرون تقريرا، والى أن يستخلص الغرب من جديد استنتاجات من هذه الخطوة العابثة، تمر بين ستة وثمانية اشهر. وهكذا كسب الإيرانيون نحو ست سنوات.
بشكل افتراض، اذا كان في أثناء الفترة الزمنية المنصرمة منذ العام 2006 فرضت على ايران عقوبات جسيمة كانت ستجفف الصندوق الحكومي، تمس بنمط الحياة وتخرج الجماهير الى الشوارع، فثمة مجال للافتراض بأن النظام كان سيجد صعوبة في الصمود امام هذا الضغط على مدى الزمن. ولكن عندما يكون حسب كل التقديرات يوجد أقل بكثير من سنة حتى استكمال البرنامج النووي، وسيستغرق أثر العقوبات الحالية زمنا للتأثير على الحياة اليومية (بالتأكيد عندما تواصل أسواق الشرق استهلاك النفط الإيراني وتدفع بالمال الى صندوق ايران)، فليس بوسع هذا الضغط ان يؤثر بشكل حاسم سواء على الصندوق الحكومي ام على اخراج الجماهير الى الشارع.
الغرب، وكذا الأميركيون، يعرفون بان النووي الايراني من شأنه أن يشكل ضربة قاضية لما تبقى من نفوذهم. واضح لهم ايضا بان العقوبات هي مثابة أقل مما ينبغي ومتأخر أكثر مما ينبغي، وبدون خطوة عسكرية مرافقة لن يكون ممكنا منع النظام الايراني من تحقيق هدفه. في سنة الانتخابات في الولايات المتحدة، يوجد تخوف من الطريقة التي سينظر فيها الى عملية كهذه في اوساط الجمهور الاميركي، ولكن توجد امكانيتان ما تزالان ستمنحان الشرعية لمثل هذه الخطوة: الاولى هي اغلاق ايران لمضائق هرمز، والثانية هي خطوة عسكرية إسرائيلية.
الامكانية الثانية تخدم على نحو أفضل واشنطن لثلاثة اسباب: فهي ستعرض الأميركيين بأنهم الوحيدون الذين يمكنهم أن يوقفوا الاسرائيليين، الذين فقدوا اللجام؛ في حالة هجوم إسرائيلي سيكون الأميركيون ملزمين بالتدخل، وهكذا لن يتخذوا صورة المعتدين بل وسيفوزون بالصوت اليهودي؛ النووي سيمنع، التدخل الأميركي سيظهر ككابح للجماح، وهكذا يتباطأ تواصل التآكل في مكانتهم في المنطقة.
من جهة، لا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها بالعيش تحت تهديد إيران نووية. من جهة اخرى، في هذا الواقع فانها مطالبة بسلوك مدروس جدا. في الوضع الذي يذكر بالتدافع المتبادل بين عرفات وباراك في كامب ديفيد – لمن سيدخل الباب أولا – من شأن اسرائيل أن تجد نفسها مدفوعة أولا ومنتقلة رغم أنفها من وضع "أمسكوني"  الى وضع اللاعودة في تصدر الخطوة الحاسمة. ولما كان خلافا للأميركيين يتعين عليها ان تتحمل كامل معاني مثل هذه الخطوة، فمن الافضل ان تدير خطوات الهجوم القريب مثل الشطرنج وليس كنزال ملاكمة.