الطريق إلى دمشق

الخطوات التي يقوم بها الأردن باتجاه فتح آفاق واسعة مع العراق الشقيق ايجابية، وكان لزيارة جلالة الملك وما تبعها من زيارات لمسؤولين أردنيين كرئيس الوزراء عمر الرزاز ورئيس مجلس النواب عاطف الطراونة الحالية أثر ايجابي في ترطيب العلاقات، وفتح افاق تعاون اقتصادي وتجاري ونفطي وسياسي.اضافة اعلان
الانفتاح الأردني باتجاه شرقنا مريح ومطمئن، والمطلوب بنفس القدر انفتاح باتجاه الشمال حيث سورية الشقيقة التي يتوجب توسيع قاعدة التعاون معها في الشؤون الصناعية والتجارية والاقتصادية وحتى السياسية والأمنية، إن لزم الامر.
وفي هذا الاطار؛ فإن علينا ربما الاسراع في تعبيد الامور باتجاه دمشق والبناء على القرارات الايجابية التي اتخذت مؤخرا والتي تمثلت بعودة القائم بالاعمال إلى السفارة الأردنية في دمشق، وليس هذا فحسب بل وإعادة السفير إلى سورية.
نظريا ومنطقيا، ودبلوماسيا، فإن الأردن عليه التفكير جديا بتلك الخطوات. ومن يلحظ تصريحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاخيرة والتي قال فيها بأن حكومته "أبقت على اتصالات (على مستوى منخفض) مع الحكومة السورية عبر جهاز الاستخبارات، وإن السياسة الخارجية مع سورية تتم على مستوى منخفض"، يعرف يقينا ان هناك اختلافات في خيوط اللعبة الاقليمية وعلينا الاسراع لكي نكون ضمن من يتعامل معها، وألا نكون على هامشها.
فالكلام التركي الذي جاء من رأس الدولة لديهم جاء رغم أن انقرة تعتبر من أشد المناوئين للرئيس السوري بشار الأسد، ولحكومته، فيما لم تصل الأمور على المستوى الرسمي بين عمان ودمشق لمستويات الهجر والهجوم المتبادل، الامر الذي يؤسس لعودة علاقات دافئة بين دمشق وعمان دون اية معوقات في حال توفرت الارادة لذلك.
الحراك الأردني الاخير والتوجه الأردني تجاه الشرق ولاحقا بكل تأكيد نحو الشمال حيث سورية يؤشر إلى ان الأردن يعيد قراءة الملفات المتعلقة بالمنطقة بتمعن وصبر، وانه بات يمتلك رؤية اوسع، ولذا لن نتفاجا ابدا ان اتخذت عمان قرارا بإعادة السفير الأردني لدمشق او طهران او قطر، فمن يرصد الحراك الأردني يتأكد ان الخطوات تلك وان تأجلت فإنها قادمة بكل تأكيد.
تلك الرؤية يعززها ما قاله الرئيس عمر الرزاز امام النواب عند بداية الاسبوع الحالي ردا على مداخلة للنائب خميس عطية، والتي طالب فيها بعدم ذهاب الأردن باتجاه سياسة المحاور، وقتها قال الرزاز "ما يقوده جلالة الملك على مستوى المنطقة في تركيا والعراق ودول أخرى يعكس ايماننا بأن حلول الأردن يجب أن يخرج بها الأردن ويطرحها كفرص للتعاون مع جيراننا، وزيارة العراق كانت ناجحة جداً تعاطت مع النقل واعفاء منتجاتنا وقطاع الطاقة وفتح الحدود وستخلق فرص عمل، ونتطلع لمزيد من التعاون مع العراق وسورية، والأردن كان وما يزال يعمل على مد الجسور بين الأشقاء العرب بعيداً عن الاستقطاب والمحاور وهذا ديدن الأردن".
هذا الكلام من رئيس الحكومة يدلل ان هناك تطلعات حكومية لفتح الباب امام حوارات وعلاقات دافئة مع دول الجوار في الشمال والشرق، ويؤكد ان الأردن يريد فتح نطاق علاقاته اكثر، وانه سيبتعد عن اي محور يجهد البعض ادخاله فيه او دفعه اليه.
ربما كانت السنون الماضية كفيلة بكشف الكثير من الحقائق التي باتت اوضح اليوم، والتي اثبتت التجارب ان البعض انما اراد تنفيذ مخططات تهمه هو، ولا تعنينا نحن في الأردن من قريب او بعيد، ونغمة البعد العربي والتمدد الايراني ونغمات اخرى غيرها باتت لا تقنع احدا وخاصة اننا بتنا نرى يوميا تمددا صهيونيا في البلاد العربية دون ان يواجه هذا التمدد بأي نقد.
الوقت يمر، والطريق بين عمان ودمشق يجب ان تكون سالكة، فالعوائق التي وقفت في طريقها يوميا لا تكاد تذكر وعلينا إزالتها لإعادة الدفء والحيوية لعلاقة لا يمكننا ابدا ان ننقطع او نبتعد عنها.