الطعونات الانتخابية: الدلالات والاستنتاجات

بدأت بالأمس محاكم الاستئناف ذات الاختصاص بالنظر بالطعون المقدمة إليها من قبل بعض المترشحين الذين يعتقدون أن نتائج الانتخابات بدوائرهم شابتها مخالفات أو خروقات للقانون ما أثر على نتائج الانتخابات. عدد الطعون بهذه الانتخابات بلغ رقما قياسيًا إذ إن هناك 58 طعنًا في نتائج الانتخابات بدوائر متفرقة من المملكة وهو الاعلى تاريخيا. هذا العدد الكبير من الطعونات له أكثر من دلالة، أهمها هو أن إجراءات التقاضي بهذا النوع من الحالات أصبح بعد التعديلات الدستورية للعام 2011 بيد القضاء وليس كما كان في السابق لدى البرلمان الذي كان ينظر بهذه الطعون في بداية انعقاده من خلال التصويت ودون تحقيقات بتلك الطعون حيث جرت العادة على عدم قبولها. أما الدلالة الثانية فقد تكون مؤشرًا على خلل في إجراءات العملية الانتخابية والممارسات التي تمت خلالها سواء كانت من قبل المترشحين أو من خلال بعض الموظفين القائمين على عملية الانتخابات. الكلمة الفصل بهذه الطعون هي القضاء حيث ستكون قرارات المحاكم نهائية وغير قابلة للطعن أو الاستئناف. إن إجراءات التقاضي بهذه الطعون ونتائجها ستكون محط اهتمام الجميع حيث إن هناك انطباعات لدى الكثير من الناس أن الانتخابات البرلمانية للمجلس التاسع عشر شابها تجاوزات للقانون وخاصة من خلال الاستخدام الكثيف للمال الأسود علاوة على البطء والتأخر في الإعلان عن نتائج الانتخابات في بعض الدوائر مما زاد من شكوك البعض. الدورة البرلمانية غير العادية ستكون يوم الخميس القادم وإذا ما استعرضنا الرزنامة المرتبطة بالطعون وقرارات المحاكم فمن المؤكد أنها ستكون بعد انعقاد المجلس والشروع بجدول أعماله بكثير. الرأي القانوني يقول إن ذلك لا يؤثر على عملية التقاضي وإنه في حال بطلان نيابة أحد أعضاء البرلمان فسيتم اسقاط عضويته وتحديد الشخص المؤهل حسب القانون لأن يحل محله. حسب الدستور، فإن عملية الطعون تبدأ بعد إعلان الهيئة المستقلة للانتخاب النتائج النهائية ونشرها بالجريدة الرسمية ولمدة 15 يومًا وتأخذ المحكمة القرار النهائي غير القابل للطعن خلال 30 يومًا من تسجيل الطعن لديها وهذا يعني أن قرار المحكمة سيكون بعد بدء الدورة البرلمانية. هذا التداخل بالمواعيد وفي حال وجود أحكام ببطلان عضوية احد النواب او اكثر فمن المؤكد ان ينتج عنها مشاكل قد تسيء للعملية الانتخابية برمتها. أغلب الدول لا تدعو مجالسها البرلمانية للانعقاد قبل البت نهائيًا بالطعون المقدمة للمحاكم أي أن المجالس النيابية تجتمع فقط بعد قرارات المحاكم النهائية وإعلان الهيئات المعنية النتائج القطعية والنهائية للانتخابات وبعدها تبدأ المجالس النيابية أعمالها. الطعون الانتخابية غير المسبوقة هذا العام وإحالة الهيئة المستقلة للانتخابات العديد من الأشخاص ومنهم مترشحون للقضاء خلال العملية الانتخابية لشبهات مخالفة القانون تستدعي أن تقوم الهيئة بإجراء مراجعة شاملة ونقدية لكافة الإجراءات الانتخابية والمشاكل التي صاحبتها وتقديم توصياتها بخصوص تجويد العملية وتفادي المشاكل السابقة التي تسيء للعملية الديمقراطية برمتها. كذلك فإن تداخل الرزنامة الخاصة بالعملية الاجتماعية والطعون بالانتخابات ووقت انعقاد المجلس يتطلب إعادة نظر وتقييما إذا ما كانت هناك حاجة لتعديلات دستورية للمواءمة بين المسألتين اي تأجيل انعقاد المجلس لحين الانتهاء من تقديم الطعون والبت بها نهائيا من خلال القضاء او المحاكم المختصة.اضافة اعلان