الطفل أحمد يبحث عن النجاة برئتين تالفتين

أمراض الصدر- تعبيرية
أمراض الصدر- تعبيرية

مزن السفاريني

عمان - لم يكن أحمد هو المسؤول عن المصير الذي آل إليه، طفل لم يتجاوز عمره عدة أشهر، أوجد بداية صعبة للأبوين حين تأكدت إصابته بمرض ما، لم ينجح الأطباء بتشخيصه بعد رغم محاولاتهم الحثيثة، فكانت النتيجة: أن أحمد يُعاني من حساسية مزمنة بالصدر.

اضافة اعلان

كان الأب مثقلا بالألم ويحاول البحث عن طوق النجاة لأحمد، يعصف اليأس بأفكاره بين أروقة المستشفى الطويلة، ليشتت ذهنه حديث امرأة طاعنة بالسن، ألقت بنظرة متفحصة على أحمد في حضن والدته، ووجهت نظرها إلى الأب وقالت: "للطفل علاج واحد بإذن الله، أن يُسقى من حليب أتان بكر".

التفت الأب لإعطائها ما تيسر من مال ويغادر، ولكن سرعان ما اختفت عن ناظريه ولم يجدها، كانت تلك هي المفارقة العجيبة.

بعد يأس طويل من الحصول على علاج لحالة أحمد أو التخفيف من حدة آلامه، قرر الأب أن يجرب ما قالته المرأة العجوز في ذلك اليوم، ليتفاجأ الأبوان بتحسن حالة أحمد الصحية، وتباطؤ الألم في صدره، وعدم حدوث مضاعفات على مدى ثلاثة أعوام ونصف العام.

لكن دائرة الألم عادت لتعصف به، فوجئ الأب بعدها بظهور علامات التعب على أحمد، فغادر مسرعًا إلى الطبيب، وكانت النتيجة بعد محاولات عدة: أن نسبة الأكسجين في جسد أحمد أقل من 90 %، وهي نتيجة خطيرة استدعت تدخل الأطباء بشكل مباشر، اتضحت بعدها إصابة أحمد بالتليف الكيسي الناتج عن زواج الأقارب، أما دهشتهم فكانت: كيف استطاع أحمد أن يصمد تلك المدة الطويلة دون علاج!

كانت النتيجة صادمة، وعصية على أن يستوعبها الأب، حينما اعتقد أنه تجاوز المرحلة الأصعب من علاج أحمد، عادت الحياة لتختبر صبره على المضي، فغادر الأب المستشفى يحمل على عاتقه هم الحصول على علاج للطفل أحمد، وبعد أن أودع أوراقه بمستشفى في العاصمة أخبره الأطباء بعدم وجود علاج لحالة أحمد المرضية وإنما متابعة فقط.

اضطر الطفل أحمد للمبيت بالمستشفى خمسة عشر يومًا للحصول على علاج بشكل متواصل كل شهر، ليتبين بعدها بأن العلاج الذي يتلقاه أحمد، يعمل فقط على تخفيف حدة الجرثومة لا أكثر، ومنع انتشارها بالرئتين في محاولة للحصول على تنفس طبيعي يُمكنه من الاستمرار والمضي قُدمًا، حيث أن نسبة الاكسجين في جسده أصبحت لا تتجاوز 60 %.

وبالرغم من عرض الملف الصحيَّ الخاص بأحمد على عدة مستشفيات، إلا أن العلاج الذي حصل عليه لم يكن العلاج الحقيقي لحالته الصحية، حيث أن جرثومة "سيدوموناس" والتي تهاجم خلايا الرئتين في صدره، لا يتوفر علاجها إلا خارج الأردن كما أوضح الأطباء، بالإضافة إلى ضرورة توافر دواء يسمى "التوبي/ توبراميتسين" المتواجد خارج الأردن وتبلغ تكاليف العلبة الواحدة مقدار 2600 دينار.

الأطباء المتخصصون أوضحوا أن المشكلة التي يُعاني منها الطفل أحمد، هي مشكلة خُلقية وليست مرضية ولا يوجد لها علاج بالأردن، إلا أن طبيب الاختصاص ارتأى ضرورة استبدال الرئتين بأسرع وقت ممكن في الخارج، رغم التكاليف الباهظة للعملية والتي تبلغ: 150 إلى 200 ألف دينار.

ما يزال الأمل يملأ والد أحمد متجملا بالصبر بأن يستطيع مساعدة طفله الذي لم يتجاوز عمره الثلاثة عشر عامًا ، في الحصول على علاج أولي من خلال توفير دواء يعمل على تنشيط الرئتين، والقيام بإجراء العملية الجراحية إن استدعى الأمر.

والد أحمد يؤكد صعوبة قدرته على توفير التكاليف الباهظة لعلاج ابنه أحمد، والتي لا يطيق قدرة عليها كعامل مياومة يحصل على قوته وعائلته ضمن ظروف صعبة للغاية، ليبقى الأمل صنارة يتمسك بها كلما نظر إلى جسد أحمد الصغير وهو يضع جهاز التنفس على وجهه، صديقه الذي يفارقه أبدًا، فيخلعه مرغمًا ليرى ابتسامة ابنه البريئة كلما أقبل عليه.

يتطلع الأب اليوم لحصول أحمد على العلاج الضروري، من خلال إمكانية توفير جهاز للأكسجين بسعة 10 لترات كما أشار عليه الأطباء، فيما يؤكد طبيبه المختص ضرورة توافر السعة الضرورية لحالة أحمد، الأمر الذي لم يتحقق بعد، واستمرار خضوعه حتى اللحظة على مولدة بحجم الخمسة لترات فقط.