الطفيلة: بيوت العزاء أصبحت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي

فيصل القطامين

الطفيلة – فيما يقتصر تقديم واجب العزاء في هذه الايام بالطفيلة على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب عدم السماح بفتح بيوت عزاء التزاما بأوامر الدفاع لمنع تفشي فيروس كورونا، تقتصر المشاركة في مراسم الدفن ايضا، على عدة اشخاص من اقرباء الميت.اضافة اعلان
وباتت فكرة حرص المواطنين على عدم المشاركة الفعلية بمراسم دفن الجنازات مقبولة لدى الكثيرين، لتقتصر تلك المراسم على ذوي القربى المقربين جدا من المتوفى وبأعداد قليلة وبحراسة الشرطة.
ويشير احمد شباطات الى ان بيوت العزاء اصبحت تتقبل التعازي على "فيسبوك"، مشيرا الى انه ورغم غرابة هذا السلوك على المجتمع خصوصا الريفي، الا انه اصبح مقبولا في مواجهة تفشي فيروس كورونا.
ويشير محمد علي، إلى أنه دفن قريبة له بمشاركة اعداد قليلة جدا من أقاربه، موضحا ان الشرطة رافقت الجنازة لمنع حدوث تجمع بين المعزين.
ولفت علي إلى أن هذا الامر يعتبر غير مألوف على مجتمعاتنا، خاصة في المناطق التي تعتبر ريفية، والتي ما تزال تتقيد بالتقاليد والعادات ويحرص الأفراد فيها على المشاركة في كافة المناسبات الاجتماعية، لاسيما وأن الفرد قد يتعرض للعتب من قبل ذوي المناسبة في حال عدم مشاركته.
وقال إنه لا يحبذ أن تسود الأحوال الطارئة هذه بسبب فيروس كورونا لمدة طويلة، خشية انقراض العديد من العادات الاجتماعية الحسنة، والتي تسهم في تآلف الناس وتقاربهم والمحبة والتعاون بينهم.
ويقول المواطن أحمد السعودي الذي توفي والده مؤخرا، إنه قام وأشقاؤه ومجموعة قليلة من أقاربه بدفن والده، مشيرا الى انه ورغم ايمانه بان عدم حضور الناس اجراء صحيح، الا انه يقول إن هذه الحالة تزيد ذوي المتوفى حزنا فوق حزنهم.
وأضاف السعودي إلى أن فقدان العادات الحميدة من المجتمع في مناسبات الأفراح والأحزان لا تعطي للمناسبة قيمتها، وتبدد التآلف بين أفراد المجتمع الواحد.
ويقول انه واشقاءه اكتفوا بتقبل التعازي على صفحاتهم على "فيسبوك"، مشيرا الى انه واشقاءه طلبوا من الاقارب والمعارف والاصدقاء عدم الحضور الى منازلهم لتقديم واجب العزاء خشية انتقال العدوى بين المعزين.
من جانبه قال الاستشاري النفسي والاجتماعي الدكتور موسى مطارنة، إن وباء كورونا فرض على العالم واقعا جديدا، وسيسهم في قلب الامور بكافة مجالاتها رأسا على عقب، ومنها منظومة التقاليد والعادات، مشيرا الى ان خشية عدوى الفيروس سيسهم في استبدالها وتغييرها، وسيفرض ثقافة جديدة مغايرة.
وبين الدكتور مطارنة، أن الإنسان يضطر في الظروف الطارئة إلى التغيير والتبديل والاستغناء عن بعض الأشياء التي كانت تشكل جزءا مهما من منظومة ثقافته وحياته الاجتماعية، ومنها ما تعود عليه، خاصة المناسبات الاجتماعية وعلى وجه الخصوص ما يتعلق منها بالموت.
وأشار إلى أنه في ظل أعداد الوفيات الكثيرة نتيجة الفيروس، وحديث الناس عن خطورته، تصبح النظرة لموت الفرد مسألة عادية، وحتى ان مراسم الدفن والعزاء، تصبح المشاركة فيها بصورة بسيطة، خشية الجائحة التي تعم العالم بأسره.
وقال مطارنة ان الجائحة ستجعل المرء يعيد حساباته في المشاركة بمثل هكذا مناسبات، ولو أن لها أهمية بالغة لدى الكثير من شعوب الأرض.
وبين أن المنظومة الاجتماعية والدينية تحتم على أفراد المجتمع الاهتمام بقضية وفاة شخص، مع الحرص على المشاركة في الدفن والعزاء، إلا أن كذلك بات أقل أهمية ويمكن أن يستمر بعد انتهاء أزمة كورونا، ليكون عادات جديدة يستغنى فيها عن الكثير من العادات التي سادت قبل ذلك، بسبب ما تفرضه قيود الحالات الطارئة من أوبئة أو غيرها من منظومة عادات وتقاليد جديدة، مشيرا الى أن سلوك الإنسان يتطور ويتبدل وفق المعطيات المستجدة التي تفرض نفسها.
وأكد مطارنة، أن الأشياء والعادات والثقافات والسياسات ستتبدل حتما وتصبح نظرة الناس لها مختلفة عما كانت عليه قبل كورونا، مشيرا الى ان نظرة العالم لكثير من الدول من حيث قوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية تبدلت خلال الجائحة الحالية، فالبعض منها انهارت اقتصادياتها ومظاهر قوتها، ما رفع عنها تلك الهالة العظيمة التي كان العالم ينظر إليها بشيء من الخشية أو التعجب.