تغريد السعايدة
عمان- لطالما ارتبط مصطلح “إعادة التدوير” بالبعد الاقتصادي والجانب البيئي في مختلف المجالات، لكنه قد يمتد لجوانب إنسانية أخرى تهدف لمساعدة أطفال من ذوي الإعاقة الحركية عبر توفير كرسي متحرك يعيد لهم الأمل في الحياة، كما في فكرة “العجلات الخضراء”.
تلك الفكرة الجديدة تستهدف تمرير إعادة تدوير الأغطية البلاستيكية وعلب الألمنيوم إلى مراحل لخدمة “المجتمع المحلي”؛ حيث نشأت هذه الفكرة قبل 6 سنوات من قِبل رائدة صبحا مديرة ومؤسسة فكرة “العجلات الخضراء Green Wheelz”، التي تؤكد أن عمل المبادرة والمشروع هو مجهود جماعي لفريق متكامل في الحملة يحرص على استمرارية الفكرة، وتحت مظلة “هارتس يونايتد” للتدريب البيئي؛ إذ وضعت نصب عينيها مجموعة من الأهداف “واقعية التطبيق”.
أطنان من عبوات الألمنيوم وملايين من الأغطية البلاستيكية التي يتم جمعها من قِبل أفراد ومجموعات تقدم خدمة مبنية على وعي بأهمية المحافظة على البيئة ومساعدة فئة من ذوي الأعاقة الأقل حظاً، عبر آلية مدروسة يتم تطبيقها بشكل دائم في عمل الفريق، والذي أسهم إلى الآن بتقديم مساعدات بأشكال مختلفة للأطفال المصابين بالشلل الدماغي.
صبحا تحدثت لـ”الغد” عن مشروع “العجلات الخضراء”، والآلية التي يتم بها توصيل الخدمة أو المساعدة لأطفال الشلل الدماغي غير القادرين على الحركة، والتي تبدأ بتجميع عبوات الألمنيوم وأغطية العلب على اختلافها، ويتم بعد ذلك بيعها للجهات التي تستفيد منها في إعادة التدوير، ومن ثم جمع ريع هذه العملية وتحويل المبالغ لمساعدة الأطفال بخدمات صحية ومنهم من يحصل على كرسي متحرك يساعده على التنقل.
غير أن صبحا بينت أن المساعدة تختلف بحسب حاجة الأطفال لها، فمنهم من يحصل على فرصة للتعليم، فيما آخرون على مساعدة علاجية لفترة من الوقت، ومن ثم تقديم كراس متحركة بحسب ما يتوفر لدى الحملة، منوهة إلى أن التركيز يتم على المتواجدين في القرى النائية والمحافظات من خلال التعاون مع الجمعية النموذجية للشل الدماغي، التي تقدم حالات مرضية مسجلة ولديها سجل طبي خاص يتم الاعتماد عليه في اختيار طبيعة المساعدة التي يجب أن تتوفر للطفل.
ولا يقتصر عمل العجلات الخضراء على تقديم مساعدات علاجية، بل إن هناك أربعة محاور يتم العمل على تعزيزها في المجتمع المحلي.
وتأمل صبحا أن يبقى العمل عليها مستمراً، وأولها المحور “البيئي”، الذي يتم من خلاله تأكيد أهمية استثمار خاصية إعادة التدوير للمواد المُستهلكة للمحافظة على البيئة من كل ما يدور حولها من مخاطر.
وتعتقد أن إعادة تدوير عبوات الألمنيوم والأغطية البلاستيكية هي نموذج حي لتطبيق التدوير الإيجابي، و”نسعى إلى زرع ثقافة إعادة التدوير بين أفراد المجتمع من مختلف الأعمار”، بحسب صبحا التي تشير إلى أن ما بين 25 و30 غطاء للعبوات تسهم في قتل حيوانات وطيور، وتؤدي تلك العبوات عند تناولها بالخطأ إلى انسداد مجرى التنفس، والتي يطلق عليها مختصون بأنها “رصاصات قاتلة”.
أما المحور الثاني لـ”العجلات الخضراء” فهو محور إنساني من خلال شراكة المجتمع في مساعدة الآخرين من ذوي الإعاقة الذين هن بأمس الحاجة لذلك، وعلى المجتمع دور كبير تجاه الأطفال، ومن هنا يتم ترسيخ ثقافة مساعدة الآخرين في نفوس الأطفال عبر تشجيعهم على تجميع العبوات والأغطية بمساعدة أهاليهم ومن ثم إرسالها إلى نقاط التجميع الخاضعة للمبادرة.
فيما المحور الرابع يتناول البُعد الثقافي والاهتمام بالبيئة التي يحيا بها الإنسان، وتغيير نمط التفكير لدى الفرد، بحيث يصبح نمط حياة للجميع؛ حيث يتم التواصل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بنشر “بوستات” خاصة حول أهمية إعادة التدوير ومساعدة ذوي الإعاقة كذلك.
وفي هذا الجانب، بينت صبحا أن هناك سلسلة من القصص التي تتحدث في مواضيع إعادة التدوير، وتم تأليفها ووضع الرسومات عليها من قبل أعضاء الفريق التطوعي في العجلات الخضراء، منهم طفلة في التاسعة من العمر، كما يتم نشر مواضيع خاصة بالبيئة، من خلال مختصين في الموضوع ذاته.
فيما ترى صبحا أن المحور الأخير الذي يعمل الفريق على تعزيزه هو الجانب الاقتصادي، وتمكين المجتمع المحلي من خلال بيع تلك المواد القابلة للتدوير للمعامل الصغيرة، ويتم المساهمة في توفير كميات مناسبة لهم تساعدهم على استمرارية العمل الصناعي لديهم.
ومن خلال هذه المحاور، تسعى صبحا، التي عاشت في ظل أسرة لديها وعي بيئي بشكل كبير، وتدعمها في عملها، وبصحبة فريقها التطوعي، إلى أن يكونوا “بصمة خير” في المجتمع يسهمون في تغييرات إيجابية كثيرة تلامس الجميع، ولها جوانب مختلفة يمكن لأي شخص أن يستفيد منها، سواء طفلا، سيدة، تاجرا، ناشطا بيئيا، وغيرهم الكثير.
وتؤكد إحصائيات الفريق تجميع ما يقارب 500 ألف من عبوات الألمنيوم، وحوالي 14 مليون غطاء لعبوات مختلفة، أسهمت في مساعدة 200 طفل على مدار ستة أعوام، وما تخلل ذلك من فعاليات مختلفة ووجود العديد من الجهات المساندة والداعمة لهم لتحقيق أهداف تخدم المجتمع.
