العدالة المناخية أولوية تنموية أردنية أيضا

أحمد عوض في الوقت الذي تفرض فيه قضية التغير المناخي نفسها على أجندة العالم الرسمي وغير الرسمي، ما تزال تحتل مكانة متواضعة على المستوى المحلي، حتى على مستوى المناقشات المتعلقة بالتنمية رسميا وغير رسمي. تداعيات التغير المناخي (ارتفاع درجة حرارة الأرض) لا تخصّ دولة دون أخرى ولا شعوبا بعينها دون غيرها، إذ إن استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض سينعكس على مختلف تفاصيل حياتنا كبشر أينما كنا. لا يبالغ خبراء البيئة والمناخ، المنخرطون في العمل لوقف التصاعد المستمر في ارتفاع حرارة الأرض، عندما يقولون إنه تهديد وجودي للبشرية وغيرها من الكائنات الحية التي تشاركنا العيش على كوكب الأرض. وما تشهده العديد من المناطق في العالم من فيضانات وأعاصير وكوارث طبيعية لا تشكل سوى مقدمات لما يمكن أن يصيبنا جميعا. لذلك، فرض موضوع التغير المناخي وتداعياته نفسه على قمة دول العشرين الكبرى الذي انعقد في العاصمة الإيطالية روما الأسبوع الماضي، حيث فشل زعماء الدول المشاركة فيه والتي تنتج ما يقارب 80 بالمائة من الانبعاثات الكربونية التي تسرّع في زيادة حرارة الأرض من الاتفاق على اتخاذ إجراءات ملموسة لتخفيض هذه الانبعاثات في أطر زمنية يمكن لها أن تخفف من تسارع عمليات التغير المناخي، ما شكل صفعة قوية للمدافعين عن حق البشرية في عالم أفضل، لدرجة إعلان الأمين العام للأمم المتحدة عن خيبة أمله من نتائج القمة. وبشكل مواز للمؤتمر الدولي للمناخ الذي انعقد في جلاسكو-اسكتلندا الأسبوع الماضي، تشهد ميادين المدن الرئيسة في الدول الكبرى العديد من الاحتجاجات والحراكات المنتقدة لدور الدول الصناعية الكبرى في زيادة حرارة الأرض، باعتبارهم الملوثين الرئيسيين للبيئة، ويطالبون بالمزيد من الإجراءات لحماية الأرض وسكانها. محليا، لسنا بمنأى عن المخاطر الناتجة عن التغير المناخي، وهي تهدد مختلف مسارات التنمية في المملكة؛ فالأردن يعد ثاني أفقر دولة في العالم في مصادر المياه، والتغيرات الكبيرة التي تجري على درجات الحرارة أكان بالارتفاع أو الانخفاض، أثرت وستؤثر على حياتنا اليومية وعلى القطاعات الاقتصادية الأخرى وعلى وجه الخصوص القطاع الزراعي. الحقيقة المعترف بها عالميا، تؤكد أن الدول الفقيرة والناس الفقراء هم الذين يدفعون الثمن الأكبر لمختلف هذه التغييرات، فمن جانب لا تستطيع هذه وشعوبها، وبخاصة الفئات الاجتماعية الفقيرة فيها، التكيف مع تداعيات التغيرات المناخية، وقدرتها على تطبيق تدابير حمائية للمتضررين منها محدودة، وتشير التوقعات إلى أن الدول متدنية، ومتوسطة الدخل، ومنها الأردن ستخسر عشرات ملايين الوظائف جراء التغيرات المناخية. بينما تشير الحقائق ذاتها إلى أن الدول المتقدمة والغنية والطبقات الاجتماعية العالية هي الأقل تأثرا بتداعيات التغييرات المناخية، حيث تمتلك الإمكانات والقدرات على تطوير وتطبيق تدابير حمائية متنوعة لمواجهة المخاطر الناجمة عن ذلك. لكل ذلك، فإن المطالبة بالعدالة المناخية تتطلب منا جميعا، رسميين وغير رسميين، العمل من أجل مساعدة الدول الفقيرة والطبقات الفقيرة لمواجهة نتائج ارتفاع حرارة كوكب الأرض، الذي لعبت في تسارعه الدول الصناعية الكبرى والغنية. ويترتب على ذلك الانخراط في الجهود والحركات العالمية التي تنشط في هذا الشأن، وعلينا إعطاء مسارات مكافحة التغير المناخي اهتماما أكبر من قبل الحكومة والمجتمع، على مستوى رسم السياسات، أو تطبيقها، فهي تشكل، كما أشرنا في البداية، أولوية تنموية أردنية.

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا 

اضافة اعلان