العراق وسورية، هل يتشابهان في التمزق؟!

أخشى أن يكون مصيرهما واحدا، فهما تتشابهان في أمور كثيرة، فدولة العراق، الخاصرة الشرقية للأردن، لديها حضارة الآشوريين، ولدى سورية، الخاصرة الشمالية للأردن، حضارة تدمر، وإذا كانت الأولى أول من وضع القوانين (قانون حمورابي)، فإن الثانية، أول «المدنية»، فدمشق أقدم عاصمة في التاريخ.اضافة اعلان
كما تتشابهان في تبنيهما وإيمانهما بمبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي، وإن كان هناك اختلاف بسيط، فمؤسس «البعث العراقي» عاش في سورية، ومؤسس «البعث السوري» عاش في العراق.
في ليلة السابع عشر من العام 1991، قامت قوات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، بحرب ضد العراق، أطلقت عليها عملية «عاصفة الصحراء»، بينما سماها الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، «أم المعارك».
وبعد نحو 45 يومًا، وبالضبط في الثالث من آذار من ذلك العام نفسه، تم تدمير الدفاع الجوي العراقي، وشل حركة طيرانه.. وإن كان هناك خبراء عسكريون يؤكدون أن العراق «قد دُمرت قدراته العسكرية، بُعيد ساعات من شن الضربة العسكرية».
إن صح قول أولئك الخبراء، بشأن تدمير القوة العسكرية للعراق، في غضون ساعات أو حتى أيام قليلة، إلا أن التحالف الدولي، وعلى رأسه القوة العظمى في العالم (أميركا)، رغم ذلك «النصر»، لم يستطع دخول العراق أو احتلال متر واحد من هذا البلد، الذي أخلص شعبه حتى أُنهك تمامًا، وذلك بعد أن قام «التحالف» بتجويعه وتجهيله على حد سواء، وقبل ذلك تعرضه لعملية «قتل مُمنهج»، حيث فُرض عليه حصار لمدة حوالي اثني عشر عامًا، خسر العراقيون، خلالها، ملايين الأرواح، ومثلها إصابات، ناهيك عن تجهير أكثر من خمسة ملايين عراقي.
بقي العراقيون يُعانون، حتى 20 آذار من العام 2003، حيث استطاعت الولايات المتحدة الأميركية، بمساعدة بريطانيا، من احتلال العراق، بحرب لم تتعد أيامها الأسبوعين.. لكن بعد أن تعب وجاع العراقيون، وأصيبوا بأمراض، جراء ذلك الحصار البغيض، الذي أتى على كل شيء في ذلك البلد، الذي كان في وقت ما يُسمى «سلة الخير العربي»، لتبدأ معاناة أخرى من يومها مع الاحتلال.
مناسبة تلك الكلمات، مدخل لما حصل ويحصل في سورية، التي بدأت الأزمة فيها منتصف آذار من العام 2011، إبان ما كان يُطلق عليه «الربيع العربي»، الذي اجتاح ثلاث دولة عربية.
والخشية كل الخشية، بعد مضي عشرة أعوام، أن يكون مصير سورية، مشابها لما حصل في العراق، الذي حوصر بطريقة ممنهجة، كان يُراد منها، ما تحقق لواشنطن، ومن قبلها الكيان الصهيوني، من تدمير لقوة عربية، كان دومًا يُراهن عليها.
بعيدًا عن شمولية النظام السوري، والتفرد بالسلطة، وما عاناه ويُعانيه الشعب السوري، من قمع للحريات وتكميم أفواه و»تمثيليات» الديمقراطية (الانتخابات)، فإن ما يحصل لسورية الآن، مشابه لما حصل للعراق، في أعوامه الأخيرة.
سورية، بُعيد أيام تدخل أزمتها عامها العاشر، وما تبعها من حصار، وفرض عقوبات اقتصادية وأخرى عسكرية.. والكل يأمل بأن لا يتعب الشعب السوري، الذي أُنهك خلال الأعوام الأخيرة، بعد أن عانى لعقود طويلة، من ظلم وعدم عدالة.
قد يقول قائل، إن العراقيين، إبان حكم صدام حسين، والسوريين، إبان حكم «الأسدين»، الراحل حافظ ومن بعده نجله بشار، عانوا أشد المعاناة، على مر أعوام عديدة.. الرد على ذلك هو عندما انهار العراق، أو بمعنى أدق، احتُل، اعترف الكثير من العراقيين، ومن بينهم شهادة معارضين، بأن فترة الراحل صدام، كانت أفضل بكثير مما هم عليه الآن.
الخوف أن يصل السوريون إلى ما وصل إليه العراقيون، لكن بعد فوات الأوان، وحين لا ينفع الندم، لا قدر الله عز وجل، فالجميع يتمنى أن يعود العراق إلى ما كان عليه، لا بل أقوى وأحلى وأفضل.. وكذلك لا يكون مصير السوريين، كمصير أشقائهم العراقيين، وأن تزول «الغمة»، ويعم سورية، مهد الحضارات، الأمن والأمان والاستقرار.