العسكر ضد "الإخوان".. الصدمة التي يخشاها المصريون في الجولة الرئاسية الثانية

مرشحا الرئاسة المصرية أحمد شفيق ومحمد مرسي - (أرشيفية)
مرشحا الرئاسة المصرية أحمد شفيق ومحمد مرسي - (أرشيفية)

كريستوف أياد - (لوموند)
ترجمة: مدني قصري
ستكون المواجهة القادمة في مصر إذن بين الإخوان المسلمين والعسكر! وستجري مسابقة الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المصرية بين محمد مرسي، مرشح حزب الحرية والعدالة، الواجهة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وبين أحمد شفيق، الجنرال السابق المتقاعد، وآخر رئيس وزراء لعهد حسني مبارك. وسوف يكون الدور الثاني للانتخابات المقرر يومي 16 و17 حزيران (يونيو) حاسماً، إذ ستتواجه فيه القوّتان الرئيسيتان في البلاد على مدى السنوات الخمسين الماضية: جماعة الإخوان المسلمين والجيش.اضافة اعلان
وليس من المتوقع إعلان النتائج الرسمية للجولة الأولى من الانتخابات قبل يوم الثلاثاء 29 أيار (مايو). لكن فيما يلي حيث عدد الأصوات ومن حيث النسب المئوية (من بين حوالي عشرين مليون صوت معبّر عنها، علما بأن المشاركة كانت بنسبة 50 ٪)، ومن حيث ثقل المرشحين الرئيسيين. لكن لا بد من التنبيه إلى أن هذه الأرقام التي جمعناها بجهودنا الخاصة من مصادر مختلفة ليست أرقاما نهائية.
- محمد مرسي: 5.5 مليون صوت (27.5٪)
- أحمد شفيق: 5.2 مليون صوت (26٪)
- حمدين صباحي: 4.7 مليون صوت (23.5٪)
- عبد المنعم أبو الفتوح: 3.9 مليون صوت (19.5٪)
- عمرو موسى: أكثر من 2 مليون صوت (أكثر من 10٪)
أسوأ السيناريوهات
يرى الكثير من المصريين أن المبارزة بين مرسي وشفيق هي أسوأ ما يمكن أن يحدث على الإطلاق: إذ يتعين عليهم أن يختاروا بين مؤيد بارز لدولة إسلامية، وبين مُناصر من دون لبس للعودة إلى نظام قديم. ويلخص أحمد خيري، المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، هذه المواجهة بأنها "مجابهة بين إسلاموي فاشي وعسكري فاشي".
وهكذا، قد تتخذ الحملة الانتحابية التي جرت حتى الآن من دون حوادث، منحى أكثر صدامية في الأسابيع الثلاثة القادمة التي تفصلنا عن الجولة الثانية، سيما وأن المصريين ينتظرون يوم 2 حزيران (يونيو) صدور الحكم في محاكمة الرئيس حسني مبارك، المعتقل في أحد المستشفيات. وقد طالبت له النيابة العامة بعقوبة الإعدام، متهمة الرئيس المخلوع بالمسؤولية الشخصية عن إطلاق الرصاص الذي تسبب في وفاة ما يقرب من ألف متظاهر ما بين 25 كانون الثاني (يناير) و11 شباط (فبراير) 2011، وهو يوم استقالته.
تذليل المعيقات
تمثل هذه النتائج مفاجأة نسبية بالنظر إلى الحملة الانتخابية، وخاصة بالنظر إلى استطلاعات الرأي. فقد دخل شفيق ومرسي السباق قبل ساعات فقط من غلق باب الترشيحات، ناهيك عن أنهما دخلا الحملة وهما يعانيان من معوقات رئيسية: فمن المعوقات أمام أحمد شفيق، كانت صورته باعتباره "عدوّاً للثورة"، ولا سيما بسبب تعيينه في عز الثورة رئيسا للوزراء من قبل الرئيس الذي كان على وشك السقوط، قبل يومين فقط من انفجار معركة الجمل الشهيرة. ومن المعوقات أمام محمد مرسي، كان وضعه كبديل لخيرت الشاطر، الرجل القوي في جماعة الإخوان المسلمين الذي عُطل ترشحه، يضاف إلى ذلك السجل السيئ لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين منذ دخولهم البرلمان في كانون الثاني (يناير) الماضي.
الرغبة في مواقف حاسمة
لقد كذّب فوز كلٌّ من شفيق ومرسي، وإلى حد كبير، استطلاعات الرأي والمحللين، ربما لأنهما أفضل من يجسد تطلع المجتمع المصري لعودة نفس النظام؛ النظام الاجتماعي والديني كما يراه الإخوان المسلمون، والنظام الأمني والاقتصادي كما يعد به مرشح الجيش. وقد استطاعت الماكينة الانتخابية الهائلة للإخوان المسلمين، أخيرا، أن تنتصر على المنشق عبد المنعم أبو الفتوح الذي حاول التوفيق بين الليبراليين والإسلاميين، وما بين الثوريين والتقليديين. وأثبتت هذه الماكينة الإخوانية مرة أخرى تأثيرها يوم الجمعة عندما أعلنت قبل السلطات نفسها نتائج الاقتراع، مكتبًا مكتبًا. أما بالنسبة لأحمد شفيق، فقد فضله الناخبون على عمرو موسى، ربما بسبب خلفيته العسكرية وسمعته كرجل قوي، فيما ظل الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية السابق غامضا للغاية، محاولا إقناع المصرين بأن لديه قَدما في الثورة وأخرى خارجها. وكان انهياره مفاجأة. لقد اختار المنتخبون المصريون الخطاب الواضح والحاسم.
مفاجأة صباحي
وكذلك الشأن بالنسبة للمفاجأة الكبرى الأخرى في هذه الجولة الأولى، وهي المفاجأة التي أحدثها المرشح حمدين صباحي الذي جاء في المرتبة الثالثة، بل وقد هدّد المركز الثاني الذي احتله أحمد شفيق. وكان هذا الخصم التاريخي، المنبثق من اليسار الناصري، وغير المعروف كثيرا للجمهور المصري، قد احتل قبل عام المركز الأول في المدن الكبرى التي تصدرت الثورة، في القاهرة والإسكندرية. وقد خاض معركته أيضا في المدن الصناعية، في السويس وبورسعيد، وفي المحلة الكبرى ودمنهور. لكن ضعفه في مصر العليا والوسطى كان عقبة كبيرة في مساره الانتخابي. ويبقى أن نعرف إذا كان دافع صباحي في التصويت دافعا اجتماعيا أم قوميا. وهذا السؤال غاية في الأهمية بالنسبة للدور الثاني.
نقل الأصوات والإنسحابات
هل سينضم الذين لا يريدون الدولة الإسلامية التي وعد بها الإخوان المسلمون إلى رجل كثيرا ما سخر من المتظاهرين في ميدان التحرير في عز ثورتهم، حين اقترح "توزيع الحلوى" عليهم؟
لقد سعت جماعة الإخوان المسلمين منذ البداية إلى كسب أصوات المؤيدين للثورة الذين انحازوا أساسا إلى حمدين صباحي الناصري، وأيضا إلى أبو الفتوح، الإسلامي المستقل الذي احتل المركز الرابع. وقد صرّح أبو الفتوح يوم الجمعة قائلاً: "سأبدأ فورا حوارا واجتماعات مع كافة القوى الوطنية لكي نوحد جهودنا وأصواتنا ونواجه نظاما فاسدا"، في إشارة واضحة إلى الخصم أحمد شفيق. ولذلك فقد يصبح موقف صباحي الذي يجعله ماضيه الناصري أقل انتقادا إزاء الجيش، أكثر صعوبة بالتأكيد.
لكل ذلك، سوف تكون أسابيع الانتظار الثلاثة التي تفصلنا عن الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المصرية الحاسمة مثيرة ومضطربة.

*نشر هذا المقال تحت عنوان:
Militaire contre "Frère", le choc redouté du second tour de la présidentielle égyptienne