العطارات.. خياران لا ثالث لهما

من حُسن حظ الحكومة أن تداعيات كورونا أجّلت البدء بتشغيل مشروع العطارات لتوليد الطاقة من الصخر الزيتيّ لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، بحكم جائحة كورونا والحظر المفروض. مشروع العطارات الذي كانت قد وقعته حكومة النسور تصل قدرته الإنتاجيّة من الطاقة الكهربائيّة إلى 470 ميجا وات بواسطة الحرق المباشر للصخر الزيتي، وهو أكبر مشروع للطاقة في المملكة بكلفة استثماريّة تقترب من ملياري دولار، وكان مخطط تشغيله في شهر حزيران الحالي. هذا المشروع سيرتّب كُلفاً إضافيّة على الخزينة تتجاوز الـ 200 مليون دينار سنويّاً ولمدة 26 عاماً لقاء طاقة كهربائيّة مشتراة تفوق احتياجات واستهلاك المملكة أي أن الخزينة تدفع للشركة مقابل كهرباء لا تحتاجها ولا تستطيع حتى استخدامها مع كُلّ أسف، وهي ذات الأخطاء في اتفاقيات الكهرباء السابقة للمرحلة الثانية مع الشركات المستثمرة بالطاقة المتجددة. الوضع القانونيّ لاتفاقية العطارات محكم جداً وهو لصالح المستثمر ويخضع للتحكيم الدوليّ مثله مثل باقي الاتفاقيات التي وقعتها حكومة النسور التي أغرقت البلاد في اتفاقيات، ومديونيّة هي الأكبر والأكثر تهديدا للاستقرار الاقتصاديّ، وبالتالي لا يوجد أمام حكومة الرزاز اليوم سوى خيارين اثنين لا ثالث لهما للتعامل مع مشروع العطارات، وهما: الأول: التفاوض مع الائتلاف الاستثماريّ لمشروع العطارات على أسعار التعرفة الكهربائيّة المشتراة من المشروع لصالح الشركة الوطنيّة والتي تصل إلى ما يقارب العشرة قروش لِكُلّ كيلو واط، لأنها تعرفة مرتفعة جداً ومُكلفة على الخزينة، خاصة في ظل تراجع أسعار النفط عالميّاً. ثانيا: شراء الحكومة لمشروع العطارات كاملاً، وهذا أمر يدور في فلك مرجعيّات عليا كخيار إستراتيجيّ لتعزيز أمن الطاقة مستقبلاً، وهو يصطدم بواقع التمويل وكلف الشراء وانعكاس ذلك على المديونيّة، لكنه يبقى خيارا أقل خطورة من بقاء المشروع على ما هو عليه، لأن الحكومة حينها ستتكبد 200 مليون دينار سنويّاً للمستثمر طيلة 26 عاماً. للأسف، الخيارات أمام الحكومة للخروج من أزمة اتفاقية العطارات الماليّة محدودة للغاية، وكلها لها تداعيات ماليّة وخيمة على الخزينة، لكن بدرجات متفاوتة، فشراء المشروع لن يقل عن ملياري دينار، وبقاؤه على هذا النحو سيكلف الخزينة أكثر من 5 مليارات دينار تدفع أثمان طاقة كهربائيّة فائضة عن الحاجة وغير مستغلة. الحكومة ملزمة بمعالجة الجريمة التي قامت بها حكومة النسور في قطاع الطاقة، وواجب عليها اليوم عدم ترحيل هذه الاتفاقية بشكلها الحالي إلى الأجيال المقبلة كما فعل غيرها، فالاقتصاد لا يملك ترف الوقت في الانتظار، والوقت بات مكلفا على الخزينة، والأسابيع المقبلة قد تكون مليئة بالتطورات في هذا الملف المعقد ماليّاً وقانونيّاً.اضافة اعلان