العلاقات الزوجية.. لماذا يختفي الانسجام ويسود الجمود مع الوقت؟

Untitled-1
Untitled-1
عمان- يتردد لزيارتي الكثير من الزوجات والأزواج الذين يشكون من نقص الانسجام في علاقتهم بعد عدة سنوات من الزواج، ويصفون لي كيف تغير شركاؤهم من أشخاص مراعين ومكترثين بمشاعرهم واحتياجاتهم إلى أشخاص لا مبالين، بل وأنانيين أحيانًا. يحدثني هؤلاء الأزواج عن بدايات علاقتهم وعن طباع شركائهم في ذلك الوقت، فقد كان أزواجهم يتصرفون بكياسة وتهذيب تجاههم وكانوا يتحدثون بطريقة لبقة ويستخدمون عبارات من قبيل "شكرًا" و"من فضلك"، عند الحديث معهم، والأناقة والتزين كانا حاضرين دومًا عند اللقاء والذهاب للمواعيد فيما بينهما، أما الأحاديث فقد كانت شيقة وممتعة وتكاد لا تنتهي بينهم! غير أن الحال لم يعد كذلك حاليًا؛ إذ أصبح أزواجهم يقضون أغلب أوقاتهم مقابل شاشات هواتفهم الذكية وأجهزة حواسيبهم، ولا يتأنقون ويتزينون إلا عند الخروج من المنزل، ونادرًا ما يستشيرونهم عند الإقدام على اتخاذ قرارٍ جديد في حياتهم، والكلمات اللطيفة وعبارات الغزل جفت أيضًا، وحل محلها عبارات انتقادٍ لاذعة عندما لا تسير الأمور وفقًا لتوقعاتهم! عندما يستذكر الشركاء تلك الأيام الماضية، ينتابهم مزيج من مشاعر الحزن وخيبة الأمل، ومشاعر افتقاد لشعور القرب الذي تلاشى تدريجيًا مع تقادم العلاقة، فهم لا يشعرون بأن شركاءهم يحبونهم أو يكترثون لأمرهم كما كان حالهم في البدايات، بعباراتٍ أُخرى ويقولون أنَّهم يشعرون بأنَّ الشخص الذين هم معه اليوم ليس هو ذاته الشخص الذي وقعوا بغرامه واختاروه ليكون شريكًا لحياتهم، بل حتى أنَّهم أصبحوا يتساءلون عمّا إذا ارتكبوا غلطة بزواجهم منه، أو إذا انتهى الحب فيما بينهما، ببساطة. ما الذي يتغير؟ في بدايات أي علاقة عاطفية، يكون الحب نضرًا وحيويًا؛ يغمر الأزواج الحماس ويتوقون لقضاء كل لحظة مع أزواجهم، ويتلهفون لمعرفة جميع التفاصيل عن الآخر، ويعاملون بعضهم بمنتهى الحب والاهتمام، لماذا؟ لأنهم يرغبون بإبهار الطرف الآخر! بمرور الوقت، تبدأ مشاعر الافتتان والشغف بالاضمحلال تدريجيًا بطبيعة الحال، وتحل محلها مشاعر أكثر نضجًا وهي مشاعر الحب طويل الأمد. كما تتراجع المحاولات لإبهار الطرف الآخر، وهو شيء طبيعي الحدوث ومقبول في حال كانت التغيرات الحاصلة مقبولة وغير جذرية. تبدأ مشاكل العلاقات العاطفية بالظهور عندما يتوقف أحد الشريكين أو كلاهما عن إظهار اهتمامه وحبه للطرف الآخر، وعندما يتوقف أحدهما أو كلاهما عن التعامل بلطفٍ ودماثة مع الطرف الآخر، مما يجعله يشعر بأنه يعيش مع صديقٍ له أو مع شريك في السكن. وهنا تجدر الإشارة إلى وجود فرقٍ كبير بين التعامل بأريحية مع الشريك، وبين الاستهانة. نصائح للحفاظ على الحميميّة وعلى الترابط الصحي - التعبير عن الامتنان والتقدير للأمور البسيطة. عدم اعتبار أنَّ كل ما يقدّمه الشريك لك أو للعائلة هو واجبه المفروض عليه في هذا الزواج. إدراك حقيقة أننا جميعًا نبتهج ونزدهر بالتقدير، وبأنّ التقدير يحفزنا على مواصلة العطاء. التعامل مع الشريكة والشريك بلطف وتهذيب في أغلب الأوقات. تقديم المساعدة في إنجاز عملٍ ما. وفتح الباب لها أو له. سؤالها أو سؤاله عن أحوالهما وعمّا إذا كانا بحاجةٍ لشيءٍ ما. الاستماع للشريكة أو الشريك واحترام وجهات نظرهم. وسماع ما تقوله أو ما يقوله. عدم الاستهانة بمخاوفها أو مخاوفه، وعدم الردّ على هذه المخاوف بهجومية وعصبيّة. استيعاب وجهة نظر الشريك وتفهمها لا تعني بالضرورة الاتفاق معها، بل يعني ببساطة الاحترام بما فيه الكفاية للاستماع لوجهات نظرهم، وهذا الأمر لهو من آداب وقواعد اللياقة العامة التي يفترض إظهارها لأي شخص. - إجراء محادثات عميقة وثرية. يجب ألا تقتصر المحادثات على الأمور الروتينية والشؤون اليومية في الحياة المشتركة؛ مثل العمل أو الأطفال، بل يجب أن تتعدى ذلك لتكون عميقة وثرية أكثر. تخصيص وقت بشكلٍ منتظم ليجلس الشركاء بمفردهم، واستغلال ذاك الوقت بالتحاور في أمور جوهرية، مثل الآمال والطموحات، أو لمشاركة أمور قد حدثت في الماضي. الانتباه للغة الجسد، والحفاظ على التواصل البصري عند تحدث الشريكة أو الشريك، إذ يتضمن هذا الأمر الاحترام والاهتمام، والامتناع عن استخدام لغة جسد أو نبرة صوت ساخرة. عدم انتقاد الشريكة أو الشريك أو تقليل احترامهما أمام الآخرين. تجنب إثارة أو مناقشة المشاكل الزوجية أمام الآخرين، لأن ذلك فيه إهانةً للشريكة أو الشريك، ولأنه يفضي إلى شعورها أو شعوره بالاستياء والخزي بدلاً من الشعور بالندم والأسف على ما بدر منها أو منه التعبير عن المخاوف وبواعث القلق بخصوصية وبشكلٍ صريح وواضح، وغرس ثقافة الحب والإعجاب والشغف بالعلاقة. بدلاً من التفتيش عن هفوات وزلات الشريكة أو الشريك في العلاقة ومواجهتهم بها على شكل انتقاد ولوم، يمكن تدريب العقل على البحث عن الميزات، ومشاركتها على شكل إطراء، لاحقًا يمكنكم مشاركتها أو مشاركته بانزعاجكم من أمرٍ ما تقوم أو يقوم به وإبداء رغبتك بعمل تعديلٍ ما. تطغى التفاعلات الإيجابية على نظيرتها السلبية بنسبة 1:5 في العلاقة الصحية، أي يجب على الشريكة أو الشريك القيام بخمس تفاعلات إيجابية لمعادلة أثر تفاعل سلبي واحد. تحديد موعد أُسبوعي أو شبه أُسبوعي لإمضاء وقت خاص بالشريكين. يفضل تحديد يوم واحد كل أُسبوع ليقوم الشريكان خلاله بعمل نشاط خاص بهما كزوجين، مثل الخروج في موعدٍ على العشاء، أو مشاهدة فيلم معًا. يبين تحديد موعد أسبوعي أو شبه أسبوعي والالتزام به لإمضاء وقت خاص بهم، بأنهم مهتمون ببعضهم به ويحترمونه وبأن علاقتهما معًا هي أولوية بالنسبة لهم. مريم حكيم مستشارة في العلاقات الزوجية مجلة نكهات عائليةاضافة اعلان