العمليات الأخيرة بالضفة: ليست جزءا من موجة عفوية

هآرتس

عاموس هرئيل

اضافة اعلان

قتل الشابة رينا شنراف في العملية التي أصيب فيها ايضا والدها وشقيقها، نفذ بواسطة عبوة ناسفة شغلت كما يبدو عن بعد، حيث كان المهاجمون يراقبون موقع العملية. هذا هو الاستنتاج الظاهر من التحقيق الأولي في العملية التي حدثت قرب النبع الموجود قرب مستوطنة دولب في غرب رام الله.
الخطوط العامة للعملية تدل على درجة من التخطيط المسبق، وعلى معرفة المكان وترتيبات الحماية فيه. وتدل ايضا على خبرة ما في اعداد العبوات الناسفة. يبدو أن العبوة القاتلة لم تكن عبوة بدائية وسهلة التفجير، بل سلاح متطور أكثر بقليل، ربما أنه صنع في مختبر للمواد المتفجرة.
في هذه السنة كانت محاولات لتنفيذ عدة عمليات في الضفة الغربية. في بداية الشهر الحالي أعلن الشباك أنه كشف خلية لحماس كان اعضاؤنا ينوون وضع عبوة في القدس. وفي السنة الاخيرة ايضا كشفت اجهزة الامن الفلسطينية في حالتين محاولات لوضع عبوات ناسفة على الشوارع التي تسافر فيها دوريات للجيش الاسرائيلي.
العملية قرب النبع عبرت عن تصعيد مهم بدأ مؤخرا في عدد العمليات الشديدة. في أقل من اسبوعين قتل الجندي دابير شورك بالطعن في غوش عصيون على أيدي فلسطينيين أحدهما مرتبط بحماس. وأصيب أخ وشقيقته في عملية دهس في موقف سيارات في نفس المكان، وتم طعن شرطي من قبل فلسطينيين في منطقة الحرم (اللذان أطلقت النار عليهما وقتلا)، وقتلت الفتاة رينا شنراف. لا يوجد قاسم مشترك واضح بين كل هذه العمليات، لكن من الصعب الحديث عنها فقط كتوجه لعمليات "ذئاب فردية"، في عدد من الحالات تم احباط عملية لاعضاء حماس من الخليل، هناك انتماء تنظيمي واضح. وفي العمليات الاخرى، منها كما يبدو ايضا قتل فتاة، يبدو أن هناك اكثر من شخص شارك في التخطيط.
يبدو أنه ليس هنا فقط موجة عفوية لمنفذين منفردين، بل دلائل على تنظيم خلايا محلية عدد منها مرتبط بالتنظيمات وتعمل بتشجيع حثيث من قيادة حماس المسؤولة عن ذلك في القطاع، والتي تسمى "قيادة الضفة". تبريرات العمليات، من كراهية اليهود مهما كانوا حتى النضال ضد الاحتلال، موجودة دائما، لكن ساهم في التوتر كالعادة تسخين الاجواء حول الحرم. الاحداث في الحرم في 9 آب (الذي صادف في هذه السنة مع عيد الاضحى للمسلمين) اضافت الى هذا الخليط ايضا الصاعق الديني، الذي من ناحيته يخلق صعوبة خاصة في تهدئة النفوس. الضفة الغربية، وبدرجة ما شرقي القدس، تشتعل بالعنف في الاسابيع الاخيرة.
هذه الدلائل المقلقة تم تشخيصها مسبقا في الطرفين. في الاسبوع الماضي نشرت هآرتس عن تحذيرات للجيش الاسرائيلي من ازدياد العمليات في الضفة. وفي "يديعوت احرونوت" نشر تقرير لاجهزة الامن الفلسطينية حذر من نتائج مشابهة. وفي الخلفية تقف ايضا الازمة الاقتصادية الشديدة للسلطة. قرار اسرائيل خصم من اموال الضرائب التي تجبى للفلسطينيين المساعدة التي تحولها السلطة الفلسطينية للسجناء الامنيين في اسرائيل، ورفض الفلسطينيين لتسلم الاموال عبر قنوات بديلة، عمل على تدهور الوضع في الضفة الغربية وتقليص نحو نصف رواتب موظفي الدولة الفلسطينيين (اكثر من ثلثهم هم من اعضاء اجهزة الامن)، في نصف السنة الاخير.
في يوم الخميس الماضي القى رئيس الحكومة نتنياهو ورئيس السلطة عباس بطانية على الشعلة الحارقة هذه. الطرفان توصلا الى اتفاق ملتو يسمح بضخ نحو ملياري شيكل لصندوق السلطة. التفاصيل معقدة وضبابية بما فيه الكفاية من اجل تمكين اسرائيل والسلطة من الادعاء بأنهما لم يتنازلا عن مبادئهما. الاتفاق يدل على أن الطرفين ادركا أن الوضع على الارض متفجر، ولا يمكن تركه على حاله.
الاتفاق المالي لم يمنع حدوث العملية قرب دولب، ونجاح المخربين في العملية الاخيرة بالتأكيد ستنتج عنه محاولات تقليد في الفترة القريبة القادمة. في المقابل، الوضع المالي في السلطة سيستقر على الاقل حتى شهر تشرين الثاني، والاجهزة يتوقع أن تزيد وفقا لذلك جهودها لاحباط تنفيذ العمليات.
الوضع ما يزال متوترا في القطاع
في هذه الاثناء في قطاع غزة مرت مظاهرات يوم الجمعة بصورة منضبطة نسبيا. حماس نشرت قوات كبيرة من المنظمين الذين منعوا من خلال استخدام القوة اقتراب المتظاهرين من الجدار. ايضا الجيش الاسرائيلي فرض انضباط على القناصة. من القطاع تم الابلاغ عن خمسة مصابين باصابة بالغة في الاحداث، لكن لم يتم الابلاغ عن قتلى.
من التحذيرات الاسرائيلية الاخيرة للجهاد الاسلامي ومن خطوات وقائية اخرى يتخذها الجيش ومنها نشر بطاريات القبة الحديدية في الجنوب، يتبين أن التوتر في القطاع لم يهدأ بعد. في القطاع يوجد الآن مبعوث قطر محمود العمادي الذي جلب معه ارسالية اخرى من الاموال لحماس، والتي سيبدأ توزيعها على سكان غزة في الغد. هذا الامر يمكنه أن يوفر حافزا لقيادة حماس من اجل الحفاظ على الهدوء، لكن الاجواء في غزة متوترة ازاء وتيرة تطبيق التسهيلات ببطء. في هذه الاثناء تسوية طويلة المدى تظهر كهدف يصعب التوصل اليه، وتصعيد عسكري آخر ما يزال يشكل احتمالية معقولة جدا.