الغريب يتخطى فقدان البصر ويستثمر مهاراته بالعمل الخيري

Untitled-1
Untitled-1

تغريد السعايدة

عمان- بروحه المرحة وتفاصيل يومه الجميلة في عمله الخيري، في جمعية باب الخير للعمل التطوعي، يبث الشاب عبد الله الغريب في كل صباح روح المرح والإيجابية والتقدير بين زملائه في فريق العمل، كما وينقل تلك الطاقة إلى باحات مواقع التواصل الاجتماعي التي يُشرف عليها بنفسه، على الرغم من أنه ولد كفيفاً؛ إذ "غاب البصر وحضرت البصيرة".اضافة اعلان
اختار الغريب أن يشق طريقه بكل قوة في محاربة ظروف الحياة التي عاندته في فقدان حاسة البصر، فكان منذ طفولته مصممًا، وبدعم ورعاية أهله، على أن يكمل تعليمه حتى النهاية، واستمر حتى تخرج في الكلية حاملاً شهادة الدبلوم في الشريعة الإسلامية، ليطرق باب الخير من أوسع أبوابه في عمله في الجمعية التي تُعنى برعاية الأيتام والأسر العفيفة وتحقيق أحلام المحتاجين.
يتطلب عمل الغريب الانتباه والدقة في الجمعية، لذا، هو شديد الحرص على أداء عمله على أكمل وجه، وهو ما لمسه فريق العمل، الذي بات يعتمد عليه في أن يتولى كل ما يتم بثه عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أعمال الجمعية أو الإعلانات الخاصة بها، ليكون الغريب هو المسؤول عنها.
والأجمل أن من يقرأ ويشاهد ما يتم كتابته عبر مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالجمعية، يدرك مدى اللغة القوية والتعبير الجميل اللذين يجمعهما الغريب، عدا عن عمله الموازي في الجمعية، والذي يُعنى بترتيب وتنظيم الكشوفات الخاصة بالحوالات المخصصة لعائلات الأطفال الأيتام التي تتكفل الجمعية برعايتهم وتقديم الكفالة لهم شهريًا.
هذا العمل يتطلب دقة في كل خطوة فيه، كونه يتحدث بلغة الأرقام، لكن الغريب حولها إلى لغة المحبة والإنسانية التي يحفظ من خلالها كل ما تحتاجه عائلات الأطفال، فيقرأها بقلبه قبل أن يعاود قراءتها بلغة "بريل" التي تعملها منذ الصغر، وتابع من خلالها دراسته في أكاديمية المكفوفين، التي تدرج فيها للتعليم حتى الثانوية العامة.
لغة "بريل" ساعدت الغريب كثيرًا على أن يقوم بأداء عمله بكل حب وإتقان، وعلى الرغم من تخوفه من العمل في البداية، إلا أنه مع التدريب والممارسة للعمل، وبدعم العاملين معه، تمكن من أن يكون من أفضل الأشخاص الذين يساعدون في العمل، كما يعمل على التواصل مع كل من يتصل بالجمعية ويبحث عن مساعدة ودعم واستفسار.
يقوم الغريب بالحصول على المعلومات التي يعمل على ترتيبها من خلال زملائه، ومن ثم يقوم بتفريغها عبر الجهاز الناطق في الكمبيوتر، ولكنه يقوم بعد ذلك بطباعتها بلغة بريل، التي يعتمد عليها في عمله في القراءة، ومن ثم يكمل باقي أعماله، ويحفظ مواعيد تسليم الحوالات، ويحرص على أن يكون العمل دقيقا جدًا، فكل شخص يتلقى مساعدة من الجمعية ينتظر تلك المساعدة التي تعني للعائلات "منقذا" لتيسير أمور الحياة.
كما أن مبادرة "حلمي يتحقق" التي تقوم على تنفيذها جمعية باب الخير، تُظهر الكثير من الحالات المرضية التي تحتاج إلى من يحقق حلمها، وقد غرست في نفس الغريب روح المحبة والتقبل والسلام الذي يشعر به، وفق تعبيره، ممتنا للنعم التي تحيط به، وهم: الأسرة، الأصدقاء، الزملاء، ومنهم زملاء الدراسة الذين كانوا يقومون بتسجيل المحاضرات له "صوتياً"، ليقوم فيما بعد بدراستها.
كل هذه الأمور، أثرت في حياة الغريب ليقف على قدميه، ويقوم بعمله الذي يجد فيه الكثير من المتعة، فذلك يدفعه إلى توجيه رسالة إلى كل شخص يعاني من أي إعاقة كانت، سواء حركية، جسدية، وحتى معنوية، أن يجد لنفسه طريقاً يؤثر فيه ويتأثر في الحياة، فلا يقف مكتوف اليدين، وأن ما حدث له من "إعاقة" هي ليست ابتلاء بقدر ما هي اختبار قوة ونقطة تحدي له في الحياة.
ومن خلال عمله في الجمعية يقول الغريب، "عندما ترى الكثير من الهموم والحرمان الذي تعانيه العائلات المحتاجة أو ممن يفقدون قدرتهم على ممارسة حياتهم لأسباب عدة، تتيقن نعمة الله عليك، فأنا أفقد إحدى حواسي، ولكن غيري يفتقد للكثير من معاني الحياة التي نحياها ونعيش في تفاصيلها".
يذكر أن جمعية باب الخير تقوم بتقديم العديد من الفعاليات والمشاريع الخيرية التي لا تنقطع على مدار العام، وتُعنى بالوصول إلى مختلف محافظات المملكة، ومن أبرز مشاريعها "‏زينكو‏، ‏حلمي بتحقق، ‏صفحتك بيضا‏، حقيبتي، ‏فرحتهم عيد، ‏فنانيس، ‏كمشة دفا".‏