القدس ليست على طاولة المفاوضات!

بعد نحو 25 عامًا على توقيع اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين .. لا يوجد في الأفق بصيص أمل يُبشر ببزوغ سلام ينعم فيه الفلسطينيون بدولة كاملة ذات حدود معلومة وواضحة، وذلك كله بسبب تعنت وتكبر دولة الاحتلال وعلى رأسها الحزب الحاكم فيها "الليكود".اضافة اعلان
25 عامًا من المفاوضات، تضمنت ما تضمنت من مبادرات أهمها مبادرة السلام العربية، والتي لم يبق منها إلا اسمها، وما يزال العرب مستمرين بالتفاوض مع كيان مغتصب.. فبعد كل التنازلات تلك، لا القدس ولا عودة للاجئين أو تعويضهم على الأقل ولا دولة للفلسطينيين.
ماذا جنى العرب بشكل عام والفلسطينيون بشكل خاص، من التوجه نحو السلام مع دولة مارقة على القانون لا تريد أي سلام ليس مع جيرانها فقط، بل العالم أجمع، فالكيان الصهيوني قام منذ توقيع اتفاقية اوسلو العام 1993 بمضاعفة الاستيطان 400 %، فقبل ذلك العام كان في الضفة الغربية والقدس والجولان أقل من 100 ألف مستوطن، واليوم أصبح عددهم يتجاوز 600 ألف مستوطن، وكان هناك أيضًا أقل من مئة مستوطنة، والآن يوجد نحو 420 مستوطنة.
أضف إلى ذلك إقرار البرلمان الصهيوني أو ما يسمى بـ"الكنيسيت" قانونا يحظر على حكومات الاحتلال التفاوض على القدس، بالإضافة إلى قرار لحزب الليكود صادق عليه مساء يوم الأحد الماضي وبالإجماع يقضي بضم المستوطنات في القدس والضفة الغربية إلى إسرائيل.
كل ذلك يقود إلى نتيجة واحدة وهي مزيد من التهويد ومزيد من التوطين ومزيد من قضم الأراضي، خصوصًا وأن إسرائيل تعتزم بناء مليون وحدة استيطانية خلال العقدين المقبلين، وبالتالي تغير موازين القوى لصالح المغتصبين على حساب الأرض المحتلة وأهلها، وفرض قيود شديدة على أي تفاوضات بشأن القدس المحتلة، وهذا دليل على عدم رغبة الاحتلال الصهيوني بوجود دولة فلسطينية، أو ما اصطلح على تسميته بحل الدولتين.
تمزق وتفتت وهوان وضعف الدول العربية وانشغالهم بنزاعات وحروب داخلية وطائفية أو أزمات اقتصادية خانقة، فضلًا عن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب باعتبار القدس المحتلة عاصمة للكيان المغتصب ونقل سفارة بلاده إليها.. كلها أسباب دفعت الاحتلال للمضي قدمًا في مشاريعه، وكل ذلك على حساب الفلسطينيين والسلام الذي لم يكن سلامًا بمعناه الحقيقي.
لا خيارات أمام الشعب الفلسطيني منذ اتفاقية اوسلو، والعملية السلمية لم ولن تصل إلى شيء مملوس على أرض الواقع يحقق نتائج إيجابية للفلسطينيين الذين يذوقون ويلات الاحتلال وهمجيته وعنجهيته منذ حوالي قرن من الزمان.. فالعملية السلمية مجرد جسر لتنفيذ مخططات بني صهيون وكأنهم يريدون كسب الوقت لابتلاع مزيد من الأراضي لفرض أمر واقع على الأرض يصبح بعدها استحالة إقامة دولة فلسطينية.
الشعب الفلسطيني أمام خيارين، أولهما مواجهة الاحتلال الصهيوني بلا دعم ولا ظهير، أي الاستمرار بانتفاضته.. وهذه بحد ذاتها سلاح ذو حدين، فقد يكون هذا الشعب المناضل عرضة لـ"ترانسفير" ومن ثم خسارة كل شيء، واما تحقيق مكاسب على الأرض، لكن هذه بحاجة إلى دعم الشعوب العربية للوقوف بوجه الغطرسة الإسرائيلية ومن قبلها الأميركية.
أما الخيار الثاني، فيتمثل باستمرار السلطة الفلسطينية في العملية السلمية مع الكيان المحتل، أي بمعنى أصح سلطة وظيفية تقدم خدمات للمواطنين فقط، مع عودة التنسيق الأمني مع إسرائيل.
على السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وعلى العرب استثمار الحراكات الشعبية والدبلوماسية وخلق حالة تعبوية للتعامل مع المغتصب، ضمن أساليب جديدة، مع عدم إغفال دور المقاومة ودعمها، خصوصًا أن 128 دولة قالت "لا" لقرار ترامب بشأن القدس، إبان اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
لكننا نخشى أن الفلسطينيين في زمن لا خيارات لهم!