القيادة في زمن كورونا وذكرى الاستقلال

الأردن، البلد العربي الشرق أوسطي، يقدم كل يوم درساً متقدما في القيادة وفن اتخاذ القرارات السريعة والحكيمة والصائبة في مختلف الظروف والأزمات، وبات قدوة للعالم كله فأخذ يحذو حذوه، وباتت الكثير من القرارات تصلح أن تدرس في كليات الأعمال والجامعات والمعاهد وخاصة عندما يتعلق الأمر بالأزمات التي لا شبيه لها. أتحدث اليوم عن حدثين مهمين مرا على الأردن، الأول لم يكمل من العمر ثلاثة أشهر بعد وهو جائحة كورونا التي ما زلنا نعيش في وسط غبار معركتها، والتي جاءت ضمن ظروف غير مألوفة أخفت طبيعتها، والثاني حدث الاستقلال الذي مرت عليه 74 عاما قبل يومين.اضافة اعلان
عندما اندلعت جائحة كورونا في شهر كانون الأول 2019 في مدينة يوهان الصينية ظن العالم أنه مجرد فيروس صغير ستكون آثاره محصورة في بقعة صغيرة في الصين. ومع مرور الأيام بدأت تتكشف الحقائق عن ذلك الفيروس وأخذ ينتشر خارج حدود تلك المدينة البعيدة قافزا فوق الحواجز وعبر الأشخاص لينتقل من دولة إلى أخرى. ومع ذلك فإن ردود أفعال الدول والأشخاص والمؤسسات على انتشار هذا الفيروس تفاوتت بشكل كبير كما رأينا. وظهرت تكلفة انتشار الفيروس على شكل تكاليف مباشرة على صحة الناس وعلى الأنظمة الصحية للدول، ومن جهة ثانية ظهرت بشكل واضح على الاقتصادات بشكلها الكلي والجزئي.
وهنا تجلى دور القيادة عند الدول التي لديها قيادات تتميز بأفق واسع ورؤية صائبة مكنتها من اتخاذ القرار السليم بسرعة فائقة وفي ظل ظروف عدم اليقين فكانت النتائج السلبية الصحية عند أدنى مستوياتها القياسية ووفقا لأفضل المعايير العالمية. الأردن، بقيادته الهاشمية الملهمة، استطاع أن تكون له نظرة استباقية وضعته في مقدمة كافة دول العالم المتقدمة قبل النامية. الأردن في هذا المجال ألف كتاباً جديداً في فن القيادة واتخاذ القرار وإدارة الأزمات والمخاطر. فنجح في تجنيب شعبه وضيوفه تداعيات الأزمة الصحية فعبر بنا إلى شاطئ الأمان. وها هو يعود للعمل بأقصى طاقة ممكنة ضمن شروط صحية سليمة أدرك الجميع أهميتها.
والآن نأمل أن نتمكن من قيادة المرحلة القادمة التي تتصف بصعوبتها من إدارة الاقتصاد بجانبي العرض والطلب وبقطاعاته العامة والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني بحكمة وحصافة لنعود لحالة متقدمة من الإنتاجية والتنافسية التي تؤهل الأردن الدخول في عصر ما بعد كورونا بقوة ومتانة ومنعة.
ذكرى الاستقلال الرابعة والسبعين تذكرنا أيضا أن لهذا الوطن ربًّا يحميه وقيادة حكيمة ملهمة تقوده تتحلى بسلوكيات راقية ومنظمة وعقلية متميزة، وما كان للأزمات والملمات التي اجتازها الأردن من دور إلا في تقويته وزيادة متانته ومنعته وخبرته في التعامل معها. المرحلة الحالية تحتاج لاستشراف دقيق للمستقبل لنتمكن من وضع خطط مستقبلية واتخاذ قرارات استباقية حكيمة تنقلنا لمستوى يلائم المرحلة ويقودنا خطوات سريعة للأمام. الكل معني والشراكة بين كافة الأطراف مطلوبة وملحة وهذا توقيتها. حمى الله الأردن.