الكوكباني: تراجع وضع المرأة في دول الربيع العربي

د. نادية الكوكباني - (من المصدر)
د. نادية الكوكباني - (من المصدر)

 عزيزة علي

عمان- رأت عضو الحوار الوطني الشامل في اليمن د. نادية الكوكباني، أنه "لا توجد إحصاءات أكيدة، يمكننا أن نعتبرها مؤشرا حقيقيا للتحسن، أو لتراجع وضع المرأة في ظل الربيع العربي".

اضافة اعلان

ولفتت الى أن هذه المؤشرات يمكن التقاطها من خلال دول الربيع العربي، وتظهر في جزء منها "تراجعا في وضع المرأة العربية، وعودة للصراع من اجل تثبيت مكتسباتها السابقة، خاصة في دول الربيع العربي، تونس ومصر واليمن".

وأضافت الكوكباني، التي تعمل استاذة مساعدة في جامعة صنعاء بكلية الهندسة/ قسم العمارة "في اليمن، لا يبدو الوضع مختلفا، فقد خرجت المرأة اليمنية للثورة، وهي عازمة على التغيير، وتحملت كل من خرجت منهن، شتى أنواع العنف من الأهل والمجتمع".

وبينت الكوكباني التي ألفت العديد من الكتب والروايات والقصص أن "النساء في اليمن يقبلن التعدد والاختلاف، واستطعن توحيد صفوفهن ليبدأن النضال من اجل إثبات حقوقهن، كما ظهرت نتيجة ذلك في تمثيلهن ولأول مرة في تاريخ اليمن الحديث، منذ قيام الثورة العام 1962، في مؤتمر الحوار الوطني الشامل بنسبة "30 %"، داخل المؤتمر والمكونات الحزبية والسياسية والدينية والليبرالية والتقدمية".

وأوضحت صاحبة "زفرة ياسمين"، وهي مجموعة قصصية "في السابق تمكنت المرأة من مواجهة المكونات المتشددة سياسيا ودينيا، لتثبت حقها في بناء اليمن الجديد، ووصلت نسبة مشاركتها في ذلك الى "30 %" وتسلمت مواقع رفيعة في الدولة، في مواقع تشريعية وقضائية وتنفيذية.

وأشارت إلى أن "النساء في المؤتمر يمتلكن من العزيمة والصبر والإيمان بحقوقنا، ما لا يمكن ان يحولنا عن مسار الحصول على حقوقنا، في هذه الفرصة الذهبية بعد ثورة فبراير 2011، ونلناها بعد معاناة طويلة مع النظام السابق".

وقالت مؤلفة "دحرجات" وهي مجموعة قصصية "نعاني حاليا من انقسامات نسوية في المجتمع، بسبب استغلال جماعات دينية، تدعي أن مطالبنا ليست سوى تنفيذ لاجندة خارجية غربية، وخروج عن طبيعة المرأة والشريعة".

ولفتت الى "أن هذا التيار يتزعمه نساء في مراتب علمية عالية، لكن ليس لديهن ادنىمعرفة بما تعانيه المرأة اليمنية، نتيجة غيابها عن مراكز صنع القرار، ولعل ارتفاع الأمية بين النساء وسوء الرعاية الصحة لهن وازدياد نسبة الوفيات خير دليل على ذلك".

وأضافت الكوكباني الحاصلة على دكتوراه في الهندسة المعمارية من القاهرة "تخيلي مقدار الصدمة التي نتلقاها عندما نقضي كل هذا الوقت في الدفاع عن حقوقنا، ثم تخرج جماعة متشددة لتقول لا نريد هذه الحقوق لانها علمانية ومخالفة للشريعة". 

وبينت انها تتحدث هنا عن "التيار السلفي الذي تتزعمه جامعة الإيمان وعميدة كلية البنات فيها الشيخة اسماء الزنداني"، مشيرة الى أن الزنداني تدعي المعرفة الدينية بما يخص المرأة، ونصبت نفسها وصية على النساء وحقوقهن "في حين انه ليس لديها ادنى فكرة عما يحدث لنساء اليمن، وتردي أوضاعهن". 

وبينت مؤلفة رواية "حب ليس إلا"، ان "ما يحصل من مواجهات بين الدولة والقاعدة في جنوب وشرق البلاد والحرب الدائرة في الشمال بين الجماعات الدينية، لا تدفع ثمنه سوى النساء من التشريد والنزوح وفقدان الأهل".

ورأت أن "وضع المرأة اليمنية الآن مربك، وقريب للتخبط وضبابي، بسبب ما تطرحه بعض النساء يرين أن المطالبة بحقوقهن تطاول على الإسلام الذي كفل لهن حقوقهن، لذلك يرفضن الكوتا النسائية وتكال التهم لمن يسعى لتحقيقها، على اعتبار انها تقليد للغرب وجوهرها علماني، وقد عبرن عن رأيهن هذا بمسيرات احتجاج طافت شوارع صنعاء". 

وأضافت الكوكباني الحاصلة على عدة جوائز أن "فئة من النساء تسعى وتناضل لتنال المرأة حقوقها المجتمعية ولتجد مكانا في مواقع صنع القرار السياسية، وهي تعتمد في نضالها على النساء اللواتي خرجن للساحات مطالبات بالتغيير والوصول الى مجتمع مدني حديث وحر، ينعم الجميع فيه، بالعدل والمساواة والديمقراطية". 

وشددت صاحبة رواية "عقيلات"، على أن "المرأة اليمنية خرجت من اجل مستقبل أطفالها وصون كرامتهم والحفاظ على حقوقهم، فواصلت مشوارها بعد الثورة، ومثلت الى جانب الشباب والمجتمع المدني، قوة حداثية مؤثرة بنزاهتها وصدقها وفاعليتها في المجتمع في مواجهة للقوى التقليدية والفساد".

وقالت الكوكباني إن "أداء اليمنيات في مؤتمر الحوار الوطني خلال 18 آذار (مارس) العام الماضي وحتى 25 كانون الثاني (يناير) الحالي، كان مميزا ولافتا في خلقه للتوازن المطلوب بين القوى السياسية والتقليدية والرأي السديد والمحايد الذي يضع المصلحة العامة فوق الجميع".

وأشارت عضو الملتقى الثقافي النسوي "لقى" إلى أهم ما توصلت إليه قرارات مؤتمر الحوار الوطني تلخصت في رفع نسبة تمثيلها المرأة إلى 30 % في السلطة التشريعية، ونالت النسبة نفسها في تمثيلها بالسلطتين التنفيذية والقضائية، لافتة إلى أهم المنجزات التي خرج بها هذا المؤتمر وهو تحديد قانون لسن الزواج بـ18 عاما، وهذا سيسهم برفع شأن التعليم والوعي للنساء، لبناء يمن جديد".

ورأت أن للربيع العربي، انعكاسات على المرأة والثقافة والأدب في العالم العربي، وهو فرصة ثمينة يجب استثمارها من كل الجوانب، مشددة على أن المرأة والثقافة والأدب لن تضيع هذه الفرصة التاريخية الغنية والثرية بكل شيء.

وحول الترويج الإعلامي لأسماء نسائية تقدمية في عالمنا العربي، ونيلهن جوائز عالمية على الرغم من أنه لم يكن لهن حضور قبل الربيع العربي، رأت الكوكباني أنه "ربما تكون هناك قناعات لدى القائمين على هذه الجوائز بتلك الأسماء، لأنهن وفق رؤيتهم قادرات على قيادة المرحلة المقبلة، لافتة إلى أنها "لا تعول على الإعلام كثيرا، لان مستوى الوعي في الشارع العربي تجاوز الإعلام وسياساته وألاعيبه، خاصة بعد ثورات الربيع العربي".

ونوهت الكوكباني إلى أن حصول الناشطة اليمنية توكل كرمان على جائزة نوبل للسلام في اليمن، يعكس النشاط الحقوقي والاعلامي الذي كانت تقوم به كرمان قبل ثورات الربيع العربي، اذ كانت ومنظمتها، الوحيدة في اليمن التي دافعت وناصرت ووقفت إلى جوار أشهر قضية حقوقية يمنية هي "قضية الجعاشن" وتهجيرهم من قريتهم، بسبب ظلم الشيخ لهم، أمام مرأى ومسمع الحكومة والمحافظ، من دون أن يتمكن أحد من كبحه، ولا ينكر دورها بعد ذلك في الثورة، ويكفيها أنها السيدة الأولى التي قالت في وجه صالح ارحل قبل وأثناء الثورة".

وتحدثت الكوكباني عن موقف الدين من قضايا المرأة المعاصرة، مبينة أن الموقف الإسلامي في اليمن انقسم إلى جزأين، فهناك "حزب الاصلاح"، الذي تفهم إلى حد كبير ضرورة مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار، وان كانت له بعض الاشتراطات حول مكان ونوع العمل، والجزء الآخر هم السلفيون، وهؤلاء رفضوا في مؤتمر الحوار "الكوتا النسائية"، وجندوا أئمة بعض المساجد لهذا الغرض، وأخرجوا النساء في مسيرات مضادة لجهود النساء ومطالبهن في مؤتمر الحوار.

وأشارت عضوة لجنة مناهضة العنف ضد النساء، الى إنه "كنت وما زلت مؤمنة بثورات الربيع العربي، ومتفائلة في أن المستقبل سيكون أفضل، وما يحدث في دول هذا الربيع، مجرد انعكاس للفترة الماضية التي قضتها تلك الشعوب، تعاني من الظلم في عدم أخذها لحقوقها كاملة في أوطانها". 

ولفتت الى أن "ارتباك تلك الشعوب في مواجهة الحياة امر طبيعي ستتعافى منه قريبا، وستبنى لتصل للقمة في العدل والمساواة والحقوق الإنسانية".

[email protected]