"اللامركزية" يدخل المنطقة الرمادية.. ومعارضو المشروع ينتشرون بمفاصل رسمية وتشريعية

جانب من احدى جلسات مجلس النواب - (ارشيفية)
جانب من احدى جلسات مجلس النواب - (ارشيفية)

جهاد المنسي

عمان - أعادت زيارة رئيس الوزراء عبد الله النسور إلى مجلس النواب الاثنين الماضي، ولقاؤه رئيس المجلس عاطف الطراونة، مجددا الجدل حول مشروع قانون اللامركزية، الذي أنهت اللجنة المشتركة النيابية قراءته وإقراره، وسلمته إلى رئاسة المجلس لعرضه تحت القبة في جلسة اليوم الاحد كما هو مقرر.اضافة اعلان
والحال أن جدل "اللامركزية" بدأ قبل زيارة النسور، وخاصة عندما ظهرت في سماء مجلس النواب والحكومة إشارات من فرقاء مختلفين، ذوي مواقف سلبية تجاه مشروع القانون، يذهب أغلبها حول رفضه، في حين لم تكن هذه الإشارات محصورة بنواب فقط، بل شملت أركانا في الحكومة والأعيان أيضا، بحسب مطلعين.
وقبل زيارة النسور، كان الطراونة يحث في نهاية الجلسة التشريعية، التي عقدها المجلس الأحد الماضي، على إنهاء مشروع قانون البلديات، رغم أن قانون اللامركزية بين يدي المجلس، فيما اثار ذلك "علامات سؤال لا منتهية" حول موقف المجلس من مشروع اللامركزية الموجود بتصرف المجلس، كما يرى مراقبون.
ووفق اجتهادات نيابية، فإن الحكومة أرادت من زيارة المجلس جس نبض النواب بشأن القانون، وربما أرادت أكثر من ذلك، بحيث يتم الخروج بتصور أو شبه إقرار يتضمن سحب المشروع، وانها ارادت أن يكون هذا القرار خارجا من قبة "العبدلي"، وليس من "الدوار الرابع".
بيد أن ذلك لم يتم، بعد الزيارة الحكومة لبيت النواب، وإنما جرى التوصل لحلول وسط، أبرزها تأخير "اللامركزية" وتقديم "البلديات"، وأن تعمل الحكومة على إرسال مشاريع قوانين معدلة، تخص سلطتي العقبة والبترا، اجتهدت أطراف حكومية- نيابية في اعتبار أنه لا بد من تعديلها قبل الذهاب باتجاه إقرار مواد مشروع القانون.
ويسر مطلعون بان مشروع قانون اللامركزية "لم يجد مؤيدين كثرا له" في أوساط النواب، بل عملت أطراف مختلفة على إثارة عواصف وغبار من الأسئلة حوله، بدأت بسؤال حول دستوريته من عدمها، وانتهت بمقترحات حول إدخال المشروع بنظام خاص في مشروع قانون البلديات.
من الواضح أن الجهة النيابية الوحيدة، التي تدافع عن مشروع القانون هي اللجنة المشتركة (القانونية والإدارية) برئيسها خميس عطية، وسواد الأعضاء، حتى إن بعض أعضاء اللجنة يمتلكون مواقف معارضة للقانون، فيما كان لرئيس اللجنة دور في دفع عجلة القانون للأمام، وهذا ما عبر عنه خلال زيارة النسور للمجلس، إذ سبق له وللجنته أن فتحا حوارات مختلفة مع أطياف المجتمع للاستماع لملاحظاتهم حول القانون، وهو امر انطبق ايضا على تعامل اللجنة المشتركة مع قانون البلديات، الذي تم وضعه على جدول أعمال الجلسة التي تعقد اليوم.
أما في كواليس المجلس، فيظهر صوت نيابي، يصعد حينا ويخفت حينا اخر، يعتقد أن الدولة ليست بحاجة لمشروع قانون متكامل للامركزية. هذا الكلام يجد له قبولا لدى مفاتيح مؤثرة في المجلس، وأصحاب وجهات نظر، وهو الأمر الذي ما يزال يعطله حتى الآن.
هذا الرأي يعبر عنه بوضوح عضو اللجنة المشتركة (القانونية والإدارية) النائب مصطفى ياغي، ويتجلى ذلك من خلال مطالبته الحكومة بمنح الأولوية لـ"البلديات"، واللجوء لأحد خيارين، فيما يتعلق بـ"اللامركزية"، إما سحبه وتقديمه بقانون واحد، مقسم إلى فصلين منفصلين، يسمى "قانون البلديات ومجالس الحكم المحلي"، أو أن تقوم الحكومة بسحب القانون وإصدار اللامركزية، بنظام على قاعدة تفويض الصلاحيات.
أما اللجنة النيابية المشتركة فترى أنها أنهت مشروع القانون وقدمته للمجلس، والكرة الآن في ملعبه.
وفي هذا الشأن، يقول رئيس اللجنة عطية، إنه "لا يوجد تعارض بين مشروعي قانوني اللامركزية والبلديات، خصوصا حول ما أثير عن وجود تداخل للصلاحيات بين المجلس التنفيذي والمجالس البلدية".
وينوه إلى أن اللجنة أجرت حوارا وطنيا وعقدت (12) حواراً على مستوى المحافظات، و(6) داخل مجلس النواب مع فئات محددة.
ويلخص نائب مطلع لـ"الغد" الموقف من مشروع قانون اللامركزية بالقول "الأمر الواضح هو أن للقانون معارضين في مختلف مستويات القرار، وتحت سقف القبة ايضا، وله في المقابل مؤيدون بشدة، ما يمكن للنقاش حوله في أوقات لاحقة أن يدخله في صراع فكري، بين طرف يعتقد أن الاردن ليس بحاجة لمثل هذا القانون، وأن فتح مستويات انتخابية جديدة من شأنه أن يدخل البلاد في معتركات معقدة، وبين طرف يعتقد أن المشروع من شأنه زيادة مستوى المشاركة الشعبية في صنع القرار".
الثابت ان مشروع "اللامركزية" سيذهب فتحه بتعمق الى الدورة الاستثنائية الثانية المقبلة، والمرتقبة مطلع اب "اغسطس"، ما يتوقع معه ترحيل الجدل والخلافات حوله الى تلك الدورة، التي تأتي بعد عيد الفطر.