اللايقين وانعدام الطمأنينة بالعمل.. آثار نفسية "موجعة" تدمر الموظف

Untitled-1
Untitled-1
مجد جابر عمان- جاءت أزمة كورونا لتترك خلفها تبعات وآثارا نفسية واجتماعية ومادية على العائلات، كان أهمها وأكثرها قلقاً وتوتراً هو غياب الأمان الوظيفي لدى العاملين، ما أوجد حالة من انعدام الطمأنينة لدى كل موظف غير قادر على معرفة ما ينتظر مستقبله الوظيفي المجهول بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية خلال الأزمة. غياب الأمان الوظيفي خلال هذه الأزمة خلق حالة من التوتر والخوف المستمر لدى الكثير من الأشخاص، أثر على كل موظف بكافة جوانب حياته، ما جعل جل تفكيره منصبا حول كيفية النجاة من هذه الأزمة. ويرتبط هذا بكون العمل هو مصدر رزق الشخص الذي يؤمن منه متطلبات حياته الأساسية من مسكن ومأكل ولا يمكن المساس بهما أبداً، وهو ما ضاعف حالة التوتر والخوف. وبالرغم من تطمينات الحكومة المستمرة بعدم المساس بمصدر رزق المواطن، إلا أن ذلك لم يبدد حالة الخوف التي تسيطر على الأشخاص، خصوصاً مع وجود حالات تم الاستغناء عن خدماتها بسبب الأزمة وما سببته من تعثر اقتصادي. اختصاصيون اعتبروا أن كل ذلك جاء بسبب تداعيات كورونا التي مست بأمن واستقرار الناس، وأن هذه المرة الأولى التي يكون بها الناس "خائفين" حيال تأمين احتياجاتهم الأساسية المهمة، وليس الأمور الثانوية، وهو ما خلق حالة التوتر الكبيرة التي يعيشها كل شخص في الوقت الحالي. ويرى الاختصاصي الاقتصادي الاجتماعي حسام عايش، أن كورونا وتداعياتها وما نجم عنها أثرت وبشكل مباشر بهذا الأمن والاستقرار الذي كنا نعيشه قبل كورونا، فما أحدثته من أوضاع اقتصادية واجتماعية مختلفة ومتغيرة، أسست لحالة من عدم اليقين بما يحمله المستقبل. ويلفت عايش إلى أن النتائج التي ترتبت على كورونا تشي بأن معدلات البطالة قد تتجاوز 25 % وأكثر وتراجع القدرة على الإنفاق قد يمس من 20 % إلى 40 % من القوى العاملة . ومنها ربما فقد 50 % منها والقدرة على الإيفاء بالإيجارات من الأقساط البنكية والالتزمات المتعلقة بالأسرة نفسها لها أولوية لأن الجهات الأخرى ذات الصلة بالالتزمات لن تستمر بتأجيلها. وبالتالي، فإن ما يقال عن عودة الأمور الى طبيعتها بعد كورونا يتنافى مع ما كان سابقاً، فالعودة الجديدة بتوازنات جديدة ومختلفة سيدفع ثمنها البعض، ويستفيد منها البعض الآخر، مبينا أن النتائج المباشرة المترتبة على هذه العودة هي زيادة معدلات البطالة، ارتفاع أعداد الأشخاص الذين انخفضت مداخيلهم بسبب انخفاض الأجور، أو الذين في حالة انتظار لمعرفة مصيرهم وأوضاعهم الوظيفية. لى ذلك، فإن الضائقة المالية الكبيرة التي تمر بها القطاعات الخاصة والعامة، تستدعي التخلص من الكثير من الأيدي العاملة، وهو ما يجعل الشخص يتحسب لما هو قادم. ويلفت إلى أن القطاع العام يمكن أن يعمل بعدد قليل أو بنسبة أقل العدد الموجود، وهذا من أدوات التكيف التي تفكر بها الحكومة لمواجهة الأعباء المتزايدة عليها وعجز الموازنة الذي سيرتفع أكثر من ضعف العجز القائم الحالي، ما يعني تسريح وإحالة موظفين الى التقاعد، سواء كانوا بمستويات إدارية صغيرة أو متوسطة أو عليا. وبالتالي، فإن هذا الأمر كما الحال في القطاع الخاص لم يستقر بعد، وسيؤدي الى قلق مضاعف وخوف يعيشه الموظفون والعاملون، وحالة من عدم الاستقرار من مستقبل يحمل في طياته الكثير من المفاجآت. وبالتالي، فإن هذا أوجد نزاعا بين أداء العمل في الوقت الراهن وانتظار ما سوف تؤول اليه الأمور، أو التوقف عن هذا الأداء بالشكل المعتاد انتظارا لساعة الحقيقة. وبناء عليه، يرى عايش أن هذا الوضع استثنائي، لكن هذه الاستثنائية لا تعني أنه ليس وضعاً طويلاً، من حيث المدة الزمنية، مبينا أن الحكومات والاقتصاد ومؤسساته وشركاته تتوقع شكلا جديدا من الهيكلة الذي سيدفع ثمنها الكثيرون. وفي هذه الظروف، فإن الحكومة مطالبة بأن تكون أكثر رأفة. وفي حال كانت تريد تسريح عاملين أن يخضع ذلك لمعايير من الشفافية والوضوح، وتوضيح الأسباب، وأن يصاحب ذلك العمل مع الجهات المختلفة من أجل خلق فرص وإيجاد وظائف جديدة ومهن إنتاجية بسرعة، والتوجه نحو الاقتصاد الحقيقي والقطاعات الاقتصادية المهمة التي يمكن أن تستوعب الكثير من الأيدي العاملة. ويعتبر عايش أن حالة التوتر الشخصي وحالة القلق والأرق واللايقين، لا شك أنهما تؤثران على العاملين وتضيفان أعباء إضافية في انخفاض الإنتاجية التي بحاجة الى زيادة في الوقت الحالي للخروج من هذه الأزمة، مبينا أهمية ضرورة التعافي سريعاً وهذا يستدعي مواقف مختلفة من الجهات المعنية حتى لا تبقي الجميع تحت هذا الضغط وما سيؤثره من أضرار في بنية المجتمع. وفي ذلك، يذهب الاختصاصي النفسي الدكتور يوسف مسلم، الى أن الأزمة الحالية يمكن اعتبارها مراحل؛ الأولى هي مرحلة ما قبل إعلان الحجر، وهي مرحلة كان الناس فيها لديهم تخوفات وهم لا يعرفون الإجراءات القادمة، الثانية وهي مرحلة الحجر التي لم يكن يدرك الناس أنها ستطول كل هذه الفترة، الآن الموجة الثالثة وهي العودة من جديد للحياة، وهنا كأن الناس عادوا للواقع ولمواجهة ما ينتظرهم. كثير من الأشغال واجهت خسائر كثيرة وضغوطات ومنها من أعلنت إفلاسها، وهو ما جعل الموظف يصطدم بالواقع ويشعر بأنه مهدد بأن يخسر عمله بسبب الجائحة، مبيناً أن تخوف الناس من القادم تضاعف، مع غياب الإحساس بالأمان الوظيفي وبالتالي الأمان المادي. ويشير مسلم إلى أن الناس قلقون على احتياجاتهم الأساسية من مسكن ومأكل وليس على الأمور الثانوية، وهو ما يزيد الوضع سوءا، لافتاً إلى أن إجراءات الحكومة في بداية الجائحة كانت جيدة ولصالح المواطن، لكن تبعات كل تلك الفترة كبيرة جداً، وأن المصاريف زادت مرة واحدة على الشخص في وسط الركود الذي نعيشه. ويوضح أنه ينبغي على الجهات المختصة إيجاد حلول تخفف عن الناس، مبينا أن كل مواطن أصبح مهددا ويجب أن يكون هناك قرار حكومي لرد كل هذه التداعيات الناتجة عن الأزمة.اضافة اعلان