اللجوء السوري.. عقبة التمويل تستدعي تغيير الخطاب مع المجتمع الدولي

سماح بيبرس -باتت قضية اللاجئين السوريين أحد أهم وأخطر القضايا التي تواجه الدولة الاردنيّة اليوم، وذلك في ظل استمرار استضافة حوالي 1.4 مليون لاجئ، منذ حوالي 12 عاماً. وفي الوقت الذي أكد فيه الخبراء على دور جلالة الملك عبدالله الثاني الرائد في طرح قضيّة اللاجئين بشكل دائم ومستمر أمام المجتمع الدولي، اشاروا الى ضرورة أن تقوم الحكومات بالبناء على هذا النشاط وتغيير خطابها مع دول العالم للحصول على المساعدات اللازمة في مواجهة أعباء اللجوء. ويثير موضوع اللاجئين قلق الخبراء الذين يؤكدون بأنّ احتماليّة عدم عودتهم إلى بلادهم باتت في ازدياد، ما يعني بأنّ خطط وسياسات الدولة لا بدّ أن تتغيّر لتأخذ بعين الاعتبار تبعات الاستضافة ليس فقط من جانب اقتصادي بل من جوانب سياسيّة واجتماعيّة خصوصا وأنّ حوالي 50 % من اللاجئين هم أطفال تحت عمر الـ18 عاماً. وخلال السنوات السبع الماضية – أي منذ 2015- كان أعلى دعم تلقاه الأردن فيما يخص اللاجئين السوريين هو 1.7 مليار دولار، في عام 2017، وقد استمر بالتراجع خلال الأعوام الثلاثة التالية بحسب خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية. وفي العام 2015 تلقى الأردن حوالي المليار دولار وبنسبة تمويل من الاحتياجات المقدرة بـ36 %، وتلقى 1.6 مليار دولار عام 2016 وبنسبة تمويل 62 %، وفي 2017 تلقى 1.7 مليار دولار بنسبة تمويل 65 %، وفي 2018 حوالي 1.5 مليار دولار بنسبة 64 %، وفي 2019 تلقى 1.2 مليار دولار بنسبة 50 % من الاحتياجات، وفي 2020 تلقى 1.1 مليار دولار بنسبة 49 %، وعام 2021 تلقى 744 مليون دولار فقط وبنسبة تمويل قدرت بـ 30.6 % عن الاحتياجات المقدرة، علما أنه وبالمتوسط فإن حجم الاحتياجات سنوياً يقدر بـ2.5 مليار دولار. وفي 2021 وعلى غير العادة لم يتم توجيه أي مساعدات لدعم موازنة الدولة ضمن خطة الاستجابة الأردنية. أما في العام 2022 فبلغ حجم التمويل حتى 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 21.6 % من متطلبات التمويل البالغة 2.2 مليار دولار. وزير تطوير القطاع العام الأسبق الخبير الدكتور ماهر المدادحة يرى بأنّ استقبال الأردن للاجئين السوريين منذ البداية كان انطلاقاً من سياسة الأردن وتحديدا جلالة الملك المبنيّة على مفاهيم القوميّة والعروبة والانسانية والسلام. وأضاف المدادحة أنّ الأردن كان يستطيع أن يغلق حدوده كما فعلت دول كثيرة إلّا أنّ احترامه للانسانيّة ولأشقائه العرب واحترامه حتى لتعاطف شعبه مع الشعوب العربيّة الأخرى، أدّى به الى أن يستقبل اللاجئين السوريين وهي ليست المرّة الأولى فقد كان دائما وتاريخيّا المحطة الاولى لأي لاجئ عربي. ووفقا للمدادحة فإنّه من الضرورة اليوم وبعد مرور أكثر من 10 سنوات على الأزمة السوريّة، أن تغير الحكومة خطابها مع المجتمع الدولي والدول التي كان لها دور في الحرب داخل سورية بحيث يتم إبراز الآثار الاقتصاديّة على الأردن من جراء استضافة اللاجئين. ودعا إلى ضرورة عمل مؤتمر في أو مبادرة مركزها الأردن عربية أو اقليميّة وعالميّة لبحث ابعاد الأزمة السورية في اطار مختلف عن السابق حيث إنّ اقامتهم من الواضح أنّها ستستمر لفترات أطول ان لم تكن عودة غالبيتهم مستحيلة، فلا بدّ من ابراز الكلف الحقيقيّة على الاقتصاد والمجتمع الدولي والدفع تجاه أن يقف العالم اليوم مع الاردن بطريقة وآلية مختلفة في مواجهة أعباء اللجوء. الخبير الاقتصادي زيان زوانة قال إنّ التعامل مع قضية اللاجئين اليوم لا بدّ من أن تأخذ مساراً وطابعاً آخر، خصوصا وأنّ فرص عودتهم ضغيفة وباتوا جزءا من المجتمع، وبالتالي فإنّ الخطاب الموجه الى المجمع الدولي لا بدّ أن يتغيّر وان يأخذ مسارا مختلفاً. وأشار زوانة الى أنّ هذه الفئة لها متطلبات تتعلق بتوفير الخدمات من صحة وتعليم وغيرهما، ناهيك عن أنّ جزءا منهم باتوا يدخلون الى سوق العمل ويحتاجون الى وظائف تؤمن لهم دخولا. ويرى زوانة بأنّه، وبالاضافة الى كون الأردن يعاني من ازمات وضغوطات اقتصاديّة والتي باتت تظهر واضحة للمجتمع الدولي، فإنّ هناك عبء اللاجئين بكل ما يحمله في طياته من ضغوطات اقتصادية واجتماعية وحتى أمنية، وهؤلاء من والواضح أنّ إقامتهم ستكون طويلة المدى واحتمالية عودتهم ضعيفة جدا، حيث إنّه وحتى بعد عودة الهدوء إلى كثير من الأراضي السورية إلا أن عدد العائدين قليل جداً. أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك دكتور قاسم الحموري أكد بأنّ جلالة الملك في زياراته وجولاته العالميّة يقوم دائما بعرض ما يتعرض له الاقتصاد الأردني من ضغوطات جراء استضافة اللاجئين السوريين والذين باتوا يشكلون حوالي ربع المجتمع. واكد الحموري ضرورة أن تستثمر الحكومات في موقف الملك وأن تبني عليه، مع الاستمرار في عرض الضغوطات على المجتمع الدولي لزيادة التزامه نحو الأردن وتلبية متطلبات خطة الاستجابة الأردنيّة. يشار هنا إلى أن المجلس الأعلى للسكان، كان حذر من تبعات استمرار استضافة اللاجئين لأعوام طويلة ما لم يتم اتباع السياسات اللازمة التي من شأنها أن تحول اللجوء ليكون جزءا من “الفرصة السكانية” التي توقع ذروتها في عام 2040. وتوقع المجلس في وثيقة سياسات صادرة عنه عام 2017 أن تتضاعف أعداد اللاجئين السوريين في المملكة من 1.2 مليون إلى 2.757 مليون نسمة خلال العام 2040 وبزيادة نسبتها 130 %، وذلك في حال عدم عودة اللاجئين إلى بلادهم وثبات نسب النمو السكاني. وبحسب الوثيقة، فإن هذه الفرضية تأتي ضمن 6 فرضيات تتعلق باللاجئين السوريين، وتصفها الوثيقة بـ”التنبيهية”، وهي أن عدد اللاجئين سوف يصل إلى هذا المستوى في حال استقر معدل النمو السكاني للسوريين عند 2.9 % خلال السنوات الـ22 المقبلة و”استمرار الأوضاع الحالية”. كما توقعت الوثيقة أن يبلغ عدد السوريين في الأردن 2.6 مليون نسمة بعد 20 عاما، وهي الفرضية نفسها التي يطرحها “الأعلى للسكان” ضمن سيناريوهات تحول النمو السكاني في المملكة الى “فرصة سكانية” العام 2040. وفي سياق الفرضية ذاتها (عدم العودة)، سيكون عدد اللاجئين وفق وثيقة الفرصة السكانية العام 2050 حوالي 3.4 مليون لاجئ. وفي حال كانت هناك عودة طوعية للسوريين بأعداد منتظمة ليصل العدد الى ما كانوا عليه قبل اللجوء، فإن أعداد اللاجئين في 2040 ستصل الى حوالي 740 ألف لاجئ، أما الفرضية الأخرى فتتوقع أن يكون العدد حوالي 767 ألفا. وهناك فرضية تقترح انخفاض أعداد السوريين حتى العام 2030 بنسبة 40 %، وعودة الثلث بين 2030 و2050، وهي تتوقع أن يصل عدد السوريين في 2040 إلى حوالي 615 ألفا، أما الفرضية التي تفترض عودة نصف السوريين قبل 2030 وعودة الثلث خلال 2030 و2050 فتفترض أن يصل عدد السوريين الى 519 ألف لاجئ. وأخيرا، هناك الفرضية التي تقول بثبات معدل النمو البالغ 1.9 % خلال الفترة بين 2015 و2025 وانخفاضه بين 2025 و2030 وبدء عودتهم بعد 2030 بأعداد منتظمة، إذ تتوقع أن يصل السوريون الى 1.1 مليون لاجئ. وتعرف الفرصة السكانية أنها “فرصة الاستفادة من التغير في التركيبة العمرية للسكان بحيث يكون أعمار ممن هم في سن الإنتاج أكبر من أعمار المعالين من كبار السن والأطفال”، وحدد المجلس الأعلى للسكان ذروة الفرصة السكانية العام 2040، بحيث تكون فيه نسبة السكان في أعمار القوى البشرية (15-64) أعلى قيمة لها، فيما نسبة الإعالة العمرية في أدنى قيمة لها، وهذا يتحقق بشكل أساسي مع تخفيض معدلات الإنجاب الكلي. اقرأ أيضا: السياسة الخارجية.. الحكمة ركيزة العلاقات مع المحيطين العربي والدولي اللجوء السوري.. عقبة التمويل تستدعي تغيير الخطاب مع المجتمع الدولي مؤسسة ولي العهد.. شباب قادر لأردن طموح العناية الملكية بالشباب.. دعوات هاشمية نحو التميز والإبداع الملك يوجه التعليم لتجويد مخرجاته التوجيهات الملكية تؤسس لمرحلة جديدة في مسيرة المئوية الثانية التعليم.. أولوية للنهوض بالأردن والتنمية الشاملة التعليم العالي.. لا تنمية مستدامة دون تطوير مستمر استحداث فرص عمل ومحاربة البطالة.. توجيهات ملكية دائمة الملك يدق ناقوس خطر تبعات التغير المناخي محليا وعالميا الاهتمام الملكي بالمياه يترجم إلى تغييرات ملموسة الخدمة المدنية.. تجويد الخدمات استجابة للإصلاح الإداري اقتصاديون: تحسين معيشة المواطنين بقمة أولويات الملك زراعيون: الملك يوجه البوصلة نحو حلول الأمن الغذائي
اضافة اعلان