المؤتمر الوطني الخامس يقرأ دور المرأة في الثقافة المحلية ويراجع القوانين الخاصة بها

* دعوة الهيئات والمؤسسات لتوثيق التجارب النسوية الوطنية

* توجية الدعوة لمؤسسات المجتمع المدني لتعزيز الديمقراطية

اضافة اعلان

 

محمد جميل خضر

عمان- أكد المشاركون في المؤتمر الوطني الخامس الذي اختتمت فعالياته مساء أول من أمس في الجامعة الأردنية، على إسهام المرأة ودورها في الثقافة الوطنية وأنه جزء مكون من البحث في الهوية الحضارية العربية الإسلامية التي ينتمي إليها الوطن.

 وأكدوا على ضرورة استمرارية عقد هذا المؤتمر سنويا مع إقامة فعاليات ثقافية موازية له تتضمن معارض ثقافية وفنية نوعية ترتبط بالهوية الثقافية الوطنية، وطالبوا في الجلسة الختامية التي ترأسها الزميل د. مهند مبيضين بالعمل على تعزيز البحث في واقع المرأة وتجربتها السياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية، وأوصوا بدعوة الهيئات والمؤسسات الوطنية إلى العمل على توثيق التجارب الوطنية النسوية في المجالات الوطنية العامة كافة، وإلى توثيق التاريخ الشفاهي للمرأة الأردنية وجمع الرواية الأردنية بما يسهم في اكتمال بناء المشهد التاريخي الأردني بوصفها امتدادا عضويا للمشهد الثقافي العربي والإنساني.

وأوصوا بدعوة وزارة التربية والتعليم إلى تضمين مناهج التربية الوطنية الأردنية بأطر معرفية تبرز دور المرأة الأردنية وإسهاماتها في الثقافة الوطنية وبناء الدولة، وكذلك دعوة الجامعة الأردنية إلى تبني إطلاق جائزة خاصة بالأدب النسوي.

وحثوا على الاهتمام بتوجيه الدراسات إلى إصدار ببلوغرافيات متخصصة حول المرأة في الثقافة الوطنية.

واقترحوا دعوة الجامعات الأردنية إلى إنشاء كراسٍ بحثية أو برامج أو مراكز بحثية أسوة بتجربة الجامعة الأردنية في هذا المجال.

وأكدوا على ضرورة توجيه الدعوة لمؤسسات المجتمع المدني خاصة الأحزاب السياسية والنقابات المهنية لتعزيز الديمقراطية داخلها وإتاحة الفرصة للمرأة لتمكين تلك الأحزاب من تفعيل برامجها.

وأشاروا على المعنيين بدعوة مؤسسات المجتمع المدني إلى تقديم مختلف المعلومات المتوفرة لديها عن المرأة للجامعات الأردنية باعتبارها وثائق ومصادر بحثية مرجعية.

وأوصوا أخيراً أن يكون محور المؤتمر المقبل "المكان في الثقافة الوطنية"، وبأن يصار إلى طباعة أعمال المؤتمر في كتاب وتعميمه.

وقدّر المشاركون عاليا كلمة رئيس الجامعة الأردنية د. خالد الكركي، لما تضمنته من دعوة صادقة لتعميق البحث في إسهام المرأة ودورها في الثقافة الوطنية الأردنية، وتأكيد كلمته على محورية هذا الدور في تاريخنا الوطني بصورة خاصة والإنساني بصورة عامة.

وناقشت محاور المؤتمر وأوراقه وبحوثه ودراساته، على مدى ثلاثة أيام، المرأة في الموروث التاريخي وإسهامها في الثقافة الأردنية والتعليم والعمل السياسي والإعلامي والاجتماعي والاقتصادي.

وبحث المشاركون في ريادة المرأة الأردنية في المجالات الوطنية المختلفة.

وقدمت أوراق المؤتمر من خلال 18 جلسة على مدى ثلاثة أيام، شارك فيها 90 باحثاً وباحثة من مختلف الجامعات والمعاهد والمؤسسات الثقافية والإعلامية الأردنية.

 وتوزع المشاركون على محاور عدة تناولت المرأة في الموروث التاريخي، والثقافة الأردنية، وإسهام المرأة في التعليم، والحركة الأدبية والثقافية، ودور المرأة في العمل السياسي، والجامعي، والاقتصادي. وبحث المشاركون في الريادة النسوية الأردنية في المجالات الثقافية والاجتماعية والإعلامية. واختتم المؤتمر جلساته بجلسة خاصة قدمت مجموعة من السيدات الأردنيات الرائدات في حقولهن ومجالاتهن، شهادات حول تجاربهن الإبداعية والعملية.

وانطلقت أعمال المؤتمر الوطني الخامس يوم الثلاثاء الماضي، بكلمة سلّط فيها رئيس الجامعة الأردنية د. خالد الكركي الضوء على دور الأم باعتبارها النقطة المضيئة في سجل المرأة الأردنية.

وأشار الكركي في حفل افتتاح أعمال المؤتمر الذي حضره وزير الثقافة د. صبري الربيحات إلى أنه من الصعب على الرجل إن ذكرت المرأة إلا أن يتذكر أمه، وأن "يحضره وجهها". وبين راعي الملتقى الثقافي الوطني الخامس أن المرأة مناضلة، وإن كان يصعب أو "يستحيل على اغلب الناس كما هو الحال الآن، أن يتحرروا تماما من تاريخهم الذكوري كي يفهموا حقا حاجتها للحرية والمعرفة، والاحترام، وكي يدركوا أن الله أراد جناح الذل من الرحمة خافضا لهما، لا للرجل وحده".

وأضاف الكركي "لو أن أمي هنا، لطلبت منها أن تعيد عليكم الحكايا التي لم تكتبها لأنها لم تعرف الكتابة، رغم أنها كانت تهدهد حزني إذا ما عدت من مدرسة القرية خائبا من علامتين أو خمس علامات من المائة. ورغم أنني أصبحت معلما كما أرادت، إلا أن ذلك لن يعوضنا عما كان يمكن أن يكون لو أن أمي وسواها كتبن ما كن يعرفن، أو أنهن عرفن أكثر". وأشار الكركي إلى أننا نعيش في مجتمعات ماتزال تضطهد المرأة لأنها ماتزال تضطهد الإنسان، فليس هناك "عربية حرة، أو عربي حر في هذه البلاد العربية في هذا الزمان"، تاركا لذوي الاختصاص الحديث عن النسوية والجندرية والمركزية ومعنى المرأة وحرية المرأة.

وألقى رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر د. صلاح جرار كلمة أكد فيها أن المؤتمر الثقافي الوطني الذي بدأت الجامعة بعقده قبل ربع قرن من الزمان هو إنجاز يليق بجامعتنا الحبيبة ويصلح أن يكون لها عقدا يزين جيدها إلى آخر الدهر. وأضاف جرار يقول: "هاهي الجامعة الأردنية، جامعة وطننا الشامخ، تشق طريقها بخطى ثابتة في دروب النجاح والتطور، تحف بها إرادة صلبة وعزم متدفق، وتزداد ألقاً وبهاء وإصرارا على مواصلة النجاح والسير قدما في تحقيق رسالتها العلمية والثقافية والوطنية وإسهامها في دعم الجهود الوطنية في البناء والتقدم والازدهار". وأشار إلى أنه لم يكن اختيار موضوع المرأة في الثقافة الوطنية "عشوائيا أو ارتجاليا"، فقد كانت الإنجازات التي حققتها المرأة الأردنية "خلال القرن الماضي وبدايات القرن الحالي في مختلف الميادين لافتة للنظر". وقال "حتى إن جامعتنا التي يعقد فيها هذا المؤتمر قد شهدت في مطلع العام الجامعي الحالي ظاهرة تسترعي الاهتمام وهي أن نسبة الطالبات اللواتي التحقن بالجامعة بلغت 80% من إجمالي عدد الملتحقين، كما أن نسبة الإناث من عدد الطلبة الذين على مقاعد الدراسة في الجامعة الأردنية تبلغ أكثر من 63%".

وكانت الروائية ليلى جرار ألقت كلمة نيابة عن المشاركين في المؤتمر بينت فيها أن طرح قضية المرأة في المؤتمر، كإشكالية ثقافية اجتماعية، يؤكد إصرار الجامعة على "إنارة أي مناطق ظل تحيط بدور المرأة أو إمكاناتها أو إسهامها في الحياة الثقافية".

ومن أوراق عمل المؤتمر "المرأة في السجلات والوثائق الشرعية (السلط أنموذجا)" قدمها د. جورج الداوود، "المرأة المسيحية في سجلات المحكمة الشرعية في السلط من عام 1882-1920" قدمها د. محمد خريسات. وقدمت مدير دار نشر الجامعة ومكتبتها القاصة والباحثة د. هند أبو الشعر ورقة عمل عن "الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمرأة الأردنية من خلال السجلات في العهدين العثماني وإمارة شرقي الأردن". كما قدم د. نوفان السواريه بحثا عن "صورة المرأة في السجلات والوثائق الشرعية".

واستعرض الزميل د. مهند مبيضين في واحدة من أوراق الجلسة الثانية التي ترأسها د. هاني العمد "دور المرأة في كتب الرحلات"، وقدمت د. ابتسام مرهون في الجلسة نفسها ورقة عمل عن "خطاب المرأة في الأمثال الأردنية"، ود. رياض حمودة ياسين عن "المرأة في التراث الشفوي ودور المرأة في التعليم وفي الحركة الأدبية والثقافية".

وعاينت جلسات اليوم الثاني من المؤتمر وأوراقه البحثية، واقع المرأة في الحياة الثقافية الوطنية. وقدم د. محمود الديكي، في سياق متواصل، "صورة المرأة في التراث الشفوي البدوي الأردني" مشيرا إلى أن ملامح المرأة في المخيل الشعري العربي الفصيح، كان واضحا من خلال وصفها بالمعشوقة والزوجة والغانية والمقاتلة وصاحبة النخوة والمروءة، مستشهدا في ذلك بأشعار نمر بن عدوان وابن غدير، وما جمعه خلف الخريشة في كتابه "الشعر عند أهل الجبل".

وطالبت الروائية الزميلة سميحة خريس في جلسة ترأسها د. شكري ماضي وكانت بعنوان "دور المرأة في الحركة الأدبية"، بضرورة الوقوف بجدية وتعمق في البحث في موضوع الأدب النسوي، لان الحديث عن أنوثة السرد تلغي تاريخا لا يستهان به من النصوص السردية التي كتبها الرجال على أشكال وأنماط مختلفة من الأدب النثري.

وقدم د. أسامة شهاب ضمن أوراق الجلسة نفسها، صورة عن "المرأة في بواكير الرواية النسوية الأردنية"، متناولا في ورقته ستة نماذج روائية مختلفة وليست متوائمة في طرحها، وهؤلاء الكاتبات الست يمثلن ثلاثة أجيال اختلفت في ثقافتها وبنيتها المعرفية، كما اختلفت في رؤيتها تجاه المرأة، حيث عمد إلى عرض العمل الروائي، ثم حاول إظهار صورة المرأة في بعض هذه الأعمال؛ فهي المرأة العاشقة، الفقيرة، العاملة، وهي التي تحاول الانتقال إلى طبقة أعلى، وهي المرأة المظلومة، والمكبوحة اجتماعيا، وهي المرأة الريفية، والمناضلة.

واستعرض نزيه أبو نضال "الإبداع النسوي في الأردن: أرقام ومؤشرات وتقنيات"، مشيرا إلى أن عدد قصيدة النثر المسماة بقصيدة المرأة بلغ  2115 قصيدة، بينما وصلت نسبة قصيدة التفعيلة إلى 75,33%، ولم تتجاوز قصيدة البيت 6,5% ، وان هذه المقاربات تشتمل على عدد كبير من الشاعرات الأردنيات من أصول فلسطينية.

وبين أن الرواية في جزء منها غادرت عالم السرد الجميل ومشوقات الحكي إلى لعبة اللغة والتجريد وتهاويم الشعر، حيث صدر في حقل الرواية النسوية الأردنية حتى نهاية العام 2008 حوالي 83 رواية، منها 14 فقط بين عامي 1957و 1979، فيما صدر في الثمانينيات 16 رواية، ليرتفع في التسعينيات إلى 28 رواية، ثم ليبلغ العدد بين 2001 و2008 حوالي 25 رواية.

واستعرض د. إبراهيم خليل في جلسة ترأسها بأسلوب مختلف وحيوي الفنان المسرحي غنام غنام، "مساهمة المرأة في القصة القصيرة - الأديبة هند أبو الشعر أنموذجا"، تتبع فيها قصص أبو الشعر من حيث الأسلوب وبناء القصة عبر مراحل ممتدة من العام 1981 وهو العام الذي ظهرت فيه مجموعتها القصصية الأولى "شقوق في كف خضرة" مرورا بما قدمته من أعمال أخرى في منشورات وزارة الثقافة.

أما الناقد المسرحي د. مؤيد حمزة فقد رأى في ورقته المعنونة "صورة المرأة في الموسم الأول لأسرة المسرح الأردني 1966" أن الجمهور الأردني جمهور سينمائي، وأنه بطبيعته المحافظة يرفض فكرة المسرح والتمثيل عموما، الأمر الذي جعل الأسرة تتوجه لجمهور النخبة العمانية من خلال نصوص غربية الطابع من حيث الشكل والمضمون، رغم أن فرضياتهم لم تكن قائمة على تجارب مختبرة أو دراسات علمية، بل مجرد أفكار سائدة عن مجتمع تلك الفترة.

واستعرضت د. صبحة علقم صورة المرأة في إبداع المرأة (نماذج منتقاة) لسميحه خريس، مبينة أن الروائية ومن خلال التقسيمات المعهودة للمرأة وصورها في الإبداع العربي تركت للشخصيات النسائية التي ابتدعتها أن تقدم نفسها بمعزل عن أية قولبة أو تأخير قد يحد من حرية هذه الشخصيات التي تركتها الكاتبة تتحرك بحرية في نصها الروائي.

وتناول د. عبد الكريم جرادات عدة محاور في ورقته، مشيرا إلى دور المرأة تاريخيا ومفهوم الإبداع عند المرأة العربية، والحركة الثقافية منذ نشأتها في الأردن، والمرأة والإبداع، ونماذج من إبداعات المرأة الأردنية.

وأبرز المؤتمر إلى ذلك موضوع المرأة في التشريعات الأردنية، إذ أشارت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام الأسبق المحامية أسمى خضر في الجلسة التي ترأسها جورج حزبون إلى جملة من الاضاءات، مشيرة إلى أن للقانون دورا في تعزيز مكانة الفرد وحماية حقوقه، إذ أعطى الدستور الأردني الحق للمرأة والرجل على حد سواء، إلا أن بعض القوانين خالفت، بحسب خضر، نصوص الدستور نتيجة "لافتقارنا إلى تأسيس منهجي لقوانين المرأة في بلادنا، كما أننا نفتقد للمعلومات وللثقافة القانونية".

وتحدثت د. عبير دبابنة عن "المرأة في القوانين والتشريعات الوطنية"، مطالبة بضرورة إيجاد أنظمة جديدة تحمي وضع المرأة والعمل على تغيير القوانين التي تحد من حقوق المرأة، خصوصا في موضوع الزنا، حيث أعطى القانون الحق للرجل في هذه الأمور دون المرأة.

أما د. رنا عبد الرحيم عجوة فركزت على أهمية تحصين المرأة ضد العنف، مبينة أسباب العنف الذي عادة ما يرتبط بالإحباط ونقص التعليم. كما شرحت شذى العساف نصوصا من قانون وزارة العمل أعطت المرأة العديد من الحقوق.

واستعرض ضمن أوراق المؤتمر وجلساته، دور المرأة في الحياة الحزبية، إذ قدمت د. فدوى نصيرات بحثا عن "دور المرأة في الحياة الحزبية"، وتحدثت د. أسماء العمري عن "المرأة الأردنية والأحزاب السياسية"، وورقة عمل شارك بها د. قاسم الثبيات عن "المرأة والأحزاب"، وتناول د. حسن العيد "المشاركة السياسية للمرأة الأردنية"، د. نرمين غوانمة ركزت على موضوع "المرأة والتمثيل البرلماني"، وذهبت وجهة د. فيصل غرايبة إلى "المعوقات التي تواجه المرأة الأردنية العاملة في الوصول إلى المواقع الحساسة"، وورقة لمحمود الخرابشة وشادي عبيدات عن المرأة والعمل السياسي.