المجالي "يطرز" من مرض السرطان قصة نجاح وتحد تلهم الشباب

Untitled-1
Untitled-1

مجد جابر

عمان- من رحم المعاناة، كتب قصة نجاحه وطرز بحروفه الجميلة حكايات كلها تحد وإصرار وشجاعة، لكي يصل لهدفه مهما كان الطريق وعرا.اضافة اعلان
هذا الطريق الشاق مهده محمد عدنان المجالي (18 عاما) بأن يكون سببا للنجاح، والبداية لتحقيق الأحلام والانتصارات بألوان زاهية يراها في عينيه، ويعلم غيره دروسا في النجاح والصبر وتحدي كل العقبات.
بحث محمد المصاب بالسرطان وبتر بالقدم عن مكامن القوة بداخله وما يستطيع أن يقدمه لمجتمعه، وجعل من أوجاعه وتجربته الموجعة طريقا يعبر عليه غيره وصولا لشط الأمان، لأنه آمن أنه لا يأس مع الحياة وعلى الإنسان أن يعيشها بحلوها ومرها وينثر الأمل على غيره.
وبالرغم من عمره الصغير، استطاع محمد نثر طاقته الإيجابية وتحدي المرض والتغلب عليه، وعيش حياته مثلما خطط لها وبدون أي معوقات.
يؤمن أن كل شيء يحدث لسبب، والرضا بما كتبه الله له وعدم الاستسلام، جعلت منه شخصا مثالا للشجاعة والصبر.
بدأت قصة محمد المجالي (18 عاما) وهو طالب في الجامعة الأردنية تخصص هندسة في العام 2015 عندما كان في الصف العاشر، وكان لاعب كرة قدم في نادي السلط ولديه شغف كبير أن يصل لمستوى عال من المهارات ويحترف كرة القدم عدا عن حبه للمغامرات.
وفي يوم من الأيام، لاحظ وجود ورم خفيف في قدمه ظن أنه إصابة من كرة القدم، وسيتلاشى مع الوقت، لكن، لم يصب ظنه؛ إذ ازداد حجم الورم شيئا فشيئا، فذهب للطبيب الذي طلب منه عمل صورة رنين مغناطيسي لمعرفة السبب وراء ظهوره.
من هنا، بدأت رحلة محمد بعمل الفحوصات والتحاليل اللازمة، مبيناً أنه وخلال كل هذه الفترة العصيبة كانت تتملكه حالة من الرضا والإيمان واليقين بأن كل ما سيحدث هو خير له.
ويتابع محمد "بعدها ظهرت نتيجة الفحوصات، تبين أنه يعاني من سرطان في العظم، وبدأ مباشرة بالإجراءات اللازمة، والتي ترتب عليها قيامه بعملية بتر لقدمه اليمنى من أسفل الركبة".
ورغم كل ذلك، لم يتوان بهذه الفترة عن مشاركة الأشخاص المصابين وعائلاتهم معاناتهم ومحاولة التخفيف عنهم ونشر الطاقة الإيجابية وإقناعهم أن كل شيء يحدث لسبب، وأن ثقافة الخوف والخجل من البوح بأن الشخص مصاب بالسرطان خاطئة.
ويضيف محمد "كنت أحاول أن أواصل تجربتي بأي طريقة، وعندي شعور بالرضا والاطمئنان لا يوصف ولا أعرف مصدره"، واصفاً يوم إجرائه العملية أنه من أجمل أيام حياته، لأن كل الذين يحبهم اجتمعوا بجانبه وأنشؤوا صفحة على "فيسبوك" من أجل دعمه وكانوا بجانبه بعد خروجه من العملية.
ويشير الى أنه خرج من العملية بروح معنوية عالية ونفسية رائعة، معتبراً أنها بداية مرحلة جديدة وإنجازات مختلفة.
محمد، وبعد سنة و3 أشهر، قام بتركيب طرف صناعي، وكان بحاجة الى التأقلم على الوضع الجديد، وأن يكون متصالحا مع ذاته، فهو شخص راض عن نفسه، ومتقبل لكل شيء.
ويعتبر المجالي أن بتر قدمه لم يؤثر على مشوار حياته ولا على أحلامه. يقول "هذه التجربة جعلتني أعرف نفسي أكثر، وأرى الحياة من منظور مختلف، وكل هذا الوعي الذي تشكل من تجربتي مع المرض ومن جرعات الكيماوي والأشخاص المحاربين الذي رأيتهم من حولي ومعاناة أهالي المرضى، تعلمت الصبر وفن التعايش مع الناس ومهارات كثيرة أخرى في الحياة".
ويتابع، أن حياته ودراسته مرتا بشكل طبيعي حتى وصل الآن للجامعة، مبيناً أنه ما يزال يلعب كرة القدم ويمارس كل نشاطاته بشكل طبيعي، مرجعا الفضل في ذلك الى الدعم الأسري الذي حصل عليه من عائلته والعلاقة الصحية التي تجمعهم، الى جانب وقوف أصدقائه معه طوال الوقت.
ويعتبر محمد أن السرطان مجرد تجربة للشخص المصاب، هو الذي يحدد كيف يريد أن يخوضها، مبيناً أنه مؤمن حتى الآن أن كل ما يحدث هو لسبب قد يعرفه الآن أو ربما لاحقا، ولم يشك لحظة بذلك، ولم يسمح أن تمر عليه لحظات ضعف بسبب طاقته الإيجابية التي يمتلكها.
ويشير الى أنه الآن يعيش حياة طبيعية مع إجراء الفحوصات اللازمة كل فترة وتناول الأطعمة والمأكولات التي تقوي من مناعته.
وهو الآن متحدث بالمؤتمرات والجامعات ويروي دائما قصة نجاحه وتجربته ويلهم الشباب ويدفعهم لخوض الحياة بإصرار لتحقيق النجاح مهما كانت العقبات كبيرة، ومهما كانت الطريق وعرة.
تطوع محمد حتى الآن في أكثر من 25 مبادرة، كذلك يقوم بالتسلق على الصخور في مناطق مختلفة من الأردن، فهي من أهم هواياته، ويثبت في كل مرة أنه قادر على التحدي ولا يختلف عن أحد بشيء.
وعن أحلامه، يقول محمد إنه يحلم أن يتسلق قمما مختلفة بالعالم، ويكمل في مجال التطوع لمساعدة الآخرين، لافتاً الى أنه سيقوم لاحقا بنشر فيديوهات تحكي عن تجربته وتطوعه على "يوتيوب".
وينصب تركيزه الآن على التطوع بما يخدم الآخرين، ليجعل المجتمع يتقبل الأشخاص ذوي الإعاقة، وأن يرسخ فكرة "أنا معاق وأفتخر".