المحامون المتدربون.. تزايد بالأعداد وشكاوى من ظروف تدريبية صعبة

82q2oo7k
82q2oo7k

أحمد ملكاوي*

عمان - قرر سامر أن يدخل مهنة المحاماة بعمر 32 عاما، أي بعد حصوله على درجة البكالوريوس في القانون بحوالي 10 سنوات، حيث كان يعمل في إحدى التجارات الخاصة، الّا أنه لم يدرك صعوبة هذا القرار للدرجة التي أشعرته بالندم عن تلك اللحظة التي قرر فيها الدخول بهذه المهنة. اضافة اعلان
4 مكاتب محاماة تنقل بينها المحامي المتدرب سامر خلال مدة تدريبه التي قاربت العامين، وكان يتقاضى في المكاتب التي تدّرب فيها ما بين 100 و150 ديناراً بدل تنقلات، وكانت تدفع له “تنقيطا” وفق قوله لنا.
من متطلبات تدريب سامر آنذاك، التنقل بين المحافظات والمحاكم بسيارته الصغيرة، ما بين الكرك ومأدبا والزرقاء والموقر وعمان وبعض مناطق الشمال أيضاً من أجل انهاء إجراءات قضايا مختلفة للمحامين الذي كان يتدرب بمكاتبهم. لا يحصل فيها إلّا على بدل التنقلات ليتكبد تكاليف تشغيل السيارة عوضاً عن المخالفات المرورية في بعض الأحيان.
سامر هو واحد من بين مجموعة من المحامين، كانوا نظموا اعتصاما أمام دار رئاسة الوزراء في شباط (فبراير) الماضي، مطالبين بتنظيم آلية تدريب المحامين وتحديد دخل ثابت طيلة مدة التدريب وضمان قيمة مالية لتكاليف النقل العام وإلغاء ما يسمى بامتحان القبول والرسوم الكبيرة التي يدفعها المتدربون خلال سنوات تدريبهم.
خلالها، طلب موظفو رئاسة الوزراء من المعتصمين “تقديم استدعاء موقّع منهم لمراجعة الرئاسة للحصول على كتاب رسمي للنظر في مطالبنا”، وفق رئيس منظمة المرصاد لحقوق الانسان والتنمية القانونية ضياء الرحاحلة الذي كان من بين المعتصمين.
راجع الرحاحلة بعد بضعة أيام، رئاسة الوزراء للحصول على الكتاب، فجاء ليؤكد للمعترضين امام الحكومة ان القضية هي من مسؤولية نقابة المحامين ووزارة العدل وعليهم ان يراجعوا هاتين الجهتين لتقديم المطالب.
كانت إجابة النقابة بعد مراجعة عدد من المعتصمين، “هذا مش شغلكم”، وذلك بعد أن تبنّت منظمة المرصاد عريضة موقعة من قبل 580 طالباً جامعيا في مختلف الجامعات الأردنية بتخصص القانون، يطالبون “بإنصاف المحامين المتدربين وضرورة إلغاء فحص القبول في النقابة”.
نقيب المحامين مازن ارشيدات يقول إنّ المحامين المتدربين “يخضعون لبرنامج تدريبي يتضمن مجموعة محاضرات على المستوى العام، ويدرسون فيها اختصاصات المحاماة مثل قانون أصول المحاكمات المدنية وقانون أصول المحاكمات الجزائية بالإضافة لقانون نقابة المحامين وأساليب المحاماة وأنظمتها”.
“وفقا لأحكام قانون النقابة، وبعد مضي خمس سنوات من مزاولة المهنة يجوز للمحامي/ة أن يقبل لديه محاميا متدربا للتدرب على أعمال المحاماة تحت إشرافه”، تقول المحامية نور الإمام عضو مجلس نقابة المحامين السابق.
سجل في النقابة على مستوى السنوات الخمس الماضية حوالي 5015 متدرباً، موزعين لكل أستاذ متدرب واحد.
كان قد تقدم نحو 600 متدرب إلى امتحان القبول للنقابة، الذي عُقد في نهاية آذار (مارس) الماضي، لكن لم يتسن لمعد التقرير الاطلاع على نتائج الفحص، فيما علق أحد أعضاء مجلس النقابة، بأن نسبة النجاح كانت بما يتجاوز التسعين بالمائة.
ولا يلزم المدرب أو الأستاذ بتنقلات أو بدل أتعاب المتدرب، رغم أن المحامي يريد إنجاز قضاياه “فبدلا من أن يوظف محاميا جديدا في مكتبه، ويعطيه راتبا أو نسبة من القضايا، يقوم بذلك من خلال محام متدرب مجانا “يحرث عليه ببلاش” يقول سامر.
بحسب نقيب المحامين مازن ارشيدات فإنّ المحامي الأستاذ “إذا ألزم بدفع تكاليف للمتدرب، فلن نجد أحدا من الأساتذة يقبل أن يكون لديه متدرب”.
في الوقت ذاته، تطلب النقابة من المتدرب والمسجل في النقابة كتابين من ديوان الخدمة المدنية، يضمنان عدم شغله لأي وظيفة أو عمل خاص حتى في القطاع التجاري .
بدأ شادي التدريب حديثاً ويتفق مع سامر بذات الحال، ويعلق باقتضاب: “يا بتدفعولنا يا بتخلونا نشتغل، من وين نصرف ع حالنا”.
ويشتكي سامر ايضا من ارتفاع الرسوم التي يدفعها المحامي الجديد للتسجيل بسجل المتدربين بالنقابة، فهو يبين أنّه دفع 351 دينارا منها 250 للتأمين الصحي الذي لا يستفيد منه في الاشهر الستة الأولى، في حين يقول النقيب ارشيدات إنّ 100 دينار تدفع كرسم تسجيل أولي، إضافة إلى 200 دينار كتأمين صحي في السنة و30 دينارا كرسوم لصندوق التعاون والتكافل (وتدفع مخصصاته لأهالي المحامين المتوفين) تقسم على الهيئة العامة بالتساوي”.
ألزم سامر بمبلغ 150 دينارا كغرامة تأخير عن كل سنة مضت بعد تخرجه لم ينتسب فيها إلى النقابة، إضافة إلى عدم استفادته من التأمين الصحي الذي دفع رسومه بداية التحاقه والمقدر بـ 250 دينارا إلا بعد 6 أشهر من تدريبه.
يعلق النقيب إرشيدات بالقول إنّ نظام الرسوم لدى النقابة يقرر بأنّ الذي يقدم طلب تسجيل أستاذ ولم يمر على تخرجه 3 سنوات يدفع رسما بواقع 100 دينار. ويزيد “أمّا عن تأخره بالتدريب عن السنتين أو كان له عمل خاص قبله أو عمل في الحكومة، فيتحمل مسؤولية تأخيره بدفع 150 ديناراً عن كل سنة فاتت حتى تاريخ تقديم الطلب”.
المتقاعد من السلك العام، رائد، اختار سلك المحاماة ودراسة الحقوق بعد أن أنهى خدمته العامة وبدرجة عالية، يقول إنه ما زال على مقاعد الدراسة وباتجاه التدريب.
“من دخل سلك المحاماة بعد الـ45 من عمره لا يحصل على حقوق ادخاراته في صندوق التقاعد بحجة أنّ القانون لا يسمح بجمع راتبين تقاعديين رغم دفع هذه الفئة من المحامين رسوماً اعتيادية كغيرهم من المحامين”، يقول رائد في وصف حاله.
هذه الفئة من المحامين، مُجبرة على دفع كامل الرسوم، ومنها جزء من الرسوم السنوية للتأمين الصحي وعادة ما تكون تأميناً من وزارة الصحة أو الجيش بعد الخدمة والتقاعد من العمل السابق.
واحدة من مطالبات المنظمة هي إيقاف الامتحان الذي يخضع له المتدربون لقبولهم في نقابة المحامين وبدء مرحلة التدريب، ويقول ممثل المنظمة المحامي الرحاحلة إنّ الامتحان مكوّن من ثلاثة مسارات؛ شفوي وتحريري وبحث، إلا أنّ عشرات المتدربين يرونها “عديمة الفائدة”، كما أنّ الخطوة الأولى بدخول النقابة هي شهادة القانون وامتحان الكفاءة “واللذان يكفيان لتدخل سلك التدريب في المحاماة”.
لجأ المحامي سامر إلى الشكوى عبر منصات التواصل الاجتماعي، لإثارة النقاش العام حول واقع المحامين المتدربين، متحدثاً عن “محسوبيات وضرورة إخضاع المتدربين لقانون ودخل شهري ثابت وتحديد مهامه”. يقول إنّ المهام “اختلفت عن السابق مقارنة بأيام المحامين الأساتذة الذي كانوا يخضعون للتدريب في مدينة واحدة وغالباً ما يرافقهم المدرب”.
نقيب المحامين يعلق على ذلك بالقول إنّ على النقابة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لاختيار الأفضل لهذه المهنة وخاصة أن أعداد حاملي شهادات القانون في ازدياد.
“اللي بروح يقدم لوظيفة بطلبوا منه شغلات غير شهادته الجامعية” يقول ارشيدات، ويردف إنّ “امتحان اللغة العربية واجب على المحاميّ، المهنة تعتمد على اللغة بشكل رئيسي، أمّا عن امتحان آداب المحاماة والامتحان بقانون النقابة والامتحان بالقوانين العامة فواجب أيضاً على المحامي أن يعرف آداب المهنة وقوانين النقابة التي يقدم فيها، والتي يجب أن يثبت أنه على قدر الاستطاعة بعملها”.
غير أن ظروف فترة تدريب المحامين الجدد واجهت في السنوات الأخيرة تحديات عدة، من بينها زيادة عدد المتخرجين من جامعات حكومية وخاصة، وبعضهم لم يكن لديه/ها الرغبة في هذا المجال، كما ترى المحامية نور الإمام، إضافة الى الظروف الاقتصادية السيئة حيث بات التدريب على أعمال المحاماة يشكل عبئاً مادياً كبيراً على المتدرب لكون فترة التدريب غير مدفوعة الأجر.
“إنّ المحامي المدرب لا يواجه أي عقبات في عملية التدريب لعدم التزامه تجاه النقابة سوى بالإشراف والمتابعة للمتدرب، ولا يطلب منه أي أمر آخر”، تقول الإمام.
وتضيف إنّ المتدرب مكلف “بملازمة أستاذه أو مرافقته حيث يطلع على كافة الملفات والمستندات الموجودة في المكتب، إضافة إلى القضايا التي يترافع بها أمام المحاكم بالإنابة عن الأستاذ، ومتابعة الإجراءات التي يكلفه بها الأستاذ، اضافة لكتابة اللوائح يتيح التدريب للتلميذ الحضور أمام المحاكم بعد 6 أشهر من تدريبه على القضايا الصلحية، وينتقل بعد سنة إلى القضايا البدائية.

  • بدعم من منظمة صحفيون من أجل حقوق الإنسان JHR.