المخاوف الأردنية وحقوق اللاجئين

تحدث وزير الخارجية أيمن الصفدي، بكل وضوح، عن المعارك الدائرة في الجنوب السوري والأخطار التي تهدد الأردن بعد لقائه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس.اضافة اعلان
الموقف الأردني الذي أكده الصفدي، يتلخص بأن عمان لا يجوز أن تتحمل وحدها وزر الأزمة السورية، وأن المجتمع الدولي مطالب بأن يتحمل مسؤولياته السياسية والإنسانية والأخلاقية، وأن الأردن مع وقف إطلاق النار في الجنوب السوري، وتوفير الحماية للشعب السوري، وتأمين المساعدات له على أرضه، والتمسك باتفاقية خفض التصعيد التي انهارت.
يتابع الصفدي حديثه "1.3 مليون لاجئ سوري على الأراضي الأردنية نشاركهم لقمة الخبز، وتحملنا كل ذلك بصدر رحب، ولا يجوز الضغط على الأردن لفتح حدوده، بل يجب مساءلة من تسبب بالأزمة، وقبل أن نتحدث عن التهجير علينا أن نتحدث عن حمايتهم على أرضهم".
كلام الصفدي واضح، فهو لا يريد أن يبقى الأردن الحلقة والطرف الأضعف في المعادلة، فطوال الأزمة السورية تلقى الوعود بمساعدات لم تأتِ، وعمل بجد لدعم تسوية سياسية ومصالحة، وحتى الآن لم تنجح.
ما يحدث الآن أن الجيش السوري يستعجل الحسم العسكري في الجنوب، وأن قادة روسيا يفاوضون القرى في ريف درعا الشرقي للقبول بالتسوية والمصالحة وتسليم كل أسلحتهم الثقيلة فوراً، بينما مصدر عسكري سوري يتوعدهم "إما القبول بالتسوية والمصالحة أو سحق الجيش بالقوة للمعارضين".
اتفاقية خفض التصعيد التي كان الأردن طرفاً أساسياً فيها مع الروس والأميركان، أصبحت من الماضي ودفنت، وهذا يؤشر إلى تفاهمات غير معلنة بين الروس والأميركان، ورغم الانتقاد الأميركي للتدخل الروسي، فإن الأمر لا يعدو "زوبعة في فنجان"، فالمهم في سياق الاتفاق هو صيانة وحماية أمن إسرائيل بضمان بقاء أي قوات إيرانية أو ميليشيات تابعة لها بعيدة عن الحدود الإسرائيلية.
إذن الأردن في الحسابات الدولية الأميركية والروسية وطبعاً الإسرائيلية غير محسوب حسابه، ولا تُطرح مخاوفه باعتبارها أولوية، والدبلوماسية الأردنية النشطة التي تحذر من التهجير القسري، وفشل التسوية، واحتمالات تمدد القوى الإرهابية لأراضيه لا تُسمع جيداً وإن سُمعت يتم تجاهلها.
في خضم هذه الأزمة يتعالى صوت الناشطين في الأردن برفض التعاطي مع سياسة الأمر الواقع، ورفض تغليب حسابات السياسة على حسابات حقوق الإنسان، فتصدر "هاشتاغ" "افتحوا الحدود"، فهل هذا مطلب واقعي وعادل؟!
حقوق الإنسان لا تتجزأ، والأردن دولة تحترم حقوق الإنسان، وعليها أن تقبل بهذا الاستحقاق وأن تفخر بذلك، فحق الحياة والأمان للاجئين يتقدم على المخاوف السياسية والاقتصادية، وما دمنا نجحنا في تقاسم لقمة الخبز مع إخوتنا السوريين، وفتحنا قلوبنا وبيوتنا لهم، فعلينا أن نستمر.
معروف أن الأردن وقع على مذكرة تفاهم مع مفوضية اللاجئين منذ 1998 وتنص على "وجوب احترام مبدأ عدم طرد أو رد أي لاجئ يطلب اللجوء للأردن بأي صورة الى الحدود أو الإقليم حيث تكون حياته أو حريته مهددتين".
مطلوب أن نتشارك مع المجتمع الدولي في التفكير في إيجاد ملاذات آمنة للسوريين داخل الأراضي السورية، وهل هذا الخيار ممكن التطبيق أو أصبح متأخراً ولا يمكن تطبيقه؟
وأيضاً هل يمكن أن تفرض القوات الأميركية والروسية ممرات آمنة للنازحين لينتقلوا إلى مناطق آمنة في الداخل السوري، وتقدم لهم المساعدات الإنسانية؟
من الأسئلة المهمة التي يجب أن لا نغفلها، كيف نضمن ردع الجماعات الإرهابية على حدودنا حتى لا تتكرر مأساة مخيم الركبان، فنضمن سلامة بلدنا وجنودنا وجيشنا، وكيف نستطيع أن ندقق في هوية النازحين إن فتحنا الحدود للتأكد أن لا يتسرب معهم الإرهابيون؟!
الواقع مر وصعب، ومخاوف الدولة الأردنية مشروعة بعد خذلان المجتمع الدولي، ولكن علينا أن نعلي صوت حقوق الإنسان.