المدن الفرنسية تشتعل باحتجاجات السترات الصفر واشتباكات واسعة مع قوات الأمن

باريس- قبل ثلاثة أيام من الحوار الكبير الذي دعا اليه الرئيس ايمانويل ماكرون في مسعى لتهدئة غضب "السترات الصفر"، تظاهر آلاف الأشخاص أمس في فرنسا في استمرار لحركة الاحتجاج التي تشهدها البلاد منذ نحو شهرين وتخللتها أعمال عنف. وبعد انطلاقهم من مقري وزارتي الاقتصاد والمالية شرق باريس تجمع آلاف من المحتجين ظهرا في ساحة الباستيل رافعين الأعلام الوطنية. وهتف المحتجون "ماكرون ارحل" وهم يصفرون او يطرقون عوائق. وعبرت السلطات في الأيام الأخيرة عن خشيتها من حدوث أعمال عنف وحاولت ثني المحتجين عن المشاركة في السبت التاسع من الاحتجاجات التي تشكل أخطر أزمة لحكومة ايمانويل ماكرون منذ توليه الحكم في 2017. وتحت شعار "سنخفض الأسعار بباريس" من المقرر أن يصل الحشد الذي يقوده خصوصا اريك درويه الى ساحة النجمة أعلى الشانزيليزيه . ووصل أول المحتجين صباحا الى قلب المنطقة المحصنة في هذا الحي الراقي غرب باريس حيث جرت أعمال عنف في الأول من كانون الأول(ديسمبر) 2018. وقال باتريك (37 عاما) الآتي من منطقة سافوا شرق فرنسا "قدمنا الى باريس لاسماع صوتنا ونريد أن نرى بأعيننا لمرة على الاقل، ما يجري هنا". وتم نشر قوات أمنية كبيرة في المنطقة وخصوصا اربع عربات مصفحة تابعة للدرك. وقرر المحتجون التوقف بوسط باريس على مقربة من المكان الذي شهد صباح السبت انفجارا نجم عن تسرب غاز اوقع قتيلين على الاقل، بحسب آخر حصيلة. وفي باقي فرنسا بدأ المحتجون بالتجمع في مراكز المدن الرئيسية وخصوصا في بورج المدينة التي تضم 66 الف ساكن وتقع وسط البلاد. وظهرا، كان نحو 1200 شخص يتظاهرون بهدوء في الوسط التاريخي لبورج رغم منع السلطات المحلية التجمع. وبعد تراجع حركة الاحتجاج مع أعياد نهاية السنة، فان مستوى التعبئة هذا السبت يمكن أن يعود الى ما كان عليه قبل الأعياد. ففي 15 كانون الاول(ديسمبر) تظاهر 66 الف شخص في فرنسا بحسب ارقام رسمية يرفض المحتجون صحتها. وتوقعت السلطات تعبئة "أكبر" و"أشد" السبت وأعدت تعزيزات أمنية كبيرة لمواجهة ذلك بنشر 80 ألف شرطي ودركي في أنحاء البلاد ونحو خمسة آلاف بباريس. وتم توقيف 30 شخصا صباحا بباريس خصوصا لحملهم سلاحا محظورا. وكان وزير الداخلية كريستوف كاستنير قال الجمعة "من يدعون الى تظاهرات الغد يعرفون أنه سيكون هناك عنف وبالتالي فان جانبا من المسؤولية يقع عليهم". ويوم الاحتجاج هذا يشكل اختبارا لماكرون وحكومته. وحركة الاحتجاج التي لها آثار جدية على الاقتصاد بحسب السلطات، لا تزال تحظى بشعبية لدى الرأي العام رغم أعمال العنف التي تخللت الاحتجاجات. منذ 17 تشرين الثاني(نوفمبر) 2018 يندد فرنسيون ينتمون الى الطبقات الشعبية والوسطى بالسياسة الضريبية والاجتماعية للحكومة التي يعتبرونها ظالمة ويطالبون بتحسين قدرتهم الشرائية. والمحتجون غير مبالين بالتنازلات التي أعلنها ماكرون في محاولة لتهدئة الأزمة. وقالت كارول ريغوبير (59 عاما) التي قدمت مع زوجها من جورا (شرق) الى بورج "ننتظر اجراءات ملموسة، إن اعلانات ماكرون فتات يدفعه دافعو الضرائب. هو يتحدث عن بذل جهود في حين أن عليهم هم بذل تلك الجهود". وأثارت تصريحات لماكرون الجمعة انتقادات بعدما قال "إن الاضطرابات التي يشهدها مجتمعنا سببها أحيانا أن الكثير من مواطنينا يعتقدون أنه بالامكان الحصول" على شيء "بلا جهد". ومن المقرر أن تبدأ السلطات الثلاثاء المقبل،حوارا وطنيا لتقريب الناس من صناع القرار السياسي. ودعا ماكرون الجمعة الفرنسيين الى اغتنام "هذه الفرصة الكبيرة جدا". وجعلت السلطات من هذا الامر أولوية في الأشهر الأولى من العام وترى فيه بوابة خروج من الازمة الاجتماعية وأيضا فرصة لامكان استعادة زمام المبادرة سياسيا. ويبدو الرهان كبيرا في وقت أشارت فيه دراسة للمعهد الفرنسي للبحوث السياسية ان انعدام الثقة بالمؤسسات السياسية والفاعلين في الحياة الديموقراطية بفرنسا وخصوصا ماكرون، بلغ أعلى مستوى له.- (أ ف ب)اضافة اعلان