المرأة بين التهميش والتمكين الاقتصادي

يعقد اليوم وغدا برعاية الأمم المتحدة ومشاركة القطاعين العام والخاص والبرلمان مؤتمر حول التمكين الاقتصادي للمرأة على أمل الخروج بتوصيات تساهم في تقدم المرأة اقتصاديا بالأردن. يشكل المؤتمر نقطة مهمة بهذا السياق ليس لأنه يُركز على تمكين المرأة اقتصاديا فحسب بل لأنه أيضا يضم أطراف المعادلة الرئيسة المعنيين بهذا الملف وهي الحكومة والقطاع الخاص والامم المتحدة بالإضافة إلى البرلمان. إن انعقاد المؤتمر هو مؤشر على الوعي بأهمية وضرورة العمل على تمكين المرأة الاقتصادي وبشكل عام ولكنه أيضا يأتي من خلال إدراك كافة الأطراف المشاركة بأن الوضع الاقتصادي للمرأة يراوح مكانه، لا بل يمكن القول بأنه قد تراجع بالسنوات الماضية وانه بالرغم من التقدم الصحي والتعليمي والتشريعي الذي أحرزته المرأة الأردنية على مر السنوات الماضية الا أنه ما يزال غير قادر على إحداث تقدم ملموس بزيادة مشاركة المرأة الاقتصادية بالأردن مما يجعل الأردن يحتل ترتيبا متدنيا مقارنة مع دول الاقليم وعلى المستوى العالمي. هناك العديد من المعوقات المتداخلة التي تساهم في هذه الحالة والتي قد لا تكون كلها بنفس الاهمية ومنها أن نسبة الخصوبة ما تزال مرتفعة بالرغم من ارتفاع المستويات التعليمية للنساء وفي الغالب فإن تدني الخصوبة يقود لمشاركة اقتصادية اكثر حيث تعتبر نسبة الخصوبة لدى الإناث من أعلى النسب بالإقليم إن لم تكن أعلاها. كذلك، فإن استمرار التميز في الاجور وغير الاجور على اساس النوع الاجتماعي ما يزال موجودا علما بأنه أكثر جدية في القطاع الخاص منه في القطاع العام. وعامل آخر ذو علاقة بالقطاع الخاص يرتبط ببيئة العمل في القطاع الخاص حيث إن أغلب العاملين بالأردن يعملون في مؤسسات صغيرة ومتوسطة وهي من منظور اجتماعي بيئة غير مناسبة لعمل الإناث لأسباب عديدة وتفاقم هذه المشكلة أيضا ساعات العمل الطويلة وتدني الأجور والتي كلها تعمل لجعل العمل بالقطاع الخاص أقل جاذبية منه للعمل بالقطاع العام الذي تتركز النسبة الاكبر من الإناث للعمل به. وفي سياق الحديث عن القطاع العام، فتعاني المرأة اكثر من الرجل من البطالة المقنعة، وينتهي الامر بنسبة كبيرة من النساء بالعمل بوظائف اقل من كفاءتهن مما يؤدي للبطالة المقنعة والتي تعتبر مرتفعة في الاردن مقارنة مع الدول الاخرى من ذات مستوى التنمية. بالإضافة الى ذلك، فإن المرأة في الاردن تعاني مما نسميه بالعزل المهني العامودي حيث تعمل النساء في الوظائف ذات الدخل المتدني اكثر من الرجال وبالمقابل فإن العزل المهني الافقي يعني ان الاناث تعمل في وظائف معينة اكثر من غيرها لا بل تشكل غالبية في بعض المهن أو الوظائف. أما المسألة الاكثر خطورة بالنسبة للمرأة تكمن في معدلات البطالة المرتفعة جدا لدى الاناث وحتى المتعلمات منهن حيث إن معدل بطالة الاناث ضعف ما هو عليه لدى الذكور ومع نسبة نمو اقتصادي متدنية ولسنوات طويلة فليس من المتوقع أن تتغير هذه النسبة لا بل انها مرشحة للزيادة. هناك بالتأكيد عوامل اجتماعية أخرى ومهمة تتفاعل مع هذه العوامل التي ذكرها وخاصة في استمرار الأدوار الجندرية النمطية في النظام التعليمي واستمرار المعايير الاجتماعية التقليدية التي تؤكد على الادوار المتباينة داخل العائلة والتي تعطي أفضلية للذكور بالحياة العامة، كلها تساهم في الحد من المشاركة الفاعلة للمرأة في المجال الاقتصادي وغيره من المجالات. ان تمكين المرأة اقتصاديا لا يعود بالنفع فقط على النساء لا بل على الاسرة و المجتمع بشكل عام ويساهم في رؤية الدولة في احراز التقدم والنهضة الاقتصادية. في ضوء ما تقدم، فإن تمكين المرأة وزيادة مشاركتها الاقتصادية يشكل تحدياً كبيراً يتطلب رؤية متكاملة للنهوض بواقع المرأة ولكن في الشأن الاقتصادي فإن الانظار يجب أن تتجه للقطاع الخاص حيث إن قدرة النساء على الانخراط في القطاع الخاص تبقى غير مستغلة.اضافة اعلان