المراهقون والتحديات الخطيرة.. اندفاع نحو متعة قد تؤدي للموت

Untitled-1
Untitled-1
ديمة محبوبة عمان - ما تزال تحديات الانترنت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تجذب الصغار والمراهقين، وتزيد من اندفاعهم نحو متعة الانضمام إلى مجموعات وغرف في الانترنت تشترط تنفيذ التحدي لقبول الانضمام، ما قد يلحق الضرر والعنف بهم ويؤثر سلبيا في صحتهم الجسدية والنفسية. ومن تلك التحديات على وسائل التواصل والتطبيقات المختلفة، تحدي "التوك توك" الذي منه المضحك ومنه المخيف والخطر الذي قد يودي بحياة الناس أو التسبب بمخاطر جسدية، تحديدا حينما يلجأ لتجريبها المراهقون أو الصغار. إيطاليا، أوقفت التوك توك يوم الجمعة الماضي عن المستخدمين ذوي الأعمار غير المضمونة وغير مثبتة بعد وفاة طفلة تبلغ من العمر 10 أعوام قامت بتحدي "لعبة الوشاح" والذي أودى بحياتها. وحجبت الشبكة لهذا التطبيق حتى يوم 15 شباط (فبراير) الشهر المقبل، وأوضحت الهيئة المستقلة أن استثمار بيانات المستخدمين الذين لم يتم تحديد أعمارهم بأمان كامل يجعل هذا التطبيق محظورا، وكان هذا القرار بعد إعلان وفاة الطفلة بساعات قليلة. لعبة الوشاح أو هذا التحدي يتم من خلال امتناع الشخص عن التنفس حتى يفقد وعيه لكي يشعر بأحاسيس قوية وتتسبب في كل عام بحوادث مميتة. هذا التحدي ليس الوحيد الذي سبب الخطر وهدد أرواحا كثيرة إذ هناك تحد اسمه "bird box" تيمنا باسم فيلم للممثلة العالمية ساندرا بولك، إذ يقوم أشخاص بتعصيب أعينهم والسير على المرتفعات أو أماكن حادة على الدراجات الهوائية والتي أدت إلى موت الكثيرين. وبرنامج يك توك، المعروف في الصين باسم دوين Douyin (بالصينية)، هي خدمة شبكة اجتماعية لمشاركة الفيديو. تُستخدم منصة الوسائط الاجتماعية لإنشاء مجموعة متنوعة من المقاطع المرئية القصيرة، من أنواع مثل الرقص والكوميديا والتعليم، والتي تتراوح مدتها من 3 ثوانٍ إلى دقيقة واحدة (3 دقائق لبعض المستخدمين). اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع يؤكد أن هوس صغار السن والمراهقين بتطبيقات التواصل والامتثال للتحديات الخطيرة والمجنونة عليها، سببه في الكثير من الأحيان هي رغبة الشخص أن يكون مقبولا وجذابا للجميع، وخصوصا في فترة المراهقة، حيث يكون الشباب الأصغر سنا أكثر قابلية للتأثر بهذه القرارات والتحديات لإضافة إلى الفئة العمرية الأكبر وبعض المشاهير. وتكمن خطورة الانسياق لهذه التحديات، بحسب جريبيع، بتعرض الصغار للتنمر الذي يقع عليهم في حالة عدم قبول التحدي، كذلك الهوس بالشهرة وعدد المتابعين الذي يجعل الأطفال يخففون من خطورة الحدث وأنهم سيكونون أكثر ذكاء لكنهم يقعون ضحية الجهل في كل مرة، خصوصا مع غياب مراقبة الآباء والاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الاجتماعي. اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة يلفت إلى أن هذه التحديات القاتلة تجذب المراهقين والأطفال، وهو أمر خطير وغريب، ويزيد من نسبة العنف، حيث أصبحت هذه التحديات تستهدف الإثارة والخطورة أكثر من المتعة والتسلية. ويرى مطارنة أن السبب الرئيسي وراء هذه الميول هي المرحلة المؤسفة التي وصل إليها المراهقون، مع غياب دور الأسرة في المراقبة والتوعية، وعدم التواصل بين الآباء والأبناء، لمعرفة حدود المواقع والألعاب التي يلجأون إليها للتسلية. ويجد أن الحل هو المراقبة لما يقوم به الأبناء بشكل دائم والحوار فهو مفتاح النجاة بين الأطفال وذويهم خصوصا مع كثرة الخصوصية واخفاء الصغار ما يحدث معهم في عالم السوشال ميديا. الخبير في حقوق الطفل الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي يذهب الى أن التقدم في مجال الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات نتج عنه منافع كثيرة، لكن لا تزال هناك حاجة ماسة لمزيد من الجهود الوطنية في سبيل المواءمة بين هذه المنافع وحماية الأطفال والمراهقين من الجوانب السلبية المحتملة لهذه التكنولوجيا، وهذا يشكل تحديا كبيرا لا يجوز التراخي بالتعامل معه. ويُعد الوصول إلى المعلومات حقاً من حقوق الطفل، وفق جهشان، وتلعب الإنترنت ووسائل الإعلام الأخرى دورا أساسيا في نقل المعارف الجديدة للطفل وإكسابه السلوكات والقيم الاجتماعية الإيجابية. وفي مجال حماية الأطفال وصحة المراهقين، ساعدت التكنولوجيا بشكل مؤكد على زيادة إتاحة المعلومات العلمية والأبحاث وتوفير وسائل الحماية المباشرة في كثير من الأحيان، ومؤخرا أصبحت شبكة الإنترنت الوسيلة الوحيدة للتعلم عن بعد خلال حقبة كورونا. ووفق جهشان؛ حينما لا يخضع وصول الأطفال والمراهقين لمراقبة كافية من قبل الوالدين أو مقدمي الرعاية الآخرين، فسوف تتاح لهم حتما مشاهدة مواد عنيفة وسيئة وإباحية والمشاركة في تحديات شائعة قد تلحق الضرر بهم وتؤثر سلبيا على صحتهم وقد تؤدي المشاركة في بعض هذه التحديات الى وفاتهم. تحديات الانترنت في مواقع التواصل الاجتماعي تجذب المراهقين بشكل كبير، كونها جزءا من الاندفاع نحو متعة التواصل مع الآخرين وخاصة تحت ضغوط الأقران من الزملاء والأصدقاء والأقارب، وقد تكون التحديات الوسيلة للانضمام إلى مجموعات وغرف في الأنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي والتي تشترط تنفيذ التحدي لقبول الانضمام. أفكار التحديات التي انتشرت أو قد تنتشر على الإنترنت تتصف بالعشوائية والمخاطرة ولا ضابط لها مطلقا، وقد تستخدم مواد كيماوية أو مشتعلة أو سموما أو عقاقير طبية أو مواد مخدرة أو الكحول وقد تستخدم الكهرباء أو إشعال النيران أحيانا، أو القيام بإعمال تتصف بغياب معايير السلامة والأمن، وقد يساء استخدام مواد متوفرة بشكل طبيعي في البيئة المنزلية تلحق الضرر والخطر بسبب السوء باستخدامها. حسب المراجع الطبية الموثقة، والأمثلة التالية لتحديات في وسائل التواصل الاجتماعي، أدت لوصول مستخدميها إلى أقسام الطوارئ وغرف العناية الحثيثة بالمستشفيات وإلى المشرحة، كونها السبب بإلحاق الضرر والإصابات والمرض والوفاة بالأشخاص الذين قاموا بها: - شرب جالون (3,7 لتر) من الحليب خلال ساعة، يؤدي لتمدد المعدة والتقيؤ الشديد، والإسهال وتشكل كميات كبيرة من الغازات، والتسمم المائي، وقد ينتهي بإخفاق الجهاز التنفسي، واضطرابات شوارد الدم وما يعقبها من أثر سلبي على تنظيم كهربة القلب. - تناول ملعقة كبيرة من القرفة، قد يؤدي الى انقباض بالمسالك الهوائية وللاختناق وتلف دائم بالرئتين والوفاة. - ابتلاع كبسولات مستحضرات التنظيف تؤدي لإضرابات الجهاز الهضمي والقيء المفرط والخمول وضيق التنفس، ولإخفاق الجهاز التنفسي لاحقا، والتسمم بالمواد الكيماوية. - تحدي بابتلاع جرعة مرتفعة من عقار Benadryl بنادريل المضاد للهيستامين أدى للعديد من حالات التسمم والصرع والغيبوبة والوفاة. - لعبة الاختناق أو لعبة الإغماء بواسطة رباط أو الضغط على العنق باليد أو الساعد، والتي يعتقد من يقوم بها أنها تؤدي للنشوة، والواقع أنها تؤدي إلى نقص الأكسجين عن الدماغ وهذه مجازفة خطرة جدا قد تؤدي إلى فقدان الوعي والوفاة، وفي بعض الحالات أي ضغط ولو كان بسيطا على العنق يؤدي لانعكاس عصبي مركزي والوفاة. - تحدي وضع الملح والثلج على كف اليد أو أي مكان من الجسم، ثبت انه يؤدي الى تلف شديد في الأنسجة بسبب الانخفاض الشديد بالحرارة الناتجة عن الخليط والتي تصل الى 18 درجة مئوية تحت الصفر. - تحدي إدخال قابس شاحن الهاتف الخلوي جزئيًا في منفذ الكهرباء، ثم تحريك قطعة نقد معدني على شوكات القابس المكشوفة، وأدى هذا التحدي للتكهرب وحرق المنزل والوفاة وإصابات في العيون. - تحدي المسير والرقص بجانب مركبات متحركة والأبواب مفتوحة أدى الى العديد من الإصابات البليغة والإعاقات الجسدية والوفيات. ويلفت جهشان إلى أن عوامل الخطورة لدى المراهقين، تكمن في التأثير على الأدمغة وهي في مرحلة تطور، والجزء من الدماغ الذي يتعامل مع التفكير العقلاني، وهو القشرة الجبهية للدماغ، لا يكتمل تطورا حتى منتصف العشرينيات. هذا يعني أن المراهقين يكونون بطبيعة الحال أكثر اندفاعًا ومن المرجح أن يتصرفوا قبل التفكير في كل تداعيات وعواقب تصرفاتهم. ويضيف أن هذه البيئة التي تتصف بسرعة الحركة والاندفاع تتوافق مع سلوكات المراهقين الذين يقومون بتقليدها والاندماج في نشاطاتها خوفا من وصمة الخسارة والنبذ من قبل الآخرين ودون التفكير العقلاني في التداعيات والعواقب. ويبين جهشان أنه تمت دراسة العواقب التي تسببها ممارسات الأطفال والمراهقين لهذه التحديات، بشكل جيد، في الدول المتقدمة تكنولوجيا إلا أن هذا الأمر، على خطورته، لا يأخذ بجدية في الدول النامية على الرغم من وضوح العواقب الخطيرة لهذه التحديات. ويدعو الحكومة ومؤسسات حماية الأطفال وحماية الأسرة الى وضع الخطط والتنفيذ والرقابة على برامج الوقاية الأولية التي تستهدف الأطفال في الأسرة والمدرسة ولتوعية عامة أفراد المجتمع من مخاطر هذه التحديات. وكانت منظمة الصحة العالمية قد دعت في كثير من المناسبات إلى إنشاء مديرية في وزارة الصحة متخصصة بالوقاية من الإصابات والعنف، لكن للأسف لم يكن أي استجابة بهذا الخصوص. وإن كان التعامل مع هذه المشكلة يتطلب تعاونا على مستوى الأسرة والمدرسة والمجتمع والحكومة، إلا أن الأهم من ذلك وبكل تأكيد تحمل شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالقطاع الخاص جزءا رئيسا من الكلفة المالية لبرامج التوعية هذه كونها المستفيدة ماليا من اشتراكات المواطنين بمواقع التواصل الاجتماعي التي شكلت بيئة خطرة لإلحاق الضرر بالمراهقين عبر مشاركتهم بهذه التحديات الخطرة.اضافة اعلان