المستقبل هو الآن: صعود الذكاء الاصطناعي وكيف سيشكل الغد

الذكاء الاصطناعي مرشح لتغيير المستقبل - (أرشيفية)
الذكاء الاصطناعي مرشح لتغيير المستقبل - (أرشيفية)
ريجو مال‏* – (موديرن دبلوماسي) 5/2/2023 ترجمة: علاء الدين أبو زينة تقع على عاتق المجتمع مسؤولية ضمان أن يتم تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وأخلاقية. وسوف يتطلب هذا تعزيز التعاون بين الحكومات والشركات والأفراد لوضع التنظيمات والمعايير، وتوفير برامج التعليم والتدريب، وضمان تقاسم فوائد الذكاء الاصطناعي بشكل منصف.‏ * * كان الذكاء الاصطناعي موضوعًا للكثير من التكهنات والنقاش في الخيال العلمي لعقود عدة؛ حيث توقع العديد من الخبراء أنه سيُحدث ثورة في طريقة حياتنا. من الرعاية الصحية إلى التمويل، يقوم استخدام الذكاء الاصطناعي بتحويل القطاعات بسرعة. ويؤدي اعتناق تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى إطلاق العنان للإمكانات الكاملة لوصول الغد بطرق غير مسبوقة. من السيارات ذاتية القيادة إلى العلاجات الطبية المشخصنة، يقوم الذكاء الاصطناعي بتشكيل مستقبلنا كما لم يحدث من قبل. وبينما نقف على أبواب عصر جديد، من المهم كثيرًا أن نفهم صعود الذكاء الاصطناعي وتأثيره على عالمنا. ولا شك في أن دراسة تحولات الذكاء الاصطناعي وما ينتظرنا معه في الفصل الجديد من تاريخ البشرية تصيب المرء بالذهول.‏ الذكاء الاصطناعي هو قدرة أجهزة الحواسيب والآلات على أداء المهام التي تتطلب عادة ذكاء بشريًا، مثل الإدراك البصري، والتعرف على الكلام، واتخاذ القرار وترجمة اللغة. وكان مجال الذكاء الاصطناعي موجودًا منذ عقود عدة، لكن التطورات الحديثة في قوة الحوسبة وتخزين البيانات وخوارزميات التعلم الآلي غذت بقوة نموه السريع.‏‏ لعل أحد أهم آثار الذكاء الاصطناعي هو زيادة الكفاءة والإنتاجية. يمكن للأتمتة، من خلال أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات، أداء المهام المتكررة والمملة والخطيرة بسهولة كبيرة، مما يحرر البشر ويتيح لهم الوقت للتركيز على عمل أكثر ابتكارًا واستراتيجية. في قطاع الرعاية الصحية، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات هائلة من البيانات الطبية لتحسين التشخيص والعلاج، مثل العمليات الجراحية وخطط العلاج عالية الدقة. وفي مجال التمويل، يتم استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات الاستثمار، واكتشاف الاحتيال، وأتمتة عمليات المكاتب الإدارية.‏ يجادل المدافعون عن الذكاء الاصطناعي بأن هذه التطورات ستؤدي إلى تكوين مجتمع أكثر كفاءة وإنتاجية وتقنية، حيث يكون لدى الأفراد المزيد من الوقت والموارد للتركيز على مساعٍ من مستويات أعلى. كما يجادلون بأن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على حل المشاكل المعقدة، مثل تغير المناخ والمرض، بطرق كانت مستحيلة في السابق.‏ ‏ ومع ذلك، يثير منتقدو الذكاء الاصطناعي مخاوف بشأن تأثيره على التوظيف. وهم يزعمون أن الأتمتة ستؤدي إلى فقدان الوظائف على نطاق واسع، حيث تحل الآلات والروبوتات محل العمال البشريين في العديد من الصناعات. وقد يؤدي ذلك إلى زيادة الفقر وعدم المساواة، حيث يكافح أولئك الذين يفقدون وظائفهم للعثور على عمل جديد في سوق عمل تنافسي مسبقًا.‏ لا تخلو هذه الحجج من الوجاهة. فقد أدت الأتمتة بالفعل إلى تشريد العمال في العديد من الصناعات، ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع انتشار الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع. ومع ذلك، من المهم أيضا مراعاة أن الأتمتة كانت قوة دافعة وراء النمو الاقتصادي لقرون عدة، وخلقت باستمرار فرص عمل جديدة، حتى عندما حلت محل الفرص التي كانت قائمة في الوقت الذي ظهرت فيه.‏ ‏ على سبيل المثال، أدى صعود صناعة السيارات في أوائل القرن العشرين إلى تشريد سائقي العربات التي تجرها الخيول، ولكنه خلق أيضًا وظائف جديدة في التصنيع والمبيعات والخدمة. ويمكن قول الشيء نفسه عن صعود صناعة الكمبيوتر في أواخر القرن العشرين، التي حلت محل العمال في صناعات العمل اليدوي، ولكنها خلقت أيضًا وظائف جديدة في تطوير البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات والمجالات ذات الصلة.‏ لذلك، من المرجح أن يؤدي صعود الذكاء الاصطناعي أيضًا إلى خلق فرص عمل جديدة، حتى عندما يحل محل الفرص القائمة. سيكون هناك طلب متزايد على علماء البيانات، ومهندسي التعلم الآلي، وخبراء أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، من بين آخرين. وهذه وظائف ذات مهارات عالية وذات رواتب عالية ستوفر للأفراد الفرصة للمساهمة في المجتمع بطرق ذات معنى.‏ ‏ ومن الآثار الأخرى للذكاء الاصطناعي إمكانية إدامة التحيزات والتمييز القائمة الآن. في الأساس، تكون أنظمة الذكاء الاصطناعي غير متحيزة فقط بقدر ما هي البيانات التي يتم تدريبها عليها، وإذا كانت هذه البيانات تحتوي على تحيزات، فمن المحتمل أن يعيد نظام الذكاء الاصطناعي إنتاج تلك التحيزات في مخرجاته. على سبيل المثال، تم العثور على خوارزميات في تقنيات التعرف على الوجه كانت أقل دقة في التعرف على الأفراد ذوي البشرة الداكنة، مما يديم التحيزات العرقية الحالية.‏ وهذا شاغل مشروع، ومن المهم أن يتخذ المجتمع خطوات للتخفيف من الآثار السلبية المحتملة للذكاء الاصطناعي. ويمكن أن يشمل ذلك وضع اللوائح التي تضمن تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي ونشرها بطريقة مسؤولة وأخلاقية، إضافة إلى برامج التعليم والتدريب لمساعدة الأفراد على تطوير المهارات اللازمة للعمل في صناعة الذكاء الاصطناعي سريعة التطور.‏ ‏ في الختام، يقوم صعود الذكاء الاصطناعي بتشكيل مستقبل المجتمع بطرق هائلة، ومن المهم النظر في كل من الفوائد والتحديات المحتملة التي تمثلها هذه التكنولوجيا. وفي حين أن لدى الذكاء الاصطناعي القدرة على زيادة الكفاءة والإنتاجية وحل المشكلات المعقدة، فإنه ينطوي أيضًا على إمكانية إدامة التحيزات الحالية ويؤدي إلى فقدان الوظائف. ومع ذلك، وكما هو الحال مع أي تقنية تُحدِث خلخلة عميقة في النظام السائد، من المحتمل أن يؤدي ظهور الذكاء الاصطناعي أيضًا إلى خلق فرص عمل جديدة والمساهمة في النمو الاقتصادي.‏ ‏ تقع على عاتق المجتمع مسؤولية ضمان أن يتم تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وأخلاقي. وسوف يتطلب هذا تعزيز التعاون بين الحكومات والشركات والأفراد لوضع التنظيمات والمعايير، وتوفير برامج التعليم والتدريب، وضمان تقاسم فوائد الذكاء الاصطناعي بشكل منصف.‏ ‏ في ضوء التقدم السريع الحادث في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لدى باكستان الفرصة لتسخير هذا الابتكار لدفع النمو الاقتصادي والقدرة التنافسية. ومما لا شك فيه أن البلد في حاجة إلى الانتقال من المنهجيات التقليدية التي عفا عليها الزمن إلى منهجيات أكثر تقدمًا وتقنية. وسوف تؤدي هذه العملية، التي أشار إليها الخبير الاقتصادي جوزيف شومبيتر باسم “التدمير الخلاق”، إلى إحداث تحول في الاقتصاد. وفي حين أن التدمير الإبداعي المتسارع قد يجلب تحديات قصيرة الأجل، فإن لدمج الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات القدرة على تحقيق فوائد طويلة الأجل مثل زيادة الكفاءة والإنتاجية والقدرة التنافسية. ولتحقيق هذه الفوائد بالكامل، يتعين على الحكومة والقطاع الخاص أن يستثمرا في الذكاء الاصطناعي من حيث البحث والتطوير، والتعليم، والبنية الأساسية.‏ ‏ كما أظهرت التطورات، فإن صعود الذكاء الاصطناعي هو سيف ذو حدين، يقدم فرصًا ويخلق تحديات على حد سواء. وبينما نواصل تشكيل المستقبل مع الذكاء الاصطناعي، من المهم أن ننظر في كل من فوائده المحتملة وعواقبه الممكنة، واتخاذ نهج مسؤول وأخلاقي لتطويره ونشره. إن المستقبل هو الآن، وسيكون للطريقة التي نشكل بها دور الذكاء الاصطناعي في حياتنا تأثير عميق على مستقبل البشرية. وإمكانية التدمير الخلاق في بلدنا متاحة مع الظروف الاقتصادية الحالية، إذا تم جعل الأساليب والاعتبارات المناسبة والاستباقية شفافة من خلال الاستثمار في برامج التعليم والتدريب لتطوير المهارات اللازمة لمواكبة تطور صناعة الذكاء الاصطناعي.‏ ‏ *ريجو مال‏ Reejhu Mal: ‏اختصاصي مادة الرياضيات في مدرسة دورو نارو الثانوية الحكومية العليا للبنين، باكستان. *نشر هذا المقال تحت عنوان: The Future is Now: The Rise of AI and its Shaping of Tomorrow اقرأ المزيد في ترجماتاضافة اعلان