المشكلة في إسرائيل

وحدهم الذين لا يريدون السلام يصرون على طرح خيار الكونفدرالية بين الأردن والضفة الغربية بديلاً عن إقامة الدولة الفلسطينية سبيلاً لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي. الأردنيون يرفضون الكونفدرالية. وكذلك الفلسطينيون. وأي حديث عن هذا الخيار هو، حسب ما أكد جلالة الملك عبدالله الثاني في مقابلته مع "الغد" التي نشرت أمس، مؤامرة ضد الأردن والفلسطينيين.

اضافة اعلان

وراء هذه المؤامرة إسرائيل التي أثبتت أكثر من 15 عاماً من المفاوضات أنها لا تريد السلام. فرغم معرفة إسرائيل أن طرح الكونفدرالية ميت لا يمكن إحياؤه، تظل تسعى الى الهروب اليه مخرجاً من تلبية شروط السلام التي يشكل استقلال الفلسطينيين أساسها.

تدعي إسرائيل أنها تريد انهاء الصراع العربي - الإسرائيلي. لكنها لا تفعل شيئاً للتقدم نحو حل يحمل مقومات الديمومة. العرب أجمعوا على مبادرة السلام التي تفرض على إسرائيل سلاماً شاملاً مقابل انسحاب كامل. أوروبا تدعم حل الدولتين. وكذلك الرئيس الأميركي جورج بوش رغم أنه لم يتخذ خطوة فاعلة واحدة لتحقيق رؤيته لحل الصراع على أساس قيام دولة فلسطينية تعيش بسلام الى جانب إسرائيل.

الأزمة إذن في إسرائيل. هي التي سببت الصراع وهي التي تديمه برفضها تنفيذ متطلبات السلام ومحاولتها ترحيل أزمتها الى الأردن. من هنا جاءت رسالة الملك الواضحة الى إسرائيل أن أوضحي نواياك تجاه الفلسطينيين.

قرار السلام بيد إسرائيل. هذه حقيقة نجحت إسرائيل في تزييفها عند الرأي العام العالمي على مدى عقود حملت خلالها العرب مسؤولية تعذر إيجاد حل للصراع العربي - الإسرائيلي.

بيد أن الحراك الدبلوماسي الفاعل الذي قادته دول الاعتدال العربي أخذ يؤتي قطافه تعريةً للموقف الإسرائيلي. والتفتت إسرائيل الى هذا التغير. فكثفت حملاتها الإعلامية التي حاولت أن تعتم على الموقف العربي الإيجابي إزاء الجهود السلمية والتركيز على تصريحات عنترية لا تخدم إلا إسرائيل، مثل إعلانات الرئيس الإيراني حول حرق إسرائيل أو إزالتها عن الخريطة.

إسرائيل عدو صعب. تميزت عن العرب على مدى عقود الصراع بانتهاجها العمل المبرمج المدروس والخطط طويلة الأمد سبيلاً لحسم الصراع لمصلحتها. أما العرب ومن يدعي مناصرتهم فارتكن الكثير منهم الى الشعارات وما يزال المزاودون بينهم يخدمون إسرائيل بهذه المزايدات التي لم يترجموها يوماً الى فعل.

لن يحرق الرئيس الإيراني إسرائيل. لم ولن يطلق عليها طلقة واحدة. لكنه لا يفوت مناسبة إلا ويتهدد ويتوعد سعياً وراء شعبوية لا تدوم. وهو في ذلك لا يقف وحيداً. فسوق المتاجرة بمعاناة الفلسطينيين وعدالة قضيتهم زبائنها كثر من أنظمة وتيارات ترى في إدامة معاناة الفلسطينيين مادة خصبة للشعارات والعنتريات التي تغطي بها عجزها وفشلها.

لم يحصل الشرق الأوسط على السلام الذي يستحقه لأن إسرائيل لم تتراجع عن ظلمها ولم تنهِ احتلالها. وبالتالي فإن على كل من يريد السلام أن يطرق باب إسرائيل. لكن يجب طرق هذا الباب بالأدوات التي تعود على الفلسطينيين بالنفع لا بتلك التي تقدم هدايا مجانية لإسرائيل. لا بد أن يستمر الضغط على الإسرائيليين حتى يستوعبوا أنهم لن يحصلوا على الأمن ما لم يحصل الفلسطينيون على الدولة. وفي موازاة ذلك، يجب أن تتوقف المتاجرة بالقضية الفلسطينية. فما يحتاجه الفلسطينيون هو عمل جاد لنصرتهم، لا استغلالا رخيصا لمعاناتهم.