المصارف الإسلامية.. نمو الأصول والإدارة الكفؤة

*د. غسان الطالب

أثبت قطاع التمويل الإسلامي القدرة والكفاءة العاليتين في مواجهة التحديات التي واجهها قطاع المصرفية التقليدية في العالم، خاصة بعد تداعيات الأزمة المالية على الاقتصاد العالمي وعلى القطاع المصرفي بشكل خاص، وبدأ العديد من دول العالم يسعى للاقتراب من هذا القطاع والاستفادة منه كأداة للحصول على السيولة لمعالجة الاختلالات المالية التي شهدتها اقتصاداتها بسبب انهيار العديد من كبرى البنوك والمؤسسات المالية لديها.اضافة اعلان
لهذا تبرز لنا مهمة جادة أمام المصرفية الإسلامية تتمثل في نوعية وجودة إدارة الأصول التي تحوز عليها والتي تقدر حاليا بما يزيد على 1.3 تريليون دولار وهي مرشحة كذلك للنمو بشكل متسارع في غضون السنوات المقبلة.
وتعد إدارة الأصول قطاعا مهما ووسيلة مثلى لتبني استراتيجية نمو وتتطور للمصرفية الإسلامية لتمكينها من الابتكار لمنتجات مالية جديدة تلائم حاجة السوق المصرفي المحلي والعالمي وتلبي حاجة عملائها وفق مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية في الوقت الذي يتوقع فيه خبراء مصرفيّون أن تصل حصة المصارف الإسلامية إلى ما يقرب 40 % من إجمال أصول المصارف العربية مع نهاية العام الحالي، وهذا يؤشر على زيادة في نسبة نمو أصولها، ويمكن أن يعزى هذا الى الانتشار السريع والواسع لها في السنوات الأخيرة.
أهم شيء في إدارة الأصول المالية هو الشفافية مع المستثمرين والعملاء ووضوح في الأدوات الاستثمارية المتوفرة لديها وكيفية استخدامها، ثم المخاطر التي قد تواجه الاستثمار المتجه إليه المصرف أي طرق توظيف الأموال لكسب ثقتهم وتحقيق نتائج أفضل، كونهم شركاء في المال والاستثمار والمخاطر، وهذا يتطلب جهات رقابية كفؤة متمثلة بما يلي:
- دور رقابي للمصرف المركزي بما يتلاءم وفلسفة هذه المصارف ولا يتقاطع كذلك مع احتياجات السياسة النقدية للبلد.
- رقابة شرعية متابعة لجميع عمليات الاستثمار ووسائل التصرف بالأصول التي في حوزة المصرف.
- رقابة داخلية متمثلة في بناء جهاز إداري سليم ونظام محاسبي دقيق يتفق مع المعايير الدولية، وكذلك هيئات تفتيش مفاجئة ومباشرة.
كما يتطلب من المصرف الإسلامي تدريب وتطوير الكوادر العاملة لديه خاصة في مجال الاستثمار حتى تتعرف على أحوال الأسواق المالية وكفاءة استخدام الأدوات المالية الخاصة بالاستثمار ثم مراجعة أدائها بشكل دوري لتطويره.
لهذا وحتى نتوصل إلى إدارة كفؤة للأصول في المصارف الإسلامية، نقترح ما يلي:
- إيجاد فرص استثمارية مناسبة للفوائض المالية لديها.
- المحافظة على حالة التوازن بين الحاجة للسحوبات النقدية واستثمار الفائض منها.
- التوظيف الأمثل للسيولة لتحقيق عائد أفضل لأصحاب الأموال المودعة لغرض الاستثمار وكذلك المساهمين.
- تأكيد دور المصرف الإسلامي كوسيط مالي بين صاحب رأس المال والمستثمر، وذلك من خلال تنويع أدوات جمع المدخرات ثم إعادة توظيفها بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية.
- الابتعاد عن الأصول التي لا تعود بالفائدة على المجتمع ولا تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
- إعطاء أهمية لدراسات الجدوى الاقتصادية قبل الدخول في استثمارات كبيرة قد ترتب التزامات مالية تفوق قدرة المصرف على تغطيتها.
أمام جميع المكاسب التي حققها قطاع المصرفية الإسلامية محليا وعالميا، نتوجه إلى جميع الباحثين والمنظرين له إلى عدم التوقف إلى ما توصلنا إليه، بل مطالبون كذلك بالتصدي للمشككين بمصداقيته، وذلك بالمنطق والواقعية وإثبات الذات، وهذا يتطلب إدارة كفؤة للأصول تحافظ كذلك على ما تم إنجازه.

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي